مهاجر

[review]
مهاجر

quot;اسم سفينة احالوها على التقاعدquot;

اهتزي فوق قشعريرة الأمواج، تراقصي مثل ديكٍ مذبوح…وسافري نحو اليباب.

قال لي الربان عنك : quot;إسمكِ مهاجر، وتحملين أكثر من طاقتك وأنها رحلتك الأخيرةquot;.

مقالات ذات صلة

ويحك مهاجر: مسافرةٌ أنا الآن عليكِ، هل تقدرين على حمل حزني والمضي دون خوف، تمخرين إظلامي …وأنا التي طوَّفت المدائن باحثةً عن يدٍ تلوِّح لي ولو بوداعٍ حزين، وصحتُ بكل الطرائق حاشرةً التائبين: كيف تبتم وأنبتم؟

اهتزي مهاجر…أتودعين؟ لا أحد يرفع يده بالوداع لكِ! سيرمونك في مقبرة السفن إذ أنت لا تصلحين. وأنا على حافتكِ أرفع الأكف ضارعةً بوداعٍ للا أحد…ترتفع كل أياديَّ وعيوني على الظل في البحر….أتدرين؟ كنتُ فقط أحاول إقناع الرجل المسنِّ بجانبي أن إنساناً ما يودعني!!

تماوجي مهاجر…لا تخشيْ الألم لحظة…ولا تستسلمي لشكل موتهم الآن.اختاري صخرةً عظيمة الحواف وانتحري…يكون الموت أجمل إذا خلا من الخوف والتردد.هي لحظة الصبر عند سقوط السيف على المقصلة…لا تفكري بالموت كثيراً، احتملي فقط لحظة الألم قبل الموت.

وتدرين- لا بُدَّ مهاجر- من سفراتك الطويلة أن الألم يتلاشى…ودائماً ndash; هذا المسافر الملعون ndash; تبقى ذكراه أكثر إيلاماً منه…وحيث أن الموت بعده ndash;هذه المرة ndash; فلا ذكريات في هذا الطريق تستفيق.

سمعتُ زفراتك المكبوتة…ألمستِ وجعي؟. لا أحد اليوم يودعني. عرفوا كلهم ذلك ndash; بما فيهم أنتِ ndash; أنني هذه المرة لن أعود. والرجل المسنُّ نظر إليَّ قليلاً ثمَّ ابتسم ومضى.

قال لي الربان عنكِ أيضاً أنهُ لا شيء يحزنك مثل النقر على خشبك والغناء:

تلاشى الغروب

وانزاح الضباب.

مضى الليل

تحركتْ أهداب.

جرَّحت لي كل عيوني…

ابقَ ساهرني حتى انطفاء النجوم

راقص لي حزناً محترفاً وضجر.

غنِ لي: مضى بنا العمر.

مهاجر: أمات بحارك القديم مثلي؟ أجدد السفينة مرةً أُخرى وسافر؟….

انظريني… ما زلتُ أركب قاربي الورقي وأسير عكس الموج. وأنا رأيتهُ ndash; بحارنا-سعيداً مثل طفلٍ بلعبته الجديدة.

قال لي البارحة : quot;يبدو على عينيْكِ الذهول…لماذا انتِ واجمة؟quot;…..لا يملىء القلب سواه…وحينها لم يبقَ في جعبتي أي أناشيدٍ أو عويل…قلت له :quot;أنا راحلة…ولا أريدك أن تكون عند الوداعquot;! ليس بي صبرٌ أن أراه ولا أحترق.

لو أنهم يعطوننا الفرصة بعد رحلتك الأخيرة ndash; أنت وأنا فقط – ….ننساب في المياه…أنا قرصانك التائه الذي كسرت الريح مجاديفه…وأنتِ تتمايلين وتغنين…لا نخشى الصخور التي تجنبناها طوال العمر الأجوف…نسكن القيعان والجزر المغطاة بالذبول…ثم نختار موتاً هادئاً….

ما أجمل أن يملك الإنسان لحظة موته

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى