
وفقاً لإحصاءات حديثة، فإن نحو 212 ألف امرأة تركن عملهن بالولايات المتحدة، في الأشهر الأخيرة، وهذا العدد الكبير من النساء اللاتي تبلغ أعمارهن 20 عاماً فأكثر، تركن #سوق_العمل منذ يناير 2025، وفقاً لأحدث أرقام الوظائف الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل، في بداية أغسطس الجاري، وتُظهر هذه الأرقام انعكاساً للاتجاهات الحديثة التي شهدت زيادة في عدد #النساء، لاسيما الأمهات اللاتي يجدن وظائف بدوام كامل ويحتفظن بها.
وتشير البيانات إلى أنه بين يناير ويونيو 2025، انخفض معدل مشاركة النساء، اللاتي تراوح أعمارهن بين 25 و44 عاماً ولديهن أطفال دون سن الخامسة، في سوق العمل بنحو ثلاث نقاط مئوية من 69.7% إلى 66.9%، وذلك وفقاً للأستاذة في الاقتصاد والشؤون العامة بجامعة كانساس، ميستي هيجينيس.
وارتفعت مشاركة هؤلاء النساء بشكل كبير في السنوات 2022 و2023 و2024، وبلغت ذروتها في يناير 2025، إذ ساعدت سياسات العمل المرنة النساء على الانضمام إلى القوى العاملة، وتوليد الدخل الذي تشتد الحاجة إليه لدعم أسرهن.
تم التخلي عن المرونة في العمل عام 2025 على نطاق واسع، وأمر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الموظفين الفيدراليين بالعودة إلى المكتب خمسة أيام أسبوعياً في يناير، على الرغم من أن كثيرين تفاوضوا على ترتيبات العمل عن بعد، بل إن بعض الموظفين انتقلوا بعيداً عن مكاتبهم.
وبشكل عام، عادت الشركات الأميركية إلى نظام العمل بدوام كامل في المكتب، بشكل كبير، وفقاً لمؤشر «فليكس»، الذي يتتبع سياسات العمل عن بُعد، حيث عادت شركات مثل «أمازون»، و«جيه بي مورجان»، و«إيه تي آند تي» إلى سياسات العمل خمسة أيام في الأسبوع في عام 2025.
وقد أثر هذا في النساء الحاصلات على درجة البكالوريوس على وجه الخصوص، وبدأ معدل مشاركتهن في القوى العاملة الذي كان يتراجع لعقود قبل جائحة «كورونا» في الارتفاع مرة أخرى في عام 2020، وبلغ ذروته عند 70.3% في سبتمبر 2024. واستمر في الانخفاض منذ ذلك الحين، وبلغ 67.7% في يوليو 2025، وفقاً لأحدث تقرير للوظائف.
تحقيق التوازن
ليس من قبيل المصادفة أن مشاركة المرأة في القوى العاملة آخذة في الانخفاض مع اختفاء المرونة في العمل، كما تقول مديرة قسم جودة الوظائف في المركز الوطني للمرأة، جولي فوغتمان، وقد استفادت النساء من العمل عن بُعد والمرونة خلال الجائحة، وحافظن على مكانتهن ضمن القوى العاملة، وفقاً لما تُظهره الأبحاث، أما الآن فكثيرات منهن غير قادرات على ذلك.
وتوضح فوغتمان: «لاتزال النساء يتحملن النصيب الأكبر من مسؤوليات الرعاية، وهن أقدر من الرجال في ما يخص كيفية الوفاء بهذه المسؤوليات أثناء العمل»، وتابعت: «كما أنهن أكثر عرضة من الرجال للشعور بأنه يتعين عليهن مغادرة القوى العاملة عندما يصبح تحقيق التوازن بين العمل والحياة العائلية أمراً لا يمكن السيطرة عليه».
العمل والإنتاجية
لم يثبت أن سياسات العودة إلى العمل في المكتب تزيد إنتاجية الشركات، فقد وجدت دراسة أُجريت عام 2024 على السير الذاتية في شركات «مايكروسوفت»، و«سبيس إكس»، و«أبل»، أن سياسات العودة إلى العمل أدت إلى هجرة جماعية للموظفين ذوي الرتب العليا، ما شكل تهديداً محتملاً لقدرة الشركات الكبرى على المنافسة.
وأفاد ما يقرب من ثلثي المديرين التنفيذيين بأن أوامر العودة إلى العمل تسببت في «عدد غير متناسب» من النساء اللاتي قدمن استقالتهن، وفقاً لاستطلاع أجرته شركة «والر»، وهي وكالة لجمع البيانات، عام 2024، وقال العديد من الرؤساء التنفيذيين الذين أبلغوا عن استقالة النساء إنهم يجدون صعوبة في شغل الوظائف بسبب فقدان الموظفات، وإن إنتاجية القوى العاملة لديهم انخفضت بشكل عام.
وتقول الأستاذة في الاقتصاد والشؤون العامة بجامعة كانساس، ميستي هيجينيس: «عندما أسمع عن هذه الشركات التي تُجبر الجميع على العودة إلى العمل في المكتب، فإن الوضع الأكثر شيوعاً هو أن يكون ذلك بأمر من (رجل أبيض مُسن) يتمتع بما أسميه امتياز الرعاية، أي أن لديه من يُعِدّ وجباته، أو يكوي ملابسه، أو يُحضر أطفاله من الحضانة».
أموال فيدرالية
إلا أن اختفاء المرونة ليس السبب الوحيد لانسحاب النساء من القوى العاملة في عام 2025، إذ يأتي بعض الانخفاض في المشاركة من النساء ذوات الدخل المنخفض في وظائف كانت تُؤدى تاريخياً حضورياً بدوام كامل، حتى أثناء الجائحة.
وتُعاني هؤلاء النساء لأن الأموال الفيدرالية لرعاية الأطفال انخفضت بشكل كبير في عام 2025، وساعدت هذه الأموال العديد من مراكز الرعاية على البقاء مفتوحة وتقاضي رسوم دراسية أقل مما كانت ستتقاضاه لولا ذلك.
انتهى هذا التمويل في سبتمبر 2024، ما أجبر العديد من المراكز على الإغلاق أو رفع الرسوم الدراسية، تاركاً بعض العائلات دون خيارات، والأهم من ذلك أن عمليات الترحيل الجماعي (للمهاجرين غير الشرعيين) التي تحدث في جميع أنحاء البلاد الآن، تؤثر على مُقدمي الرعاية للأطفال، إذ يُشكل المهاجرون نحو 20% منهم، وفقاً لفوغتمان، وحتى مع تمتع العمال بوضع قانوني، قد يخشى بعضهم الذهاب إلى العمل، وقد يفقد آخرون رعاية أطفالهم ويضطرون للبقاء في المنزل نتيجة لذلك، كما تقول.
ساعد «التمويل الفيدرالي» بعض مقدمي الخدمات على خفض تكاليفهم، أما الآن فترتفع نفقات رعاية الأطفال مرة أخرى، وانخفض حجم الأموال التي تنفقها العائلات الأميركية على دور الحضانة والمدارس الابتدائية والثانوية في معظم عامي 2023 و2024، ثم بدأ في الارتفاع مرة أخرى في الربع الأخير من عام 2024، حيث قفز بنسبة 3.3%، وفقاً لمكتب التحليل الاقتصادي، فيما ارتفع كل ربع سنة في عام 2025. عن مجلة «تايم» الأميركية