
” هابي نيو يير”
د. محمد سعود شواقفة
ربما لن يصدقني الكثيرون اذا اخبرتهم انني تفاجئت بأن اليوم هو آخر يوم بالسنة …. لم يك لدي فعلا أي مخططات كعادتي طوال عمري الذي اقترب قليلا من نصف قرن …. و لكن ربما بعضا من انشغالي قد ساهم هذه السنة بأن لا أتنبه الا متأخرا فعلا ….
فقد سافرت بأطراف نهاية 2017 و كنت فعلا منشغلا بالتنقل بين عالمين مختلفين …. و ربما ساهم عدم متابعتي للاخبار تقريبا لنفس السبب و انقطاعي عن العالم الافتراضي الذي بات يشكل تفاعلي الاجتماعي الحقيقي مع الاحداث …. و لكن لغاية الليلة و ربما قبل دقائق بدأ هاتفي بتلقي سيلا من التهاني و النكات و الفيديوهات عن 2017 و 2018 ….
لم أحتج كثيرا لأدرك أن اليوم هو آخر يوم في الشهر ….قبل أن استنتج انه آخر يوم في السنة ….فهو اليو الاغلى و الاجمل لكل موظف …. لا بد أن الراتب قادم…. لا أعتقد أن هذه أمنية فحسب !!!!
لم أعتقد أنني خسرت كثيرا عندما سمعت عن حفلة القرن التي سيحييها كاظم الساهر في جزيرة ما …. و ستكون مجانا لمن يحضر أولا … و لكنني بدأت أقلب صفحات لم ازرها من قبل … أين ستقضي ليلة رأس السنة ؟! … يبدو أنني انتمي لمجتمع جله مختلف لا علاقة له بما يحدث و يدور … و هذا ايضا لم يجعلني اشعر بالنقص و لكن اشعرني بالغرابة .
اتمنى ان يعود الزمان فلا نشهد اياما كالتي شهدنا بعضها في 2017.. و لكن الزمان لا يعود للوراء ….و لا يمكن لأي كان أن يتخيل حياته بشكل معكوس ….
ولكن جدلا … لو أن العمر يبدأ بالعودة للوراء …. فكل يوم نصبح أصغر عمرا …. ماذا كنا سنفعل بشكل مختلف…
كم يوم كان سيكون مختلفا … حكايات بدأناها و ربما لم تكتمل فصولها ….. قصص لم نعرف نهاياتها … أو نهايات شهدناها و لم نك فعلا مستعدين لها ….
أنا متأكد بأن بعضنا كان يحب أن لا تنتهي السنة دون أن يعتذر لأحد أخطأ بحقه ….. و لا بد أن كثيرا منا يتمنى لو كان بين يديه مزيدا من الزمان ليقول لصديقه كلاما لم يتسن له قوله …. كم من لحظات وداع هزمها الزمن و لم يحفر في جداريته أي ذكرى …. كم من لقاءات كانت لربما أجمل لو طال زمانها … يا لقسوة اللحظات التي تغادر قبل أن ينهي محب خواطره لحبيبته تنتظره ان يبوح . أليس حريا بالزمان أن يعود ليودع ذلك الراحل من لم يعرف انه لن يراهم مرة أخرى …. هل يمكن أن نعيد النور الذي حجبه ظلام الليل الذي حل باكرا…. لو يعود الزمن لحظة … فتكفكف الدموع فلا تنهمر من عيون حزينة … و لا يكون هناك حزن أو بكاء ….
لو يعود الزمان …. ربما قد نقول كلاما لم نقله بعد و ربما لن نقول كثيرا مما قلنا….
العام القادم أزف و حل سواء رغبنا بذلك أم لا في جعبته ما يخبئه لنا القدر …. سيكون فيه كالعادة من كل صنف و لون …. افراح و احزان … آمال و آلام …. تفاؤل و تشاؤم ….
لن تشغلنا القدس فهي باقية و لن تشملها احداثيات الزمان…فهي نفسها جرح لن يتغير بين يوم و آخر …. و شجرة ميلاد دبي و العاب برج العرب النارية ….لا تغضبنا و لا تجعلنا نفكر بحزن و ألم .
و احتفالات البوليفارد و حفل تامر الذي لم يكتمل لا يجعل اي مواطن مهموم
يشعر بالحنق و الهم …. فلا بنزين مغشوش سيجعل حياتنا صعبة ولا أي ضريبة لو تمت إضافتها في آخر لحظات ….لكنني أتمنى أن يكون هذا العام القادم متحيزا لنا فلا ينالنا منه سواء الفرح و الحب و السلام … و ربما ندرك جميعنا أننا من يصنع اقدارنا و ليست ما يتوقعه لنا المنجمون ….
” مش دبوس”


