سواليف
علق مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” ديكلان وولش، على الخلاف الدائر بين لاعب ليفربول محمد صلاح واتحاد كرة القدم المصري، قائلا: “عندما يكون محمد صلاح مهاجما عليك أن تحضر نفسك”.
ويقول الكاتب في مقاله، إن “هذا هو الدرس الذي تعلمه منافسو صلاح، مايسترو تسجيل الأهداف المصري والنجم الرياضي، لكن صلاح ركز هجومه المدمر على هدف جديد: مديري اتحاد الكرة”.
وتشير الصحيفة إلى أن صلاح (26 عاما) قام من خلال سلسلة من التغريدات النارية ولقطات الفيديو ورسائل مسربة، بالنفث عن غضبه وإحباطه المتراكم منذ الصيف على قيادة الفريق الوطني المصري، في ما وصفها بالطريقة العاجزة لإدارة المحاولة القصيرة الأمد للتأهل في مباريات كأس العالم التي انعقدت في موسكو في حزيران/ يونيو.
ويلفت وولش إلى أن صلاح تحدث في التغريدات عن سماح المسؤولين للباحثين بتوقيع بطل الكرة على مذكراتهم، بالطرق على بابه في منتصف الليل، وكيف خرق النجوم المصريون خصوصيته.
وتورد الصحيفة نقلا عن صلاح، قوله إن اللاعبين سافروا في الرحلة الطويلة على مقاعد الدرجة الثانية بالطائرة، فيما مد المسؤولون أرجلهم وارتاحوا على مقاعد الدرجة الأولى، مشيرة إلى أن صلاح، لاعب فريق نادي ليفربول، لم يكن قادرا على تناول طعام الإفطار في مطعم الفندق دون أن يلاحقه المعجبون.
وينوه الكاتب إلى أن صلاح علق على أن اتحادات الكرة عادة ما تحرص على راحة اللاعبين، قائلا: “لكن ما رأيته كان العكس”.
ويجد وولش أنه “في مصر، فإن غضب صلاح هو أكثر من كونه صرخات لاعب دولي يحتج على فشل داخلي، لكنه يمثل تحديا نادرا وواضحا لمؤسسة وطنية في بلد تعد فيه المعارضة بأي شكل من الأشكال فعلا خطيرا”.
وتذكر الصحيفة أن من الحشود التي أرسلت إلى السجن الشهر الماضي كان الدبلوماسي معصوم مرزوق، الذي طالب باستفتاء على الحكم القمعي لنظام عبد الفتاح السيسي، لافتة إلى أنه كان من بين المعتقلين منذ العام الماضي سائح لبناني انتقد مصر علنا، وامرأة اشتكت من التحرش الجنسي، وعدد من الأشخاص الذين رفعوا علم المثليين “علم قوس قزح”.
ويقول وولش إن “كون صلاح أشهر رجل في مصر هو أمر آخر، ففي أثناء مباريات كأس العالم علق المصريون آمالهم على صلاح، من خلال مهاراته المدهشة وأصوله الريفية، وتم تلميع صورته من خلال قصص عن كرمه السخي والتزامه بالإسلام، ففي كل مرة كان يسجل فيها صلاح هدفا لصالح فريقه كان يسجد شكرا لله، وحتى بعد خروج المنتخب المصري من كأس العالم فإن صورته لم تتأثر”.
ويذهب الكاتب إلى أنه “كان من المفاجئ الاستماع إلى صلاح ومحاميه يهاجمان مديري المنتخب الوطني هذا الأسبوع، فكتب محامي صلاح رامي عباس: (كان الفشل في كأس العالم هو نتيجة لسوء إدارتكم التي أظهرتموها)، وقال إن (النجاح في الميدان أصبح في المقعد الخلفي)”.
وتفيد الصحيفة بأن صلاح هاجم في فيديو وضع على “فيسبوك” مديري اتحاد الكرة الذين حجزوا للاعبين في كراسي الدرجة الثانية، قائلا: “جعلونا نسافر على مقاعد الدرجة الثانية، الأمر الذي كان متعبا لكل لاعب، فيما سافرت الفرق الأفريقية كلها على مقاعد الدرجة الأولى”، مؤكدا أنه كان يطلب المعاملة ذاتها للفريق وليس لنفسه فقط.
