م. ميسرة ملص يسأل عن “الأوامر التغييرية” للمشاريع والفساد فيها ؟

سواليف – رصد
كتب النقابي المهندس ميسرة ملص حول ما يسمى الأوامر التغييرية للمشاريع التي تحال كعطاءات على مقاولين ، ومن ثم يصار الى تغييرات في هذه العطاءات بسبب اخفاقات لم يكن يلحظها المصمم للمشروع .
وقدم المهندس ملص مجموعة من الأسئلة التي لم يجب عليها ، ما أثار العديد من التساؤلات حول الأوامر التغييرية ومن وراءها وكيف تتم ولمصلحة من ؟
وتاليا نص ما كتبه المهندس ميسرة ملص عبر صفحته الشخصية في فيسبوك :

سيسمع المواطن خلال الأيام القادمة كثيرا عن مصطلح الأوامر التغييرية في البلد، وأنها كلفت كما يُقال ٤٥٠ مليون خلال عشر سنوات. وسيُربط ذلك بالفساد، وإن كانت الأوامر التغييرية فسادا وهي مقوننة ضمن عقد المقاولة، فإن معظم المكاتب الهندسية وبعض العاملين في وزارة الأشغال العامة والاسكان يُعتبرون بهذا القياس “فاسدين”، وإذا فُتحت ملفات الأوامر التغييرية، فمعظم هؤلاء مشاركون فيها، إما منسبين أو أصحاب قرار، ولا تقتصر على مسؤول أو مكتب هندسي بعينه.

والأوامر التغييرية، هي إما لأعمال اضافية أو اخفاقات لم يكن يلحظها المصمم (وستتجاوزها المكاتب الهندسية مستقبلا بعمل تصاميم متحفظة جدا، ستكلف الخزينة مبالغ طائلة، خاصة بعد تعديل إحدى مواد تعليمات الأوامر التغييرية والخدمات الاستشارية بتحميل المكاتب الهندسية كلفة هذه الأوامر التغييرية في حال وجود أخطاء فيها، وهذا إن حصل، فمعناه شطب عشرات المكاتب الهندسية الكبرى في البلد، وذلك على الرغم أن اتفاقية الخدمات الهندسية تحدد طريقة محاسبة هذه المكاتب، وقد تحفظت المكاتب الهندسية على ذلك عند اعداد هذه التعليمات أو اضافات استحدثت بناء على أوامر المالك (الديوان الملكي أو وزارة الصحة أو التربية…الخ ) لتطوير المنشأة أو أعمال اضافية خارج المشروع للاستفادة من الأموال المقدمة من الممولين والمانحين من خارج البلد واستفيد منها لصالح البلد إلى غير ذلك من الأسباب الفرعية..

والمهم في كل ذلك، لمعرفة إن كانت الأوامر التغييرية فسادا أم لا، هو معرفة أن الأسعار التي أعطيت للمقاولين حين تنفيذها كانت ضمن الأسعار الدارجة والمقبولة أم كانت “جمعة مشمشية” للمقاولين، وهل التعديلات التي أجريت بموجب هذه الأوامر وسهلت على المقاولين أعمالهم تمت دون أن ينعكس ذلك تخفيضا على الأسعار لصالح الخزينة أم لا.

قد يكون هنالك مخالفات ادارية حدثت من قبل مسؤولي وزارة الاشغال، وذلك بالموافقة على الأعمال قبل صدور الأوامر التغييرية حسب الصلاحيات الممنوحة في نظام الأشغال الحكومية، وهكذا كان المتابع منذ تأسيس وزارة الأشغال العامة والاسكان في صدور الموافقة على الأعمال ومن ثم صدور الأوامر التغييرية لاحقا، و كان في بعض الأحيان يصدر الأمر التغييري التصويبي في نهايه المشروع، و لكن من الغريب الآن وصف كل هذه الأعمال بأنها فساد، وأنا استغرب سكوت نقابتي المهندسين والمقاولين عن كل هذا اللغط، دون توضيح الأمر للمواطنين، (وإن كنت قد علمت مؤخرا بأن نقابه المهندسين تنوي عقد ندوة حول ذلك).

والسؤال الآخر، هل أعمال الأوامر التغييرية التي نفذت في البلد لصالح المواطنين أم نفذت لمصلحة شخصية أومسؤول كبير (مثلا طريق لقصر منيف).

والأوامر التغييرية لا تنتهي طالما أن المشاريع مستمرة في البلد، وفي احد المشاريع التي تنفذ حاليا بلغت الأعمال التغييرية حوالي نصف قيمة العطاء الأصلي، بل من المفارقة المضحكة المبكية، أن مبنى مكافحه الفساد الحالي صدر له أمر تغييري قبل اشغاله من هيئة المكافحة، بعد أن تم تخصيصه للهيئة، حيث كان قد بني لاستعمالات أخرى وجرى الأمر التغييري لتوضيب المبنى ليناسب أعمال الهيئة حسب معلوماتي -راجيا من الحكومة نفي ذلك أو تأكيده.

من المعيب اتهام كل من عمل في قطاع الانشاءات وشارك باصدار أوامر تغييرية بأنه فاسد، وأرى بأنه على نقابتي المهندسين والمقاولين ومنتدى الأعمال الهندسي توضيح ذلك للعموم، يجب فتح كل ملفات الأوامر التغييرية وطلب كل من وقعوا عليها ومنهم وزراء وأمناء عامين ومديرون ومهندسون عاملين ومتقاعدين والتفريق ما بين الفساد وما بين الأخطاء الادارية، وما بين ضرورة العمل والأعمال الاضافية التي تمت لخدمة البلد والمواطنين، و ليس لخدمة شخوص معينه وحيتان كبار، وذلك في ظل سكوت المسؤولين الحاليين والذين يعتقدون بان عدم موافقتهم على الأعمال الاضافية الآن تجنبا لتحملهم أي مسؤولية مستقبلية سوف يحمي الخزينة علما بأنهم (وهم يدرون أو لا يدرون) سيحملون الخزينة أضعاف ما تتحمله لو أخذوا القرار الصحيح في وقته. وليس من المهم الآن أن يظهر الوزير أو المسؤول بأنه طاهر وشريف وعفيف لأنه لا يتخذ أي قرار، ويحمل مهندسيه المسؤولية و”يطرز” لهم الكتب بالاستفسار عن الواضح من الأمور لكي لا يتخذ القرار بالوقت المناسب، وذلك ليتبين حال فتحت الأوراق في المستقبل بعد نزوله عن كرسي المسؤولية بأنه قام بواجبه (بالشكل) على أحسن حال وهو برقبته حياة المواطنين وأرواحهم، والحل الاسهل في هذه البلد خاصة وأننا جميعا نعرف “ميّات ” بعضنا البعض ونعرف الفقير والغني من بيت أبوه (حاكم ومحكوم) أن نُفعّل قانون من أين لك هذا..

ودمتم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى