سواليف
مجاهد أحمد نوفل
من فضل الله عليّ أنني كنتُ أحد تلاميذ مدرسة الوالد العزيز الدكتور أحمد نوفل؛ من البيت، إلى الجامعة، إلى الدروس في المساجد، واللقاءات والندوات.. وتخلل هذه المسيرة محطات بارزة ومواقف تستحق التوقّف..
وأذكر من بين تلك المواقف، مواجهته لأيّ أمر صعب بكلمتين قرآنيتين: {للهِ الأَمْر}، هكذا بكل بساطة، لا ينفعل ولا يجزع ولا تهزّه تقلّبات الواقع وظروف الأيام مهما تغيّرت وتبدّلت..
وموقفٌ جديد، تفاعل معه مُحبُّو الدكتور بشكل لافت، حينما مُنع من التدريس في مسجد القواسمي الذي كان يُلقي فيه درس التفسير على مدار سنوات طوال.. فاقترح بعض الأحبة أن يُستأنف الدرس ويُبثّ عبر صفحة الدكتور على موقع “الفيسبوك”، وكانت ليلة ذات ذكريات ومواقف..
فقد التقينا مع مجموعة من الإخوة والأصدقاء في بيت الوالد في الوقت الاعتيادي للدرس، وقبل موعد الدرس بساعتين، بهدف إخراج الدرس بطريقة احترافية وببثّ مباشر..
وتناول الوالد مقدمات حول سورة يوسف، وكان من بينها الابتلاءات والمحن التي تعرّض لها يوسف، وصبُره وتجاوُزه المحن، وفتحُ الله عليه وتمكينُه.. ورَبَطَ الوالدُ بعبارة “إيجابية” واحدة مع ما جرى للدرس، فقال: “وشاء الله أن ننتقل من التدريس في أحد مساجد عمّان، إلى هذه النافذة الإلكترونية التي يُتابعها الآلاف من أنحاء العالم في وقت واحد”.
وكمتابع لدروس الوالد منذ حوالي ثلاثين عاماً، وجدتُ لهذا الدرس مذاقاً خاصّاً، رغم أنه خلا من الحضور، الذين بحضورهم تكتمل المعاني والدلالات، ويتفاعل المحاضِر، فتخرج المحاضرة بصورة بهيّة حيّة ناطقة.. إلا أنّ عزم الوالد وتصميمه على تبليغ الرسالة التي نذر حياته من أجلها، جعل للدرس رونقاً ورُوحاً، وانتشرت تلك الكلمات التي التقطتها “الكاميرا” في أرجاء العالَم، ليتفاعل أهلُ القرآن من كل الأجناس والألوان مع كلمة الحق، وتحيا بها قلوبهم ونفوسهم، وتكون لهم نبراساً على الطريق، حتى يبلغوا وعد الله بالنصر والتمكين..