وينوه وولش إلى أن مديري الفريق المصري، الذين صعقوا من الهجوم، حاولوا نزع الفتيل، واستخدموا الحيل ذاتها التي تلجأ إليها السلطات المصرية عندما تواجه وضعا محرجا، فحاول بعض المسؤولين تجاهل تعليقاته، فيما حاول آخرون تحميل المسؤولية لمحاميه، الذي قالوا إنه أجنبي “كولومبي”، واختار آخرون التحدث بلغة فوقية بأن صلاح ابن الوطن أصبح أنانيا، وأشاروا إلى أن تحديه العلني لهم يعبر عن قلة ولاء.
وتذكر الصحيفة أن مجدي عبد الغني، وهو أحد مسؤولي اتحاد الكرة المصري، الذي أثار تعليقات حادة عندما سافر إلى مباريات كأس العالم على متن طائرة خاصة، عرض في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء التوسط في الخلاف، وقال: “يجب أن تعثر هذه البناية على طرق لإيصال رسالتها للرأي العام”، في إشارة إلى المقر الرئيسي لاتحاد كرة القدم.
ويستدرك الكاتب بأنه لا يوجد أحد قبل بكلامه، فتقول المشجعة الرياضية من الدلتا ندى علاء: “في بلد حقيقي يخرج اتحاد الكرة ويعتذر للرأي العام”، فيما كتب الثري نجيب ساويرس في تغريدة: “استقيلوا وريحونا من الفشل الذريع”، في إشارة لكامل مجلس اتحاد الكرة.
وتنقل الصحيفة عن المحلل المصري في مؤسسة القرن الجديد مايكل وحيد حنا، تعليقه قائلا إن الخلاف يحمل توجها سياسيا في بلد تلاشت فيه حرية التعبير في ظل السيسي، وأضاف حنا: “أعتقد أن الأمر كبير، فالحياة السياسية أصبحت عديمة الجدوى في مصر، ولا يوجد من يتحدى الدولة أو مؤسسات وطنية، وفي هذا السياق فإن الخلاف الحالي يحمل نبرة سياسية”.
ويشير وولش إلى أن هذا الخلاف يتخمر ولشهور، ففي أثناء مباريات كأس العالم كان صلاح غاضبا عندما أجبر على الظهور في ملعب التدريب إلى جانب حاكم الشيشان رمضان قاديروف، ذي السجل السيئ في انتهاكات حقوق الإنسان، لافتا إلى أن الوضع زاد سوءا عندما وجد صلاح نفسه إلى جانب قاديروف في حفلة عشاء، ومنح الجنسية الشيشانية الشرفية، وكتب وهو غاضب عن عدم حمايته من هذه الـ”خبطات” الإعلامية، قائلا إنه يفكر في اعتزال المباريات الدولية مع المنتخب الوطني، وكتب تغريدة غامضة في الأول من تموز/ يوليو، قال فيها: “يعتقد البعض أن الأمر انتهى، لكنه ليس كذلك.. يجب تغيير الوضع”.
وبحسب الصحيفة، فإن صلاح عاد بعد إجازة على الساحل مع عائلته، وأظهر قوته المعهودة عندما سجل في الدقيقة الـ19 أول أهدافه، لافتة إلى أن المباراة القادمة مع الفريق المصري ضد فريق النيجر ستكون في 8 أيلول/ سبتمبر.
ويكشف الكاتب عن أن صلاح يريد من اتحاد الكرة قبل المشاركة في هذه المباراة تحقيق عدد من المطالب، بما في ذلك تخصيص حارسين خارج غرفته في الفندق، ومنحه حق رفض اللقاءات كلها مع الشخصيات المهمة، مشيرا إلى أن عدم تحقيق هذا يعني، كما قال مدربه، اعتزاله اللعب مع اتحاد الكرة المصري.
ويختم وولش مقاله بالإشارة إلى قول صلاح مقطبا: “حاولتم في المؤتمر الصحافي قول كل شيء، وإظهار أنني أكره بلدي.. الحمد لله فالناس تعرف غير ذلك”.
ترجمة عربي 21