نفتالي بينت والانقلاب على سياسة نتانياهو
د. فايز أبو شمالة
لكل شخصية مميزاتها، ولها سياستها التي لن تكون صورة طبق الأصل عن الأخرى، وهذا ما يحاول رئيس #الحكومة #نفتالي بينت أن يجسده أمام المجتمع الإسرائيلي، فهو يسعى لأن يقدم نفسه قائداً مختلفاً في السياسة العامة، وفي آلية اتخاذ قرار #الحرب والتهدئة عن سلفه #نتانياهو، متطلعاً بذلك إلى صندوق الانتخابات الذي لم يغلق فمه بعد.
بدء نفتالي بينت اتصاله بالعالم العربي من خلال التناغم الهاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهذه نقطة اختراق تسجل لبينت، أعقبها بلقاء ـ دون التقاط الصور ـ مع ملك الأردن عبد الله الثاني، ليتجاوز بذلك سلفه نتانياهو الذي أفسد العلاقة مع الأردن، وجاءت الخطوة الثالثة من خلال افتتاح وزير خارجيته مائير لبيد السفارة الإسرائيلية في دولة الإمارات، وهذه رسالة نفتالي بينت إلى المجتمع الإسرائيلي؛ أن العلاقات مع الدولة العربية ليست قرينة فذلكة نتانياهو، وألعابه السياسية، وإنما التطبيع مع الدول العربية استراتيجية إسرائيل الساطعة، التي فرضتها الظروف الموضوعية، والمستجدات السياسية في المنطقة.
أما على صعيد العلاقة مع أمريكا، فقد جاءت زيارة وزير الحرب بني غانتس إلى أمريكا، واستقباله الفاخر مؤشرا على دعم الحكومة الأمريكية للحكومة الإسرائيلية الجديدة، أو تصحيح العلاقة التي حاول نتانياهو أن يفسدها بعد فوز بادين، واكتملت زيارة وزير الحرب بزيارة رئيس الأركان أفيف كوخافي لواشنطن، وما صدر من تصريحات عن نجاح الزيارة على أكثر من صعيد عسكري وتكنولوجي.
التآلف الحاكم الذي يقوده نفتالي بينت ويائير لبيد وبني غانتس يعيش أياماً من التحدي الداخلي أكثر صعوبة بالنسبة لبقائه في الحكومة من التحدي الخارجي، ولكن نجاح هذا التآلف الداخلي مرتبط بالنجاح على الصعيد الخارجي، من هنا كان الحرص على إظهار التباين بين سياسة نفتالي بينت، وسياسة نتانياهو على صعيد الأمن الداخلي بالتحديد، لذلك كان التشدد في تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، وتعزيز القبضة الأمنية هناك، وكان التشدد على جبهة غزة، والتي بدت وكأنها النافذة التي سيطل منها التآلف الإسرائيلي الحاكم على الناخبين في المرحلة القادمة، فكان الربط بين إعمار غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وكان الربط بين فتح المعابر وإدخال المساعدات يهدف إلى إضعاف المقاومة، وتبهيت صورتها في عين الشعب الفلسطيني، إن لم تكن الرغبة الحقيقة الكامنة خلف هذا التشدد هو جر غزة إلى موجة جديدة من التصعيد العنيف، دون أن يكون للتصعيد علاقة بالقدس، وهذا ما تتحدث عنه عملية البرق الخاطف، والضربات العنيفة لغزة التي تطرق لها الإعلام الإسرائيلي.
البرق الخاطف خطة رئيس الوزراء ووزير الحرب؛ اللذان كانا في يوم من الأيام وزراء حرب في حكومة نتانياهو، ويعرفان لماذا أحجم نتانياهو أكثر من مرة عن التورط في حرب استنزاف ضد غزة طويلة الأمد، ويعرفان جيداً أن قرار الحرب محكوم بموافقة المجلس الوزاري المصغر، الذي سيستمع إلى تقارير قادة الأجهزة الأمنية، رغم كل ذلك، فإن لوزير الحرب ورئيس الوزراء مصلحة حزبية في خوض معركة إرهابية ضد غزة، ترفع من أسهمها، وتحط بالفشل الأمني السابق على ظهر نتانياهو، الذي سمح للأموال بالتدفق عبر الحقائق إلى غزة، وترك المقاومة الفلسطينية تتعاظم، حتى صار قصف تل أبيب يعادل قصف غلاف غزة.
قيادة إسرائيل الحالية راغبة في التصعيد مع غزة، وصوت الناخب هو المحرض لرئيس الوزراء ووزير الحرب لاختبار قدراتهما في اتخاذ القرار، وإدارة معركة طويلة الأمد، وإرهابية الطابع ضد قطاع غزة، ولا يلوح أمام أعينهما إلا الظهور كأبطال المرحلة أمام المجتمع الإسرائيلي، مقارنة بنتانياهو المهزوم على بوابات غزة.