نقاط على الحروف / د. هاشم غرايبه

نقاط على الحروف
في أعقاب موجة الثورات العربية التي اندلعت في عام 2011 بدءا من تونس، فوجئ من يعتبرون أنفسهم قوى وطنية معارضة لأنظمة الحكم بالمياه تجري من تحت أقدامهم، فلحقوا بالجماهير الغاضبة في محاولة لركوب الأكتاف، والإستئثار بالمغانم السهلة المنال ..السلطة، وبلا جهد ولا تضحيات.
بعضهم وجد قطوفا دانية فنالها، وآخرون كانوا قصار القامة فلم يمكنهم ذلك، فأخذوا بهجاء العنب ورموه بحجارتهم تحت باب عليّ وعلى أعدائي، ورغم أنهم يتهمون غيرهم بنظرية المؤامرة، إلا أنهم مارسوها بإصرار أن الشعوب عميلة للإستعمار الذي يريد تمزيق دول سايكس – بيكو ضمن مشروع سموه مشروع “برنارد لويس”.
سأوضح تاليا بعض الحقائق حول هذا الشخص وما يسمونه (مشروعه)، لنتبين في النتيجة أنه كغيره من الصهاينة وأعداء الأمة الذين يحلمون ويخططون لتحقيق أحلامهم، لكن نجاحهم مرهون باستكانتنا، وما كان بالإمكان تحقيق أي منها لولا خيانات ضعاف النفوس الذين يحولون دون تمسكنا بالعروة الوثقى..الضامن الوحيد لنجاتنا من مكائدهم.
في مقابلة أجريت مع المؤرخ الصهيوني المتأمرك ” برنارد لويس” في 20/5/2005، قال الآتي بالنص:”إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضّرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات؛ ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم ،وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية،وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإنَّ عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة، لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان.

إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إمَّا أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قياداتهم – دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة؛ ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوربا لتدمر الحضارة فيها”.

انتقد “لويس” محاولات الحل السلمي، وانتقد الانسحاب الصهيوني من جنوب لبنان، واصفًا هذا الانسحاب بأنه عمل متسرِّع ولا مبرر له؛ فالكيان الصهيوني يمثل الخطوط الأمامية للحضارة الغربية، وهي تقف أمام الحقد الإسلامي نحو الغرب الأوربي والأمريكي. ولذلك فإن على الأمم الغربية أن تقف في وجه هذا الخطر البربري دون تلكُّؤ أو قصور، ولا داعي لاعتبارات الرأي العام العالمي.
يقول “بريجنسكي” مستشار الأمن القومي الأمريكي في عام 1980م والحرب العراقية الإيرانية مستعرة : “إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن (1980م) هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران، تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود “سايكس- بيكو”.

وفي عام 1983 وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع في جلسة سرية على مشروع الدكتور “برنارد لويس”، وبذلك تمَّ تقنين هذا المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الاستراتيجية لسنوات مقبلة.
مما سبق نتوصل الى أن ما يخطط له الغرب بقيادة أمريكا واضح ومكشوف، وليس مؤامرات سرية، لأنه مبني على خضوع الأنظمة القائمة لهم، وحسن تنفيذها لإملاءاتهم، وواضح أنهم يعتبرون الشعوب العربية معادية لهم بسبب تمسكها بالإسلام.
وعندما نلاحظ خلو هذا البرنامج من فكرة تثوير الشارع ضد حكامه، يتضح لنا حجم التزييف وقلب الحقائق الذي يقوم به مؤيدو أنظمة الإستبداد العربية، الذين يتهمون الثورات العربية بأنها جزء من المشروع، بل العكس، ثورتها هي التي أربكت تلك المخططات، والأنظمة الفاسدة العميلة للغرب هي المنخرطة في مشروع “برنارد لويس”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى