نَبذ العَشائرية القبلية والكهولة…. الكرك أُنموذجًا

نَبذ العَشائرية القبلية والكهولة…. الكرك أُنموذجًا

فادي محمد السحيمات- طالب دكتوراة- ماليزيا

قبل نحو العشر أعوام خرج إلينا جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين مُرددًا كلمات ذات صدى قوي ومعنى عميق عن الشباب الأردني، ومما قال جلالته:
“فقد انصب حرصنا دوما على محاورة الشباب والتوجه إليهم لكي نستلهم من عزمهم ومن طموحهم المتوثب، ما يحفزنا كلنا في الأردن العزيز، في سبيل أن نقدم لهم، شبابا وشابات، سبل الإنجاز والنجاح والاستعداد للمستقبل الواعد، فأنتم الفرسان الحاملون لرسالة الأردن، والساعون بإذن الله وتوفيقه إلى تقدمه وازدهاره. أنتم يا شبابنا الأردني تواجهون مسؤوليات وتحديات من نوع خاص، فأنتم ابتداءا القطاع الأوسع في المجتمع، وأنتم ثانيا من سيعيش ومن سيجني عوائد العملية التنموية التي يمر بها الأردن اليوم، التي نأمل ونعمل لتكون مخرجاتها إيجابية بعون الله تعالى.”
وبالرغم من أنه في وقتِها لم يكُن لدى الشباب الأردني الوعي والثقافة الكافية أو حتى الطريقة المُلائمة لتطبيق هذه التوجيهات وتنفيذها على أرض الواقع، وأنا شخصيًا كُنتُ أعتقد حينها أننا سنحتاج عشرات السنين للخروج من مجموعة الأفكار الشاذة التي تُغلف عقولنا قبل قلوبنا وتذهبُ بِنا بعيدًا عن الطريق السليم.
ولكن وقبل نحو عامين بدأتُ أشعُر بروحٍ شبابية قادمة من بعيد، روح شبابية أقلُّ ما يُقال عنها بإنها مُفعمة بالحيوية والنشاط والدفء مع نسمةٍ عليلة تُنعِشُ قلبَ الأُردنِّ أجمع، تُشعِرُ أصحابها بمدى قُدرتِهِم على تغيير الواقع وعلى إصلاح المُجتمع الأُردني كمن يُعاد إلى الحياةِ بعد الموت، نعم بعد الموت فقد أهلك كاهِلُنا قرارات المسؤولين الذين تجاوز بِهِم العُمر الحد اللامعقول ومازالوا هُناك جالسين وفي كُلِّ مرةٍ يعودون بأيدينا.
نعم الكرك أُنموذجًا حيًا وواقعيًا لِما تحدثتُ عنهُ، فما حدث في الإنتخابات النيابية السابقة من نبذٍ للعشائرية القبلية من قِبلِ شباب الكرك أجمع من خلالِ دعمهم وإنتخابهم لِـصداح الحباشنة ومصلح الطراونة وأبو مُجاهد القطاونة (بالرغم من عدم نجاحهِ) الذين تم إنتخابُهُم من جميع مناطق وقُرى الكرك دون إستثناء، قد أثبت بالوجه القاطع بداية حركة شبابية بعيدة عن العشائرية، حركة أثبتت قوتها وفعاليتها، حركة قررت ونفذت فكرها المُرتكز على أن الأكفأ هو الأفضل مهما كانت عشيرتُهُ.
وبالرغُم من فرحتي الكبيرة بهذه الروح الشبابية إلا أن قلبي أوجسَ خوفًا من إندثارِ هذه الروح في ظلِّ التزمُتية العشائرية التي زُرِعت في قلوب الملايين من أبناءِ هذا الشعب، وأيضًا في ظلِّ الكهولة التي دائمًا ما كان شبابُنا معها في إختيار المسؤولين مِما تجاوز بِهم العُمر سِنّ الخمسين عامًا، فكيف لنا أن نختار من هو بعيد كُلّ البُعد عن طموحاتنا وهمومنا وأحلامُنا الشبابية التي ما زالت في عُمرِ الزهور؟
ولكن ومرةً أُخرى يعودُ الشباب الكركي لإثبات قُدرتِهِ وأحقيتِهِ على تغير الواقع المؤلم، فها هي الإنتخابات البلدية تُفرِز لنا بعضًا من خيرةِ شبابِ الكرك، شاب لم يتجاوز عُمرهُ السادسة والثلاثين ربيعًا يحصُل على (7593) صوت ومن جميع مناطق الكرك وقُراها دون إستثناء، الشاب الخلوق إبراهيم كريم الكركي قد حصدَ عقول الشباب وقلوبِهِم ليس بمالهِ ولا بجاههِ ولا بعشيرته ولا بكِبرِ سنهِ إنما بشبابهِ وتطلُعاتهِ وطموحاتهِ التي تتقاطع مع أحلام الشباب الكركي. ومن جهة أُخرى تُفرز لنا مؤاب العِز والكرامة شابًا خلوقًا لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عُمرهِ رئيسًا لبلديتها، المُهندس حمزة الطراونة الذي جمع قلوب المُحبين على الطريق السليم للتغير.
كُل هذه الحيثيات جعلتني أثِق وأُيقِن تمامًا أن الوعي والثقافة لدى الشباب الكركي آخذة بالإرتفاع بالتوازي مع تطلُعات جلالة الملك، وعي أقل ما يُقال عنهُ أنه بالإتجاه الصحيح فكم يمتلك الأُردن شباب ذو كفاءة ومهارة قادرين على إدارة سفينة الوطن وتطويرها بقراراتهم التي يتملّكُها الشغف الصادق بضرورة التغير والتقدم بخطوات واثقة نحو مُتسقبل الأُردن العزيز.
وأخيرًا شُكرًا لكُم أيُها الشباب الواعي المُثقف، شُكرًا لِـصداح ومُصلح وإبراهيم وحمزة وغيرهِم الكثير من أبناء الكرك وأبناء الأُردن الصادقين الغيورين على مصلحة الوطن، وكم أتمنى أن نبقى دائمًا هكذا ونتقدم أكثر، وأن ينتشر الوعي الثقافي لدى جميع شباب الأردن العزيز في كافة مُحافظاتهِ وقُراه، فكفانا عشائرية قبلية وكهولة أهلكتنا جميعًا بقراراتها سيئة الصيت.
والله وليُّ التوفيق

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى