نفس العلبة!

” نفس العلبة! ”
د. محمد شواقفة

لست آسفا على رحيل هذه الحكومة كسابقاتها و منذ عهد طويل. و لست أجد أي جدوى من إعادة نفس الحوار و الحديث عن رحيل فاشل و ترشيح مشروع فاشل جديد. و لم يكلفني كتابة هذا المقال الكثير لأنها نفس القصة و نفس الطروحات و كل ما قلناه سنقوله ثانية و للأسف نعرف أنه لا جدوى من أي فعل أو قول.

لم يظلم الحكومات من أطلق عليها إسم “تشكيلة” و هذا فعلا مصطلح تجده في محلات الملابس و الاحذية و البضائع التي يطرحها التاجر في كل موسم. و لك أن تخوض غمار التجربة بالبحث و التمحيص بين الرخيص و الغالي و بين الجيد و الردئ و بين ما يليق بك أو لا يناسبك و لكن الأهم من كل ذلك أن يكون المقاس ملائما. لن ينفعك إن كان فخما جميلا لامعا و لكنه ضيق و لن تستفيد منه، أو إن كان من ماركة مشهورة و ألوانه متناسقة و لكنه أكبر من مقاسك. ربما تعلمنا بفطرتنا أن لا نشتري ما ينصحنا به البائع و لا نأخذ برأيه أبدا في مدح النوعية أو تقييمه للقطع خصوصا عندما نجربها لأننا نعرف أنه يكذب! . وكنا دائما سعداء و نحن نمارس مشهدا حياتيا كله كذب و رياء و لكنه لا يغضبنا و لنا الحق بأن نشتري أو نكمل الطريق!

كانت نساء البلدة تتبادل الزيارات بمناسبات مختلفة كالمرض و النجاح و الطهور و التخرج و غيرها و قد درجت العادة على أخذ هدية من أحد دكاكين القرية. و قد كان البائع يلفها بورق غير فاخر فلا يعرف كنهها أحد. و كانت هذه العلبة تلف معظم بيوت البلدة من يد ليد و من بيت لبيت و لا يفتحها أحد. و كانت تواصل التنقل إلى أن درجت مثلا على لسان البائع: “هي نفس العلبة”!. و لكن لا أحد يجرؤ على فتح العلبة ناهيك عن البوح بسرها الذي لا يعرفه سوى البائع، فهي العلبة اليتيمة و هو من لفها بيديه!!

مقالات ذات صلة

قبل أن يلفظ العجوز أنفاسه الأخيرة أراد أن يصارح زوجته بأنه كذب عليها مرة قبل عشرين عاما و يطلب منها أن تسامحه. فقالت له و هي تبكي: و لماذا تخبرني بهذا الآن؟، نظر إليها و قال:” لم أعرف أنني قد أموت قبلك!”. فقالت له:”و أنا أيضا أدركت أنني لا أستطيع أن أكذب عليك أكثر من ذلك فأنا من يومها كنت أعرف أنك تكذب!!”

لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين، و يبدو أننا لسنا فعلا مؤمنين أو أن هذا الجحر ليس كما يبدو لنا و تحت الارض له تفرعات تؤدي لبيوت كثيرة من الافاعي و العقارب. لا نعرف ما هي الخديعة الجديدة التي سنبتلع بها شخصية جديدة من ” نفس العلبة “.

” دبوس على العلبة! ”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى