#نظام #ممارسة #العمل #الأكاديمي في #الجامعات والكليات الجامعية
د. رائد الأزايدة
غاية عظيمة وتعليمات عقيمة
بعد أن تم اقرار نظام ممارسة العمل الأكاديمي في الجامعات والكليات الجامعية ونشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 1/7/2021 تم تشكيل مجلس لإصدار التعليمات الخاصة بهذا النظام ولغايات اصدار شهادة مزاولة مهنة لكل من تم تعيينه بعد تاريخ سريان النظام المشار له سابقاُ ضمن شروط ومحددات. هذا ويعتبر جميع أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات والكليات الجامعية ممن تم تعيينهم قبل نشر النظام في الجريدة الرسمية مستحقين حكماً لشهادة مزاولة المهنة.
وهنا نقر بعظيم أهمية تنظيم العمل الأكاديمي وأهمية وجود نظام عصري خاص بمزاولة العمل الأكاديمي في الجامعات والكليات الجامعية. ولكن، ما رشح إلينا من تعليمات ناظمة للحصول على شهادة مزاولة العمل الأكاديمي يشير بشكل واضح وجلي الى عقم هذه التعليمات وافتقارها لأصول المنطق السليم بالإضافة الى شبهة الجباية والتربح المادي بصورة مقززة نتنة.
وللدلالة على سوء التعليمات الخاصة بشهادة مزاولة العمل الأكاديمي نسرد تالياً مراجعة ناقدة لشروط الحصول على شهادة المزاولة:
أولاً: حصول طالب الإجازة على درجة الماجستير أو الدكتوراة أو شهادة متخصصة مهنية متخصصة من جامعة معترف بها ومعادلة تلك الدرجات والشهادات وفقاً للتشريعات النافذة.
بالنسبة للشرط الأول فهو شرط محق لا يختلف عليه اثنان.
ثانياً: اجتياز طالب الإجازة دورات تدريبية متخصصة في مجالات التعليم وأساليب التدريس الحديثة وتكنولوجيا التعليم.
بالنسبة لهذا الشرط فقد شابهه الكثير من العيوب مثل:
1. تعميم هذا الشرط على جميع المتقدمين دون النظر الى تخصصاتهم ينم عن منطق سقيم وتفكير سطحي. فهل يستقيم لمن بحمل درجة الدكتوراة في أساليب التعليم الحديثة أن يخضع لدورة في هذه الأساليب، وهل حامل درجة الدكتوراة في التعلم الالكتروني أو علوم الحاسوب بحاجة لدورات حول استخدام منصات المساقات الالكترونية. والأمثلة على ذلك كثيرة.
2. احتكار هذه الدورات على ثلاث جامعات حكومية فقط يحمل دلالة مبطنة على ضعف قدرات الجامعات الأخرى وفشلها في تطبيق التعلم الالكتروني. علماً أن بعض الجامعات الخاصة قد تميزت في هذه المجالات وحصلت على شهادات جودة عالمية في محال التعلم عن بعد والتعلم الالكتروني عجزت جامعات حكومية عن الحصول عليها.
3. كل الجامعات الأردنية الحكومية منها والخاصة تقوم بتزويد أعضاء هيئة التدريس الجدد بدورات متخصصة تشابه في محتواها ما هو مطلوب في الشرط الثاني فلماذا لم تعتمد هذه الدورات في هذه الجامعات؟
4. سارعت بعض الجامعات الخاصة بتقديم دورات متخصصة في مجالات التعلم عن بعد والتعلم الالكتروني ومن خلال مراكز تدريبية عالمية وتحملت هذه الجامعات كلف هذه الدورات وبالعملة الصعبة فهل يحتاج مدرسوا هذه الجامعات الى دوراتكم؟
5. هل لوزارة التعليم العالي و الجامعات الحكومية المكلفة بتقديم هذه الدورات أن تصرح عن عدد الدورات التي تم عقدها من تاريخ 1/7/2021 ولغاية تاريخ نشر هذا المقال؟ كم كلفة هذه الدورات على من يرغب بالالتحاق بها؟
6. إيمانا من كل من يتعاطى بالشأن الأكاديمي بما في ذلك وزارة التعليم العالي وهيئة الاعتماد، هل يمكن أن تصرح وزارة التعليم العالي عن دورها ومن خلال الجامعات في رفد أعضاء هيئة التدريس القدامى في الجامعات بمهارات التعلم عن بعد و منصات المساقات الالكترونية؟ هل طلب منهم الالتحاق بدورات متخصصة في الجامعات الحكومية الثلاثة المعتمدة لهذه الغاية أم تم الاعتماد على جامعاتهم في هذا الشأن؟
7. لماذا لم تعلن أي جامعة من الجامعات الحكومية الثلاثة المعتمدة لهذه الغاية عن عقد مثل هذه الدورات حتى الآن؟
8. هل عجزت وزارة التعليم العالي عن توفير منصات الكترونية للتعلم عن بعد حتى يتم الاعتماد على منصات مفتوحة المصادر؟ ماذا لو لم تم تعد هذه المصادر متاحة بالمجان؟
ثالثاً: اجتياز طالب الإجازة امتحان الكفاية في اللغة العربية
نعتز جميعاً في هذا الوطن الغالي وباقي الدول العربية بلغتنا العربية و كلنا ندعم أي مجهود للحفاظ على لغتنا العربية أصيلة متفردة بجمالها وبلاغتها ولكن فيما يتعلق بهذا الشرط يحضرنا بعض الملاحظات التي شابت التعليمات الخاصة بهذا الشرط أهمها:
1. تعميم هذا الشرط على جميع المتقدمين دون النظر الى تخصصاتهم ينم عن منطق سقيم وتفكير سطحي. فهل يستقيم أن يتساوى أصحاب الاختصاصات في اللغة العربية والفقه والشريعة مع أصحاب الاختصاصات في الطب والهندسة واللغة الانجليزية أو غيرها من اللغات الأجنبية؟ هل يعقل أن يطلب من حامل شهادة الدكتوراة باللغة العربية نفس العلامة التي تطلب من حامل الدكتوراة في اللغة الانجليزية؟ وهل تتحقق الغاية من شهادة المزاولة عند تحقيق مثل هذه المساواة؟ هل تسعى تعليمات شهادة المزاولة الى رفع جودة التعليم في الجامعات أم تسعى من حيث تدري أو لا تدري الى مزيد من التدهور والانحطاط في مستويات تعليمنا الجامعي؟
2. المبالغة بكلفة الامتحان بما لا يتناسب مع الغاية التي وجد الامتحان لأجلها خصوصاً أن معظم الممتحنين من فئة المعطلين عن العمل ولسنوات طويلة.
3. تعاطي تعليمات منح إجازة المزاولة مع شرط اللغة العربية بتسخيف واضح و سطحية مفرطة خصوصاً عند مقارنة هذا الشرط مع شرط اللغة الأجنبية وخصوصاً الانجليزية التي أفرد لها فئات ومستويات تتناسب مع طبيعة التخصص في حين تم تجاهل هذا الأمر كلياً مع شرط اللغة العربية.
4. هل يراعي هذا الشرط الجامعات الأجنبية العاملة في الأردن حالياً ومستقبلاً؟
رابعاً: إجادة طالب الإجازة إحدى اللغات الأجنبية المعتمدة من المجلس
عند قراءة التعليمات الناظمة لهذا الشرط لا يمكنك إلا أن تستذكر حديث نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم حيث قال: ” اتقوا الشبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه”. وتالياً جملة من الأسئلة والعيوب التي شابت التعليمات الخاصة بهذا الشرط:
1. كان النظام واضحاً و مرناً في استخدامه لكلمة “إجادة” فلماذا جاءت التعليمات لتقيد لفظة ” الإجادة” بالنجاح في امتحان مستوى للغة الأجنبية ومن مراكز تابعة للقطاع الخاص وذات كلفة عالية.
2. هل عجزت وزارة التعليم العالي عن برمجة امتحان مستوى على شاكلة امتحان الكفاية للغة العربية؟
3. لماذا لم يتم اللجوء الى الامتحان الوطني للغة الانجليزية المعتمد محلياً منذ ما يزيد عن عشر سنوات؟
4. هل يعقل أن يطلب من حامل شهادة دكتوراة باللغة الانجليزية من دولة أجنبية كأمريكا أو بريطانيا امتحان مستوى باللغة الانجليزية؟
5. هل يعقل أن يطلب امتحان مستوى باللغة الانجليزية من حامل لدرجة الدكتوراة من دولة لغتها الرسمية الانجليزية أو لغة التعليم فيها الانجليزية؟
6. من يملك أطروحتين علميتين لدرجتي الماجستير والدكتوراة باللغة الانجليزية تم تحكيمها من لجان علمية مختصة و معتمدة من التعليم العالي هل يحتاج لامتحان مستوى باللغة الانجليزية؟
7. من يملك سجل بحثي في أرقى المجلات العلمية المحكمة وباللغة الانجليزية هل يحتاج لامتحان مستوى باللغة الانجليزية؟
8. كل من درس الماجستير أو الدكتوراة في الأردن خلال السنوات العشرة الأخيرة كان محققاً لشرط اللغة الانجليزية ويملك على الأقل شهادة الامتحان الوطني في اللغة الانجليزية فلماذا يطلب منه امتحان مستوى للغة الانجليزية؟ وهل يستقيم أن يكون شرط اللغة الانجليزية سابق ولاحق للدرجة العلمية معاً؟
9. وأخيراً، وليس آخراً، أي تناقض تمارسه وزارة التعليم العالي وأي إسفاف وتدني في مستوى التفكير ترسخه عندما تعترف بالكل وتنكر الجزء؟ هل يعقل أن تصادق الوزارة على أطروحة دكتوراة صادرة عن جامعة في دولة لغتها الرسمية أو لغة التعليم فيها الانجليزية ثم تأتي وتنكر على صاحب الأطروحة إجادته للغة الانجليزية؟ ألا يعني ذلك ضمنياً عدم اعتراف وزارة التعليم العالي بالجامعة التي تخرج منها الطالب؟ ألم تعتمد هذه الجامعة أساساً بناءً على تحقيقها لشروط عده ومن بينها التعليم باللغة الانجليزية؟ هل يحتاج الدكتور خريج هارفرد أو اكسفور أو حتى جامعة ليفربول لامتحان مستوى في اللغة الانجليزية وهو بالأصل لم يقبل في هذه الجامعات وغيرها إلا بعد إجادته للغة التعليم فيها؟ ألا يعني ذلك ضمنياً تنكر وزارة التعليم العالي وبالتالي حكومة المملكة الأردنية الهاشمية لجميع معاهداتها واتفاقياتها وقراراتها بهذا الشأن؟ وهل تنبهت وزارة التعليم العالي الى رد فعل مثل هذه الجامعات ودولها على عدم اعتراف وزارة التعليم العالي بخريجيها بسبب شرط اللغة؟
هذا غيض من فيض وقليل من كثير ولدى زملائي من حملة درجة الدكتوراة الكثير ليقولوه في هذا المقام فهل تعيد اللجنة المنوط بها اصدار تعليمات منح شهادة مزاولة التعليم الأكاديمي التفكير فيما قررته من تعليمات. وأخيراً لا بد من توضيح أن كاتب هذه السطور ناجح في امتحان الكفاية للغة العربية ويملك مجموعة من الشهادات المعتمدة دولياً ومحلياً لامتحانات المستوى باللغة الانجليزية بالإضافة الى أطروحتين علميتين لدرجتي الماجستير والدكتوراة وباللغة الانجليزية من جامعات تعتمد اللغة الانجليزية كلغة للتعليم وبالإضافة لكل ذلك أحدى عشر بحثا في مجلات علمية محكمة ومفهرسة في أرقى قواعد البيانات الخاصة بالبحث العلمي. فوالله ما كتبنا من عجز وقلة علم ومعرفة ولكن من وجع يعلمه كل ذي شأن بهذا المجال.
دكتوراة في علم الحاسوب والذكاء الاصطناعي