هجمة الروابي
سهير جرادات
تابعت مثلي كباقي أفراد المجتمع الأردني تلك #الهجمة الشرسة التي وجهت لمسلسل ” #مدرسة #الروابي للبنات ” ، وأستمعت للحملات الإعلامية التي قادها بعض الزملاء الإعلاميين بتوجية الانتقادات الشديدة لهذا المسلسل ” الجدلي” من حيث الطرح غير المسبوق لقضايا حقيقة وواقعية .
وبعد سؤالي المتكرر عن رأيي في #المسلسل ، أصبح لزاما علي ان اقتطع بعضا من وقتي ، وأن اشاهد المسلسل لاتمكن من ابداء الرأي ، بدايةً علينا ان نتفق على أن هناك خلافا واختلافا بين العديدين من حيث طرح مشاكلنا وإخراجها للعلن ، وبين عدم الخوض فيها من باب عدم البوح بالامر حتى لا يتم تعميمها والصاقها وتثبيتها بخصائص الشعب الأردني ، لكن يبقى الخوف من أن التستر عليها يبقى هذه المشاكل دون طرح للحلول وعدم السعي الى تحجيم المشكلة والقضاء عليها أو على الأقل الحد منها .
كذلك الأمر ينطبق على #العبارات #الجارحة للحياء التي تداولتها #فتيات مدرسة الروابي في المسلسل ، وهي محط انتقاد من الجميع ، وذكرها بالتأكيد يسيء الى مجتمعنا ومن قبله الى فتيات الأردن وانوثتهن ، الا انه ومن باب الانصاف ان الكلمات التي أدرجت في المسلسل لا تشكل الا اليسر البسيط مما يتم تداوله في مجتمعنا بين هذه الفئة العمرية ، والطلبة تحديدا حيث يتم تداول هذه العبارات الخادشة للحياء على نطاق واسع وتحت مصطلح ( التطعيم )، والمؤلم بأن الشباب والبنات يتداولونها من باب الرقي والتفاخر، ولا يعدونها تمس شرفهم ، وكأن الشرف لا يرتبط بالأم ولا بالأخت ..
وبالعودة الى ما طرحة مسلسل ” مدرسة الروابي للبنات ” فأجد من وجهة نظري المتواضعة وانا لست ناقدة سينمائية لكن كمواطن اردني مشاهد وصحافية متابعة لكثير من القضايا المجتمعية اجد أن المسلسل استطاع ان يضع اصبعه على قضايا مهمة في المجتمع موجودة داخل اسرنا وهي التي تقود المزاج العام وتوجة الراي العام وتؤثر سلبا على قيمنا واخلاقياتنا..
ومن اهم القضايا التي طرحها المسلسل قضية ازدواجية الشخصية التي يعاني منها كثير من الاسر ، حيث طرح المسلسل نموذج العائلات التي تفرض على بناتها الالتزام باللباس الشرعي دون ان تغرس فيهن قيم الايمان الحق ، ويتم الضغط بهذا الاتجاة والتضيق على افراد الاسر بحجة ان الستر والحجاب هما عنوان للزواج وليس عنوانا للايمان !!..
كما افرد المسلسل نموذجا لبعض عائلاتنا المتنفذة لانتماءاتها الجهوية فحصدت المراكز لانتمائهم المناطقي وليس على أساس الكفاءة، وعلى الرغم من علو المناصب التي يصلونها إلا ان العقلية تبقى تحمل فكرة التخلف والرجعية، وانعكس ذلك على عقلية الأبناء ، وظهرت عندما نفذ الأخ حكم الإعدام رميا بالرصاص بحق الأخت رغم عدم قناعته وتردده في القتل من أجل الشرف ، إلا ان الضغط المجتمعي اقوى من القناعات الراسخة لدى الشخص !!..
كما طرح المسلسل نموذجا لمجتمع العائلات التي على الرغم من امتلاكها للمال ومستوى الاخلاق الراقي ، الا انها تفتقد للنفوذ فتجد لديهم حيزا كبيرا من الخنوع امام من يمتلكون النفوذ لشعورهم بعدم الاندماج بالمجتمع وهو مؤشر خطير الا انه موجود بالمجتمع ..
وطرح المسلسل نموذجا موجودا بالمجتمع ، أصبح منتشرا جدا ، وهو لأم أو الأب أحاديين ، أي الأطفال نتاج الانفصال والتأثير المجتمعي عليهم ، حيث عرض نموذجين الأول لأم منفصلة تقع على عاتقها مسؤولية تربية (بنتين ) في مجتمع لا يرحم المطلقة ويرصد زلاتها في تربية الأبناء وخاصة البنات ، ورغم الوضع المادي المتواضع إلا ان الأهم هو توفير مستوى تعليمي افضل رغم كلفته المرتفعة ، وهذا مؤشر الى ان مدارسنا الحكومية يوجد بها إشكاليات أكبر مما أشار إليها المسلسل إلا انه لم يخض بها ..
والنموذج الاخر لمديرة المدرسة التي هي ام منفصلة وتربوية مسؤولة عن تربية الأجيال وترسيخ القيم التربوية ،إلا انها أخفقت في تربية ابنها الذي كان ( الدونجوان) ، وارتبط بعلاقة صداقة مع احدى طالبات المدرسة التي تقوم والدته بإدارتها على الأسس التربوية ..
إلا ان هذه المديرة حالها حال الكثير من المدارس التي نسيت او تناست القيم التربوية مقابل الخنوع لاصحاب السلطة والنفوذ او أصحاب الملاءه المادية حيث تسقط امامهم جميع القيم التربوية ، ويتم التغاضي عن كثير من المبادىء التربوية مقابل ان تبقى المدرسة تجني الأرباح المادية ، وهو مؤشر الى أن التجارة قد وصلت الى التعليم بطريقة دمرت منظومتنا التربوية ، حتى شهد التعليم تراجعا كبيرا ..
فيما عرض المسلسل نماذج من الأسر التي تعاني من تعاطي المشروبات الروحية ، وهي أقل درجات الإدمان خاصة ونحن نتحدث عن مشكلة انتشار المخدرات في منازلنا سواء المشروبات الروحية او الحبوب المنشطة او الهيروين والمروانا وغيرها العديد من الأسماء والأصناف، وكيف ينعكس ذلك على الأسرة وتحول شخصيات افراد الأسرة لتقمص التنمر او الاستعراض ..
كما عرض نماذج للأسر العادية التي تقوم على التوازن حيث الأم الملتزمة دينيا، والأب المحب لابنائه ، الذين يتركون لابنائهم حيز الحرية لاختيار ما يناسبهم من فكر وتوجه ، إلا ان انعكاسات غياب القيم في المجتمع تؤثر سلبا عليهم وتحولهم لشخصيات (مغلولة ) يفجر الظلم الذي يتعرضون له من المجتمع عن شخصيات مدمرة وشريرة، وتحول التربية الصحيحة الى نتائج غير مرضية ..
لن افسد على من لم يشاهد المسلسل من نهايته المعبرة، والتي تأخذك الى تحليل جميع ما ذكر ، إلا ان كل هذه النماذج هي أهم مسبب لنمو التنمر في المجتمع الذي يناقشه المسلسل .. وما يتوصل اليه المسلسل من نتائج هي خلاصة امراضنا الاجتماعية التي نعانيها داخل منازلنا..
هل علينا أن نعترف بمشاكلنا ونناقشها على الملأ ؟! أم نبقى نخفيها ونتستر عليها دون طرح للحلول ؟! جميعها اسئلةٌ تبقى برسم الأجابة؟!
Jaradat63@yahoo.com