تلجأ #النسوة في قطاع #غزة إلى بيع مصوغاتهن من الذهب لتوفير ثمن #الطعام وبعض الحاجيات الضرورية لعائلاتهن وسط شح #الأغذية والمواد الأساسية بعد أن شدد #الاحتلال حصاره على #غزة.
وبالقرب من إحدى الخيم في مخيمات #النازحين التي انتشرت داخل مدينة رفح وحولها، نصب تاجر ذهب وجواهر خيمة، وجلس على كرسي يحتضن حقيبة صغيرة يبدو أنها محشوة بالمال.
وصلت ريهام ناصر، برفقة ابنة لها في مقتبل العمر، وأخرجت بحرص من محفظتها قرطا مرصعا بقطع لامعة كأنه ماس، وعرضته للبيع.
وضع البائع القرط على ميزان إلكتروني أمامه، وداس بإصبعه على آلة حاسبة، وأخبرها بالثمن الذي سيدفعه، لكنها التقطته وغادرت.
قالت ريهام إنها رفضت بيعه لأن البائع “يستغل” الأوضاع البائسة للنازحين ودفع ثمنا بخسا، مضيفة أنها اشترت القرط لابنتها بما يزيد على 41 دينارا أردنيا للغرام الواحد قبل نحو سنة لكن البائع سيشتريه بـ32 دينارا.
امرأة أخرى وصلت في عجالة، لم تسأل عن سعر #الذهب، وضعت خاتما أمام البائع وقالت “كم ثمنه؟”، بعد أن وضعه على الميزان الإلكتروني، قال “181 دينارا ونصف الدينار”، التقطت المرأة المبلغ وغادرت على عجالة دون أن تناقش.
#الحرب أشعلت #الأسعار
وقالت ريهام إنها هربت وعائلتها من منزلهم بحي الزيتون بمدينة غزة قبل زهاء شهرين مع مبلغ مالي لكنه نفد “بالكاد استطعنا الهروب، وكان معنا مبلغ مالي، وبقي مبلغ آخر في البيت، لكننا ارتبكنا ونسينا حمله لأننا هربنا بسرعة لننجو بحياتنا وسط القصف الإسرائيلي”.
وتقول ريهام، التي تعيل وزوجها عائلة من 8 أفراد، إنها ستبحث عن تاجر آخر بسعر أفضل لتوفر بعض المال.
وأضافت “أخجل من طرق أبواب مؤسسات الإغاثة، والمؤسسات أيضا عاجزة ونحتاج إلى طعام ومياه تصلح للشرب وأدوية خاصة وأجرة مخزن نقطنه، ولا يوجد شيء مجانا، والحرب أشعلت الأسعار”.
وتمنع قوات الاحتلال دخول الطعام والمساعدات إلى غزة، وتقطع الكهرباء والماء والوقود، مما تسبب في تدهور غذائي وصل إلى حد المجاعة ولا سيما في مدينة غزة وشمالها.
ومع الضغوط الدولية لم تسمح قوات الاحتلال إلا بدخول زهاء 100 شاحنة يوميا فقط بينما كانت تدخل نحو 500 شاحنة قبل العدوان الدموي، أما قبل الحصار المستمر منذ 17 عاما فكان يدخل قطاع غزة زهاء 1500 شاحنة يوميا وفقا لمختصين.
وتقطن ريهام وعائلتها وزوجها الذي كان يعمل سائقا قبل الحرب في مخزن بأحد أطراف المدينة، مساحته 24 مترا مربعا مع دورة مياه مقابل مبلغ 1500 شيكل شهريا.
وقال التاجر، الذي فضّل أن نُعرّفه باسم “أبو محمد”، إن التجار لم يتلاعبوا في الأسعار لكنها هبطت بسبب زيادة العرض في السوق “زيادة عرض يتبعه انخفاض في السعر وهذا أمر طبيعي”.
وأشار التاجر الذي نزح قسرا من مخيم جباليا شمال عزة قبل أكثر من شهرين إلى أن هامش الربح واحد، قائلا “نشتري بـ33 دينارا ونبيع بـ36، وقبل الحرب كنا نشتري بسعر 38 ونبيع بسعر 41 دينارا للغرام الواحد من الذهب تقريبا”.
ويتعامل الفلسطينيون في المحافظات الشمالية (الضفة الغربية والقدس المحتلة) والجنوبية (قطاع غزة) في الصفقات التجارية بالدولار الأمريكي أو الشيكل الإسرائيلي لكن عندما يتعلق الأمر بالذهب والأرض فيتم التعامل بالدينار الأردني ولا سيما في غزة.
وأشار إلى أن الحرب طالت، ومن كان معه مبلغ مالي نفد وسط ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية.
خسرنا فيها كثيرا
لكن ماجد حمد، من مدينة رفح، حاول اقتناص الفرصة ليشتري ذهبا بسعر منخفض ولم يستطع، وقال “حاولت شراء بضع قطع لكن الجواهرجية يقولون إنهم يشترون فقط ولا يستطيعون البيع بحجة عدم توفر الكهرباء لإعادة الصهر والمصنعية”.
في الشارع التجاري الرئيس (وسط البلد) بالمدينة، أغلق الصاغة محالهم إلا القليل منهم، خرج رائف النجار وزوجته بوجهين عبوسين، وقال بأسف إنه باع للتو “فردة إسورة” ليستطيع شراء احتياجات البيت، “بعنا للتو بثمن زهيد إسورة من مصاغ زوجتي لمواجهة صعوبة العيش، خسرنا فيها كثيرا”.
ووصل النجار، الذي يعمل في مجال البناء، من مدينة خان يونس جنوبي القطاع قبل أقل من أسبوع إلى مدينة رفح لكنه فوجئ بعدم وجود مكان يؤويه “لا شقق ولا مخازن شاغرة للايجار، ومن المستحيل الحصول على خيمة، بسبب النزوح الكبير من مختلف أنحاء القطاع لمدينة رفح”.
اضطر إلى شراء بعض الأخشاب وأمتار من النايلون، ستر بها عائلته المكونة من 5 أطفال وأمه المقعدة، كلفته نحو ألف شيكل (زهاء 300 دولار أمريكي)، كما قال.
وأشار إلى أنه يبحث عن برميل ماء فارغ سيكلفه نحو 1000 شيكل أخرى، وتجهيز مرحاض بالثمن نفسه تقريبا، وبعض أدوات المطبخ والأغطية والفراش وشراء ماء الشرب وحفاضات للأطفال.
وقال النجار “أنا مصدوم من الأسعار، كان معي مال يكفيني لشهرين، لكن من الواضح أنه لا يكفي لأسبوعين، كيلو البصل وصل إلى 30 شيكلا، وكيس حفاضة الأطفال 120 شيكلا بعد أن كان حوالي 25”.
وتُقدّر تقارير دولية ومحلية أن أكثر من مليون نازح هربوا باتجاه مدينة رفح يقطنون الآن في خيام ومحال تجارية فارغة أو عند أقارب وأصدقاء لهم، بانتظار مصير مجهول إذا تقدم العدوان باتجاه الجنوب أكثر.
ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حربًا مدمرة على غزة، خلّفت 25105 شهداء و62681 جريحًا، وكارثة إنسانية وصحية، وتسببت في نزوح نحو 1.9 مليون شخص، أي أكثر من 85% من سكان القطاع.