نبوءة / إبراهيم العمري

نبوءة

وَقَفَتْ على شُبّاكِ صَومَعتي
لتُسمِعَني نبوءتَها
بَكَتْ
يا … كَم بَكَتْ
كُلُّ الحُروفِ تَعمَّدَتْ في دَمعِها
رغمَ النّشيجِ فهِمتُ إيقاعَ الهَديلِ
رأيتُ ما خلفَ الكلامِ
وما تَوارى في مرايا بوحِها
هدَلَت نُبوءَتَها وغابَتْ
كُنتُ أكتُبُ كُلَّ صَوتٍ في شَرايينِ الهَوى
وعلى جِدارِ الصَّومَعةْ
وقُبَيلَ آخِرِ حَرفِها
وقَفَ الزَّمانُ على فَمِي
سَرَقَ الخواتِمَ والأصابِعَ مِنْ يَدي
بدأ الظّلامُ يطوفُ حَولَ عمامَتي
جاءَ الدُّخانُ فهَدَّ صَومَعَتي وعَشَّشَ في دَمِي
خَطَفَ الحقيقةَ كُلَّها
ألقى النُّبوءةَ في غيابَةِ جُبِّ ذاكِرَتي وعادَ إلى المَدَى
يبكِي الذّئابَ ويَنتَشي بعُوائها
ابيضّتْ عليها أحرُفي
هَرَبَت إلى الأحزانِ باكِيَةً
يُرَدِّدُ حبرُها السريُّ وا … أسَفي عَلَيْ
لم يَبقَ لي إلا القليلُ مِنَ الهديلْ
الربُّ يَسمَعُ أدمُعِي
حتّى إذا استيأستُ
جاءَ عبيرُها
ألقى على روحِي القميصَ مُبشِّرا
عادتْ لِحَرفِي الذّاكِرَةْ
عادَت إلى عيني النّبوءَةُ كامِلَة:
الكاهنُ الأعمى يسيرُ مُقيَّداً للهاوِيَةْ
الكاهِنُ الأعلى يظلُّ مُغيَّبا في الغاوِيَةْ
البَحرُ يَغرَقُ في خَيالِ القافِيَةْ
الياسمينُ يموتُ مذبوحا بسيفِ المُعجِزَةْ
القُدسُ باعِثَةُ الكلامْ
القُدسُ حاضِنَةُ اليَمامْ
القُدسُ قارعةُ السّلامْ
القُدسُ عاصِمَةُ الحَجَرْ
القُدسُ عاصِمَةُ الشَّجَرْ
القُدسُ عاصِمَةُ المَطَرْ
القُدسُ عاصِمَةُ البِدايَةِ والنّهايةِ هكذا شاء القَدَرْ
تلكَ النّبوءةُ لا تَموتُ وقَلبُها
جيلٌ إذا ما ماتَ قامْ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى