نكبة زراعية وبيئية

نكبة زراعية وبيئية
م. عبدالكريم أبو زنيمة

ما شهده وادي الاردن ليلة الجمعة 12/3/2020 وما خلفته عاصفة الرياح كان عبارة عن نكبة زراعية وكارثة بيئية لم يسلم من تبعاتها لا الزراعات المحمية “البيوت البلاستيكية” ولا الزراعات المكشوفة وخلفت دماراً يقدر بحسب الاحصائيات الاولية بما قيمته (30-35) مليون دينار، وقد تحطم نتيجة الرياح الشديدة التي اجتاحت الوادي حوالي (30000) بيت بلاستيكي، وتراوحت نسبة الأضرار بهذه البيوت وما تحويه من زراعات بداخلها بين (80-100%) ، كلفة صيانة وترميم هذه البيوت البلاستيكية وتغطيتها بالبلاستيك تعادل 400 دينار للبيت الواحد أي بما مجموعه 12 مليون دينار أُردني ، أما كلفة خسائر المزروعات داخل هذه البيوت المدمرة فتقدر بحدود 18 مليون دينار كمتوسط لمختلف المزروعات حيث تعادل كلفة زراعة البيت الواحد وحتى موسم قطافه حوالي 600 دينار، أما خسائر الزراعات المكشوفة وزراعة الأنفاق البلاستيكية ومشاتل إنتاج البذور الزراعية فتقدر بحدود 2 مليون دينار، هذه تقديرات أولية للأضرار المباشرة التي لحقت بالقطاع الزراعي لكن حجم الأضرار المباشر وغير المباشر أكبر من ذلك وقد يصل إلى 50 مليون دينار.

القطاع الزراعي ومنذ عدّة أعوام -وخاصة بعد إغلاق الحدود السورية الاردنية- يعاني من أزمات واختناقات تسويقية ومنيّ بخسائر فادحة سنوية، غالبية المزارعين اليوم -وكنتيجةٍ للسياسات الزراعية الفاشلة وتخلي الحكومات عن واجباتها تجاه هذا القطاع وسياسة المحاور اللاوطنية التي ندور في فلكها- مطلوبين للقضاء ومطاردين وكثير منهم هجروا الزراعة وأصبحوا أرقاماً إضافية في قوائم متلقي المعونة الوطنية، هذا القطاع الوطني الإنتاجي لم يحظى باهتمام ورعاية الحكومات المتعاقبة التي أولت القطاعات الاخرى غير الانتاجية مثل قطاع السياحة والسياحة العلاجية وقطاع الخدمات والمصارف والتأمين جلّ اهتمامها ورعايتها ووصل الأمر بأن تحظى الفنانات ومهرجان جرش بالاهتمام والرعاية الحكومية بالوقت الذي كان فيه المزارعين يفترشون الطرقات مطالبين ببعض حقوقهم البسيطة ولم يلتفت إليهم أحد سوى قوات الدرك التي ارسلت لقمعهم. أمام هذه الكارثة على الحكومة تحمل مسؤولياتها الوطنية والاخلاقية وأن تتخذ حزمة من الاجراءات الطارئة لانقاذ ما يمكن انقاذه وهي:
• تشكيل لجان متخصصة لحصر الأضرار
• تقديم مساعدة مالية حكومية تكون قيمتها 250 دينار عن كل بيت بلاستيكي متضرر
• تقديم قروض عاجلة بلا فوائد طويلة الأجل مع شطب الفوائد على القروض السابقة
• وقف الملاحقات القضائية على القروض الحكومية والبنوك ولمدة لا تقل عن خمس سنوات
• التسريع بفتح الحدود مع الشقيقة سوريا وتسهيل كل الاجراءات المتعلقة بالصادرات الزراعية
• تخفيض أسعار الطاقة والمياه للقطاع الزراعي
• الاستعجال بتشريع تأسيس صندوق المخاطر الزراعية أو شركة تأمين المخاطر الزراعية
• تحديث وتطوير قانون اتحاد المزارعين وإيجاد روافد مالية له غير حكومية بما يمكنه من ادارة هذا القطاع بكفاءة وفعالية
هذه الاجراءات هي الحد الادنى مما على الحكومة تحمله من مسؤولية وعلى عجل لانقاذ هذا القطاع من الانهيار الكامل، على الحكومة أن تنظر بعين المسؤولية الوطنية لهذه الكارثة التي ألحقت بالمزارعين الضرر والخسائر الفادحة وحطمت كل آمالهم وأحلامهم بقطف ثمرة جهدهم وشقائهم الذي انتظروه طوال شهور ابتداء من شهر آب الماضي، فما أن حان موسم القطاف حتى باغتتهم العاصفة الهوائية وحطمت كل آمالهم ولم تبقي لهم سوى على مخلفات بلاستيكية وبيوت حديدية محطمة وبيئة ملوثة وأفواه جائعة وأسر مفجوعة… فهل ستتحمل حكومتنا مسؤولية إنقاذ هذا القطاع الإنتاجي الوطني أم ستتخلى عنه وعن واجباتها؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى