أبي وأمي

أبي وأمي
سالم فلاح المحادين

أحيانا أرفض فكرة مرور ستة أعوام على رحيل أمي وخمسة على رحيل أبي أي خمسة على غيابهما معًا ! مضي السنين بلاهما يبدو أمرًا مثيرًا للجدل ، هو قضاء الله وقدره لا خلاف على ذلك ولكنك تصل أحيانًا لعتاب ذاتي يتمحور في تهاطل الأسئلة حولك منك و إليك : كيف أرى طعم الأيام ؟ ماذا عن السنين الطوال التي مرت وأنا في أمنهم وأمانهم بعد رب العالمين ؟ هل كنت عاقًا بهما دون أن أعلم ؟ كيف لي أن أخبر الناس جميعًا عن مدى وكيف اغتنام اللحظات معهما قبيل الرحيل ؟

أحيانًا أيضًا فإنك تستغرب كم الشجاعة الذي امتلكته وصولًا إلى ما أنت عليه فالأمر قبل الرحيل يبدو وكأنه لو تحقق سيغدو مرًا لا يُطاق وعليك أنت أن تواصل رغم هذا المرار ودون أن يظهر أو يترك أثرًا بارزًا فيك ومنك وعليك !

مؤلمٌ أن تُواصل بحثك وسط ضجيج الأعوام عن أصواتهم فلا تجدها ، مؤلمٌ أن تُخبرك اللحظات متى شاءت أن سمفونية مناداتهم بإسمك قد رحلت وأنه بات لزامًا عليك أن تضعف وصولًا إلى القوة ، وبات لزامًا أن تبكي ما أمكن ، وبات لزامًا أيضًا أن تعود طفلًا يجمع الحروف كأنها قطع الليغو ليصنع منها نصًا على هيئة منزلٍ جدرانه بحاجةٍ للدفء ، عليك بطبيعة الحال أن تمضي يتيمًا يتحسسُ كل حينٍ عاطفته مُتأملًا تقلباتها وكيف باتت باهتةً بعد فقدان الحنين ، لذا عانق عنفوانك وأخلد إلى غفوةٍ قاسية بإمكانها أن تلملم بصخبٍ ما يعتريك من فقد ؛ ثم أحلم بغدٍ مشرق .. مُشرقٌ رغم كل حديثٍ ما عاد يُحكى ولن يُحكى ، ورُغم بريقٍ كان في عينيك كذلك الأمر ؛ لن يُحكى !

مقالات ذات صلة

٢٦ / ٢ هو التاريخ الذي أصابني بالوهن والقوة ، بالضعف والثبات ، بالجبن والشجاعة ، تاريخٌ غرز في خاصرتي ذكرى لم ولن تُنسى ثم وماذا نملك إلا الدعاء ؟ رحم الله أبي وأمي وأسكنهما فسيح جناته والحمد لله رب العالمين ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى