فجأة، ظهر الرئيس الأمريكي جو #بايدن يوم الجمعة، بإعلان عن #مقترح جديد لوقف الحرب في #غزة، يتضمن ثلاث مراحل لوقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال في قطاع غزة وتبادل #الاسرى وإعادة الإعمار.
وجاء خطاب بايدن ليختتم شهر مايو 2024، الشهر الذي شهد تكثيفًا في #جرائم_الإبادة_الجماعية في حي الزيتون ورفح وجباليا، وسيطرة #الاحتلال على #معبر_رفح و #محور_فيلادلفيا، وانتقال #المقاومة_الفلسطينية إلى تكتيك قتالي جديد، أفضى عن أسر جنود في جباليا، ومحاولة أسرٍ في رفح، وعدد غير مسبوق من #القتلى في #جيش_الاحتلال بواقع 40 قتيلًا منهم 4 في جبهة لبنان، و3 في جبهة الضفة المحتلة.
لكن خطاب بايدن، الذي جاء انطلاقًا من مقترحٍ إسرائيلي، والذي كشفت المصادر عن أنه اطلع الاحتلال ومصر وقطر عليه قبل إلقائه الخطاب، نظرت إليه حماس نظرة إيجابية، وأعاد إحداث انقسام في الداخل الإسرائيلي بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومن خلفه وزراؤه المتطرفون إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش، وبين عائلات القتلى والأسرى وأعضاء مجلس الحرب بيني غانتس وجافي ايزنكوت من جهة أخرى، فكيف يمكن أن نقرأ هذا التطور؟
قدرة الدعم الأمريكي تتقلص
يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطناني أن الرسالة الرئيسية لخطاب بايدن حول مقترح الصفقة هي أن هامش الوقت الأمريكي المتاح أمام استمرار الحرب في قطاع غزة بات ضيقًا جدًا.
ويضيف الطناني في حديثه لـ ”شبكة قدس“، إن الضغط المُلقى على عاتق الإدارة الأمريكية الحالية وصل إلى مراحل متقدمة خصوصًا مع دنو موسم الانتخابات الرئاسية التي يبحث فيها الرئيس الأمريكي بايدن عن فترة رئاسية جديدة، مشيرًا إلى أن الأسهم الانتخابية لبادين وحزبه باتت مُهددة بشكل كبير بفعل انعكاسات الحرب على قطاع غزة.
ويقرأ الطناني انسجام الخطوة الأمريكية مع تصاعد الحراك المعارض لنتنياهو في المشهد السياسي الإسرائيلي وقرب انتهاء المهلة التي منحها غانتس لنتنياهو، لوضع تصور واضح لإنهاء الحرب وسيناريوهات اليوم التالي وإعادة الأسرى.
وتؤكد الخطوة الأمريكية، وفق الطناني، على أن إدارة بايدن على خط ساخن مع مختلف مكونات المشهد الإسرائيلي وتحاول وضع نتنياهو في الزاوية عبر الإعلان عن تفاصيل العرض الجديد والدعوة بوضوح لمواجهة الأصوات داخل الائتلاف الحكومي اليميني الرافضة للوصول لصفقة أو إيقاف الحرب.
نظرة إيجابية من حماس
مع إلقاء بايدن خطابه، قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إنها “تنظر بإيجابية إلى ما تضمنه خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من دعوته لوقف إطلاق النار الدائم، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة وإعادة الاعمار وتبادل للأسرى“.
حول ذلك يقول الطناني إن ”الموقف المبدأي الإيجابي لحماس يأتي في إطار تمسكها بمطالبها التي تبدأ من نقطة وقف الحرب ووضع حد للعدوان على الشعب الفلسطيني، وما تحدث به بايدن كخطوط رئيسية تنسجم مع مطالب المقاومة خصوصًا بما يتعلق بإيقاف الحرب أو عودة النازحين إلى مساكنهم وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، أو بما يتعلق بصفقة تبادل للأسرى يتم الاتفاق على تفاصيلها، مشددًا على ان هذا الموقف يبقى أوليًا على اعتبار أن الشيطان يكمن دائمًا في التفاصيل.
ويوضح أن هناك الكثير من الثغرات التي تحتاج إلى استجلاء وتوضيح قبل الإعلان عن موقف مؤيد أو رافض للمقترح الجاري الحديث عنه، إذ تفاصيل المراحل والالتزام بوقف الحرب وشكله وطبيعته وضماناته كلها تحمل العديد من الأوجه التي تحتاج إلى صيغ واضحة وجازمة.
الفخ الأمريكي لحماس
ويستدرك الطناني أن موقف المقاومة سيُوزن بميزان من ذهب نظرًا لأن الرفض للعرض الحالي بوضوح سيكون أسهل الصيغ التي تقصر الطريق على نتنياهو الباحث عن مخارج للتملص من الضغوطات الحالية والاستمرار في الحرب التي بات واضحًا للعالم أجمع أنها لا تحمل أي أهداف حقيقية باستنثاء مصلحة نتنياهو السياسية التي يراهن بتفجير المنطقة بأسرها مقابلة تحصيل مكاسب بقاءه في موقع رئاسة الوزراء.
”بالتالي ستعمل المقاومة على صياغة ردها بما يحقق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وبما لا يعفي نتنياهو من الضغط الهائل الواقع على كاهله الآن خصوصًا مع اتضاح وجود نسق دولي ضاغط من أجل إنجاح الصيغة الحالية في الوصول لاتفاق يوقف الحرب وينجز صفقة تبادل“، يضيف الكاتب الطناني.
وبشكل يتوافق مع الطناني، يقول الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي إن بايدن يظهر وكأنه ينصب الفخ لحركة حماس، لأن المقترح الإسرائيلي يختلف نسبيًا عن خطاب بايدن فما هو الذي ينبغي أن توافق عليه حماس، ولذلك قالت الحركة إن هناك تعليقات إيجابية في خطاب بايدن ولكنها غير كافية، وأولا يجب أن نتنياهو يوافق على وقف إطلاق النار، ويجب أن يكون هناك خطة مكتبة واضحة محددة المعالم ومفصلة وهذا الأمر غير موجود.
في غضون ذلك، قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان إن المقترح الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي جو بايدن يحمل أفكارا عامة، مؤكدا أن الحركة بحاجة لتفاصيل والتزام إسرائيلي واضح بما تم التوافق خلال مايو/أيار الماضي.
ويوضح عرابي في حديثه لـ ”شبكة قدس“: ”إذا وافقت حماس على على خطاب بايدن باعتباره يتحدث بصورة غامضة وغير واضحة لوقف إطلاق النار، فقد يُقال لحماس أن خطاب بايدن هو مستند للمقترح الإسرائيلي، وهنا قد تجد حماس نفسها وافقت على المقترح الإسرائيلي، لذلك عبّرت حركة حماس عن موقف مركبٍ متمثل في تعاطيها بشكل إيجابي مع التعبيرات الإيجابية لبايدن، ولكنها تشترط في الوقت نفسه أن تكون أي مفاوضات قادمة تستند إلى مبادئ وقف إطلاق نار وانسحاب كامل للاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة“.
وعلمت “شبكة
قدس” من مصادر قيادية في الفصائل الفلسطينية أنها لم تتسلم حتى اللحظة من الوسطاء أي ورقة مكتوبة متعلقة بتفاصيل العرض الأمريكي الذي أعلن عنه بايدن، وحسب المصادر أيضاً فإن جولة المفاوضات لم تنطلق حتى اللحظة لبحث التوصل لاتفاق جديد.
حصارٌ أمريكي لنتنياهو
من جهة أخرى، يرى عرابي أن بايدن يريد بخطابه أن يحاصر نتنياهو بحيث يمنعه من التراجع عن هذا المقترح، فيبدو وكأن بايدن حتى يحول دون أن يتراجع الإسرائيلي عن هذا المقترح، وحتى يحول دون قدرة بنيامين نتنياهو على التلاعب، لأن بنيامين نتنياهو يرسل وفد أمني يقول إنه أعطاه صلاحيات واسعة ثم يتراجع نتنياهو ويتنصل من كل ذلك، ويعطل المفاوضات في اللحظات الأخيرة.
”كأن بايدن يريد أن يعلن عن هذا المقترح دون أن يتراجع عنه الإسرائيليون وفي الوقت نفسه، فبايدن يريد أن يخاطب الجمهور الإسرائيلي للضغط على نتنياهو ويريد أن يعطي أنصار الصفقة فرصة قوية للضغط على نتنياهو من اجل إنجاز هذه الصفقة“، يقول عرابي.
وردًا على سؤال، إذا كان مقترحًا إسرائيليًا فكيف يطلب بايدن من ”إسرائيل“ الموافقة عليه؟، يجيب الباحث السياسي أنه يمكن تفسير ذلك من زاويتين، الأولى هو منع الاحتلال الإسرائيلي من التنصل منه، والثاني أن هذا المقترح الإسرائيلي عبر عنه في الخطاب الأمريكي بتعبيرات خاصة بايدن، يمعنى أن هناك فرق نسبي بين المقترح الإسرائيلي الذي رفضت حركة حماس أن تستلمه وبين خطاب بايدين.
وحول الاختلاف بين المقترح والخطاب، يشير عرابي إلى أن المقترح الإسرائيلي لا يتحدث عن وقف إطلاق نار وهو ما بدا جليًا في تعليق مكتب نتنياهو على خطاب بايدن ”أن إسرائيل ستبقى بالحرب حتى تحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على حركة حماس عسكريًا وحكوميًا. ”
قناعة أمريكية: #فشل #الاحتلال في #غزة
ويرى عرابي أن الإدارة الأمريكية وصلت إلى قناعة كبيرة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي غير قادر على تحقيق الأهداف المعلنة في هذه الحرب والمتمثلة في القضاء على حركة حماس واستعادة الأسرى الإسرائيليين أحياء.
ويستدرك: ”لا يعني أن الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق أية أهداف، طبعًا الدمار الهائل الذي أحدثه في قطاع غزة، هو أمر مؤلم وثمن باهظ دفعه الفلسطينيون، لكن هناك شعارات أخرى رفعها بنيامين نتنياهو مثل النصر المطلق والقضاء على حركة حماس، واتضح أن هذا أمر غير قابل للتحقيق.“
ويقرأ عرابي عجز الإدارة الأمريكية عاجزة عن انتهاج سياسات تحمل الإسرائيلي على إنهاء هذه الحرب وأن هذه الإدارة الأمريكية محاصرة بمجموعة من الاعتبارات من بينها الانتخابات الأمريكية ومزايدات الجمهوريين، وأعضاء الكونغرس، والمواقف المعارضة لسياسات الإدارة في بعض القواعد الطلابية والشبابية والجناح اليساري في الحزب الديموقراطي.