نظرياً الموازنة سقطت يا دولة الرئيس / علي السنيد

نظرياً الموازنة سقطت يا دولة الرئيس

يجب ان لا تفرح الحكومة كثيرا بنتيجة التصويت الغامضة في مجلس النواب والتي افضت الى تمرير الموازنة للعام 2018 وذلك عند احتساب اعداد المصوتين بالرفض من السادة النواب، ومن غابوا احتجاجا على الموازنة يظهر ان الموازنة كانت ايلة للسقوط. ومعروف ان رد الموازنة في مجلس النواب هو بمثابة حجب للثقة ، وهو يعبر اخيرا عن سقوط للنهج الاقتصادي القائم الذي اعتمدته حكومات الجباية، وهو مؤشر واضح على تناقص قدرة هذه الحكومة على الاحتفاظ بالثقة البرلمانية رغم حالة الاسناد الكبيرة التي يحاول ان يوفرها لها رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة.

وهذا يظهر مدى الخلل في نهج الحكومات القائم على الجباية التي تعمل على تعميق الازمة الاقتصادية في البلاد، ومؤداها توسيع دائرة الشكوى والاحتقان في القاعدة الشعبية. وهي الحكومات التي نقلت التحديات التي يواجهها الاردن من الخارج كما درج علية الحال تاريخيا الى الداخل الاردني.

ولا شك ان الاجراءات الجبائية التي تعتمدها الحكومات منذ مدة في الاردن تؤدي الى انكماش اقتصادي وان زيادة حدة الضرائب تفضي الى التقليل من موارد الخزينة، وهروب المستثمرين، وزيادة نسبة المخاطر، وان رفع الاسعار والضرائب والرسوم لا تساعد على تحريك عجلة الاقتصاد بقدر ما ستواجه الكثير من القطاعات صعوبات بالغة في الاستمرارية بسبب نقص القوة الشرائية للناس ، ولذلك فان توسيع الوعاء الضريبي يجب ان يسبقه احداث التنمية اولا لأن التنمية وليست الجباية هي اساس وشرعية عملية الحكم.

مقالات ذات صلة

والقضية ليست وعظية او عاطفية وانما عملياً فتواجه الحكومات التي لا تملك القدرة على احداث التنمية وتعتمد على الجباية كأسلوب وحيد في الحكم نقصا حادا في ايرادات الدولة، وتزيدا في حدة واعباء الحالة الشعبية، وتتزايد نسب الفقر والبطالة وتبعاتها الخطرة في دخول شرائح اجتماعية كبيرة الى دائرة الشكوى والاحتجاج مما يضر بالسلم الاهلي.

والفقر عدو الدول، وشاغلها الاول بسبب الاضرار التي تترتب عليه في حال استفحاله، وتعمل الحكومات المتمكنة في اساليب الحكم على تحفيز القاعدة الشعبية للعمل والانتاج لمواجهته وهي تصوب بوصلة الاجيال نحو العطاء والتميز وتربط بين التعليم العالي وقدرة قطاعاتها المنتجة على توليد فرص العمل لخريجي الجامعات والمعاهد التطبيقية، ولا تترك سوق العمل فوضى للعمالة الوافدة وتزيد في نسبة بطالة ابنائها، وتغلق ابواب الامل في وجه اجيالها الشابة التي تنمو في دواخلها نزعات التطرف والعنف بسبب قسوة الظروف، وتزايد حدة المعاناة الشعبية .

وفي المقابل فتفتح السياسات الحكيمة الباب مشرعا للاستثمار وضمان تدفق الاموال في السوق، وتساعد في ان تدور عجلة الانتاج، وتحمي القطاعات المنتجة وتساعدها على الاستمرارية والتوسع في اعمالها لزيادة قدرتها على جني الارباح وبالتالي توليد فرص العمل للشباب مما يساهم في الحد من مشكلتي الفقر و البطالة التي باتت تشكل التحدي الابرز بالنسبة للدولة الاردنية.

ولذلك فالاردن مدفوع اليوم بمقتضى المصلحة الوطنية الى تغيير النهج المتبع في عمل الحكومات، واعادة تصويب العملية السياسية نحو احداث الانفراج الاقتصادي من خلال رؤية عميقة تأخذ بعين الاعتبار قدرة الاردنيين على الاحتمال، وضرورة مساعدة الناس على العيش الكريم، وتفجير طاقات الشباب للعمل والانتاج، وتحفيز القطاعات المنتجة، واعطاء ميزات جاذبة للاستثمار، وتحويل دور الحكم المحلي الى راعي للعملية التنموية في المحافظات وتفعيل دور المجالس المحلية لاقتسام التنمية، والفصل بين مجلس النواب ولعب اي دور خدمي لصالح مجالس اللامركزية، واعادة مجلس النواب الى دوره الدستوري في الرقابة والتشريع، وتقليل عدد النواب .

وكذلك اعادة مراجعة دور الجامعات التخريبي لسوق العمل وهي التي تضخ ما يقترب من نحو سبعين الف من الخريجين الجامعيين سنويا الى حيث تتراكم وتتركز البطالة وتضرب على العصب الحساس للدولة الاردنية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى