نديم يكتب .. بدل الفاقد التعليمي، والقدرة على استدراك ما فات أبناءنا الطلبة

سواليف

كتب .. نور الدين نديم عضو مجلس #نقابة #المعلمين
كلنا يعلم حقيقة ما فرضته ” #جائحة #كورونا” من واقع لم يكن بالحسبان، مما أوجب على الحكومة التعاطي مع هذا الواقع المستجد الذي مس جميع القطاعات دون استثناء، من خلال الاجتهاد على طريقة التجربة والخطأ.
ولم تكن #وزارة #التربية والتعليم بعيدة عن هذا الواقع الذي تأثر به ثلاثة ملايين طالب، مما اضطرها إلى أن تتعامل مع هذا الواقع الطارئ ضمن اجتهادات لم يسبق لهم خوض تجاربها، فهي مستجدة ومباغتة بالكامل.
ومن المعلوم أن انعكاسات هذه الجائحة لم تكن حصراً على أبنائنا الطلبة في الأردن، بل مست 1.5 مليار طالب في 188 دولة التزموا جميعهم بنظام التعلم عن بعد، وذلك بعد تعليق التعليم الوجاهي في المدارس والجامعات والانتقال إلى التعلم عن بعد، فحالنا لم يكن بدعاً من الأمر، لكن طريقة التعاطي مع الجائحة لدينا كانت كذلك، مما أثر على الأداء والفاعلية التي كانت موضع انتقاد شديد من المراقبين وأصحاب الاختصاص لكشفها عوار سنوات خلت من القصور الوظيفي في الإعداد، وضعف واضح في البنية التحتية.
فقد عانى جزء كبير من أبنائنا الطلبة نتيجة لذلك من عدم توفر #أدوات #التعلم #الالكتروني، وعدم امتلاكهم القدرة على التعامل معها إن وجدت، مما أفقدهم القدرة على التفاعل والمتابعة.
هذه المشكلة اعترفت بجزء منها وزارة التربية والتعليم وسارعت لطرح حلول محاولة التقليل من الخسائر التي لحقت بأبنائنا الطلبة، فكانت فكرة “بدل #الفاقد #التعليمي” الذي سعت من خلاله مجتهدة لتعويض الطلاب المتضررين ما فاتهم بثمانية عشر شهراً، في شهر واحد فقط.
فهل يكفي هذا الشهر لمعالجة ما فات والتقليل من خسائره؟
وهل العلاج يكون جزئيا ويتجاهل باقي جوانب المشكلة؟
فالبناء المدرسي بضعفه من حيث التجهيز والقدرة على الاستيعاب لازال على ماهو عليه قبل الجائحة، والكادر العامل في المؤسسة التعليمية كذلك، والطلبة في جزء كبير منهم لم يبقوا كما هم قبل الجائحة بل تراجعوا بكل الجوانب الاجتماعية والتعليمية وغيرها، ولايمتلك بعضهم أدوات التعلم ولا القدرة على استخدامها.
فكيف نعالج الفاقد التعليمي بشكل جدي وحقيقي يتناول جميع جوانب المشكلة ويطرح حلولا واقعية وقابلة للحياة.
نثير هذه التساؤلات ونذكر ببعض العقبات ونضعها بين يدي القارئ لنعصف معاً بأذهاننا بحثاً عن حلول مقترحة بديلة تساعد في تقليص الفجوة التي تسببت بها كورونا.
الدراسات تؤكد تأثر الطلاب من مرحلة ما قبل التعلم المدرسي ولغاية مرحلة الدراسات العليا سلباً بالتعلم عن بعد، وتؤكد أن المشكلة ليست في الفكرة بل في التطبيق الذي يعتبر جسر عبورها للحياة.
فكيف نطور على آليات عملنا ونبتكر آليات عمل تتناسق وواقعنا وتراعي إمكانياتنا مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك ضعفا واضحا في فاعلية نظام المناهج الالكترونية، من حيث المحتوى والأداء الذي كان تلقينيا بامتياز، وأن التواصل شبه المنقطع ما بين المتلقي والمعطي كان له أكبر الأثر على تشوه المخرجات وعدم تحقيق التعليم عن بعد أهدافه المرجوة.
كما أن نقص التدريب والتأهيل وضعف القدرة على استخدام التقنيات والأدوات أو عدم توفرها بالأساس كان أحد أبرز معوقات التعليم عن بعد.
فكيف سنعالج هذا كله من خلال “الفاقد التعليمي” وبشهر واحد؟
فلا بد من من طريقة أكثر جدوى وفاعلية لتحقيق هدفنا بتعويض أبنائنا الطلبة ما فاتهم من كسب معرفي ومهاري.
إنني هنا لست بصدد وصف المشكلة، فالكل يدركها، لكني بصدد اقتراح الحلول والأفكار التي قد تسهم في التقليل من خسائر أبنائنا في تحصيلهم الدراسي، والذي انعكس على ممارساتهم وسلوكهم.

علينا أولا أن نعترف بأخطائنا ونضع اليد على الجرح حتى نتمكن من الانتقال إلى مرحلة وصف العلاج المناسب لبيئتنا وقدراتنا وإمكانياتنا مستعينين بالعاملين في الميدان والمعايشين للمشكلة.
وعلينا أن نتعامل مع كل مرحلة تعليمية بشكل منفصل، فأبناؤنا الطلبة في الصفوف الثلاثة الأولى مثلاً لهم خصوصية عن غيرهم في علاج ما فاتهم من معارف ومهارات قرائية وكتابية وحسابية واجتماعية، كذلك طلاب الثانوية العامة، وما بينهما.
فكيف نعوضهم جميعا بما يتناسب وخصوصية مرحلته التعليمية والعمرية ما فاتهم من معارف ومفاهيم ومهارات وقدرة على الإبداع والتواصل؟
وكيف نؤمن لهم وسائل التكنولوجيا؟ وكيف نكسبهم مهارة استخدامها؟
إذاً فنحن متفقون على أن مشكلة الفاقد التعليمي حقيقة، لكن مختلفين على كيفية معالجتها.
فمن زاوية نظرنا نرى :

  • أن التغاضي عن مكامن الخلل في نظامنا التعليمي لن يقودنا إلى حل المشكلة.
  • وأن علينا أن نعيد النظر في التقويم المدرسي، بما يتناسب والظرف المستجد.
  • ووضع آليات رقابة ومحاسبة صارمة لضمان عودة التعليم الوجاهي وتعويض الطلبة جزءا مما فاتهم.
  • وتمكين المعلم بالاعداد والتأهيل وهذا لا يتم عبر التعيين العشوائي، بل بالاهتمام بتعزيز التجارب الجيدة من خلال أصحاب الخبرات وقدامى العاملين الممارسين في الميدان التعليمي.
    فلا نستطيع تحقيق هدفنا بالعلاج وتقليص الفجوة التي أحدثتها كورونا خلال ثلاثة فصول دراسية بمعزل عن المعلم العامل، وولي الأمر المتابع.
    فحتى نتجاوز الفاقد التعليمي لابد من ممارسة الحلول من خلال خطة إجرائية تبنى على قراءة رقمية على أسس علمية.
    فنحن بحاجة :
  • لاجراء تقييم موضوعي يقيس مدى الخلل وحجم الفاقد في البناء المعرفي والمهاري التراكمي لأبنائنا الطلبة.
  • إختصار الفاقد التعليمي وقولبته على شكل تدريبات وأنشطة تكسب الطالب المعرفة من خلال الممارسة السهلة الممتعة والمشكلة على الاستمرارية بالتعلم.
  • التغذية الراجعة المستمرة والتعامل بخطط مرنة قابلة للتعديل حسب الحاجة وحسب حجم الخلل ومقتضى البيئة والامكانيات والأدوات المتوفرة.
    باختصار إن علاج الفاقد التعليمي وتعويضه لأبنائنا الطلبة ليس مسؤولية جهة بعينها بل هو مسؤوليتنا جميعاً، وعلينا أن نتعاون ونتكامل للخروج من هذه المرحلة بأقل الخسائر بخطة متكاملة تجمع بين الوقاية والعلاج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى