
اين الاسلام الحقيقي يا تُرى !!
لا اعتقد انّ مثل هذا السؤال بات غريباً في ايامنا هذه , بل واكثر من ذلك لا بد لكل مسلم ان يطرح هذا السؤال على نفسه بين الفينة والأخرى كي لا يتناسى حقيقةَ انَّ مُعظم ما يدور حولنا من وقائع له ارتباطٌ بشكل او بآخر بدين الاسلام , ذاك الدين الذي منذ اللحظات الاولى لبزوغ شمسه اصبح حديث القاصي والداني وما زال كذلك حتى يومنا هذا وان حاول البعض اخفاء معالم هذه الحقيقة الا ان ما يدور في دول العالم من احداث ووقائع يجعل منه امرا واضحا وضوح الشمس في كبد السماء ” القتل , التفجير , سفك الدماء , الظلم , قهر المراة , الكراهية ,,الخ ” كل هذا وأكثر ينسب الى الاسلام في حال وقع اي فعل مشين هنا وهناك والذي يصب بأكمله الى ما يعرف ب ” الاسلام فوبيا ” اشاعة وتوليد الخوف من الاسلام واهله لمجرد ذكر اسمه نتيجة ما يختزنه العقل من افكار وتصورات واحكام مسبقة عن الاسلام واهله عبر فترات زمنية مضت ليس من السهولة ابدا تغييرها وتعديلها بأخرى ايجابية تطغى عليها اذ انها اصبحت بحكم الصور النمطية والقالب الجامد كما يطلق عليها علماء العلاقات العامة .
أدرك جيدا ان هذا الموضوع يعد من ابرز المواضيع الشائكة لست الطرف الوحيد قطعا الذي تناوله بمقال او بحث او ندوة او غيرة من الوسائل الاعلامية , ولكني اكتب مقالي هذا محاولا من خلاله تسليط الضوء على امر لا بد لقادة الفكر والدعوة في عالمنا الاسلامي ان يعيروه جل اهتمامهم بدلا من الاكتفاء وكما طال علينا الامد بمحاضراتهم الدعوية ذات النسق الفكري المعهود وبنفس المنهج المعتمد على جزئية بسيطة جدا من الاسلام تتمثل في العبادات والاخلاق الفاضلة وغيرها ويكأن الدين لا يشتمل الا على هذه الجزئية !! انا لا ألغي دور هذه الجزئيات وحاجتنا اليها مُلحّةٌ لا شك في ذلك فالنفس البشرية جبلت على النسيان وحب التذكير ولا بد من هذا الدور الدعوي وجزى الله من يقوم به من العلماء خير الجزاء , ولكني في خضم ما تعيشه امة الاسلام في وقتنا الراهن من ازمات متلاحقة وما نتج عنها من تداعيات لم يعد محور الحديث عنها مقصورا على الكبار بل تعداه منذ زمن ليصل الصغار , اقول متعجبا اما آن الاوان ان يتم تغيير نمط الخطاب الدعوي ليشمل فقرات تثقف الشباب بحقيقة دينهم وتجيبهم عن الاسئلة الشائكة التي تعترض طريقهم فلم يجدوا من علمائهم جوابا كافيا عليها فدفعهم للبحث عن مصادر اخرى اوصلتهم الى رفض الدين بأكمله والدخول في زمرة الالحاد , ولا اعتقد انه يخفى عليكم ان حركة الالحاد بين شبابنا في الدول العربية في ازدياد ملحوظ جدا لا يجب اغفاله ابدا , وقد اطلعت شخصيا على عدة امثلة لشباب كانوا خلال فترة زمنية ليست ببعيدة محسوبين على اهل الالتزام ومنهم الحافظ لكتاب الله المصلي الخمس جماعة في مسجد , وفي ليلة وضُحاها ينقلبُ كُليا ليصبح مُلحدا شغله الشاغل ان يطعن في الدين من خلال تأكيد ما يتم نشره عن الاسلام واهله من صورٍ نمطيةٍ قبيحةٍ في كل مكان ويقوم بدورٍ اشبه بدور شاهد العيان , ويصبح الطعن من داخل دول الاسلام ولا يبقى محصورا من خارجه !!
الموضوع صدقا في غاية الخطورة وقد وجدت من خلال محادثتي الشخصية مع احد الملحدين ان لديه عدة تساؤلات اعتقد جازما انها تدور في ذهن النسبة العظمى من امثاله بل وحتى من المسلمين الذي يوصفون بالعوام وحتى من يصنف نفسه ملتزما جدا , لا بد ان كل شخص على الاقل مرة واحدة تسائل في نفسه يوما ما عنها ” حكم الردة , الرجم , العبودية , الحور العين في الجنة , ,,, الخ ” مثل هذه القضايا الشائكة – والتي يجد من يطعن في الدين لها ادلة في كتب ومراجع اسلامية – اذا لم يتم الاجابة عليها وتوضيحها بشكل عقلاني وبأسلوب فكري وعلمي رصين , واستيعاب فئة الشباب تحديدا اثناء مناقشتها فلا اعتقد ان السنوات القادمة ستحمل لنا في طياتها خيرا ابدا , على العكس تماما سنصل بلا شك الى امور لا تُحَمُد عقباها , وعندها لا تستغرب اذا ما وجدت عشرات الملحدين لسانُ حالهم يقول ” لم نجد اسلاما حقيقيا الا في الاسم وما عدا ذلك فلم نجد الا الكراهية والظلم والقتل … ” !!
الاسلام هو الاسلام ذاك الدين الخاتم الذي ارتضاه الله جل وعلى لعباده واصطفى لنشره وتبليغه نبينا وقرة اعيننا محمد صلى الله عليه وسلم , هو نفسه لم ولن يتغير الى قيام الساعة ولكن المتغير هو من حوله وطبيعة فهمهم ونقلهم له الى غيرهم !!