ميّل
قاسم الزعبي
وقد دأبت #العادات عند شعبنا #الاردني العريق أن يصحو عمود الدار من قيلولته عصرا ليجلس تحت شجرة الزيتون ب(قاع الدار) ثم تتسابق جميلات البيت لشطف ساحات البيت (المصبوبة) بالباطون… فهي ساحات للسهرات الصيفية… وهي فناءات لجمع الزيتون في الشتاء.. وقد تكون مكانا لغسيل السجاد قبيل العيد…
وبعد أن تنتشر #رائحة #القهوة السادة في أرجاء المكان… وبعد أن تنشر شجرة الياسمين عبقها والتي زرعتها الزوجة ذات فضاوة وهداة بال… تكون جميلات البيت أنفسهن قد مددن الساحة ب(الجنبيات) التي لا تتشابه واحدة مع الأخرى في وجه(الجنبية).. وذلك لضيق الحال..
كلمة (ميل) جاهزة دائما على لسان المعزب.. وربما لو طرح عليه أحدهم السلام لكانت (#ميل) قبل(وعليكم السلام) وقد يزيد عليها (جيرة الله ) إن كان المارّ ذا علاقة طيبة مع المعزب…
والعادة تقتضي أن يشرب المعزب أول فنجان قهوة من دلته قبل ضيفه… ثم يصب لضيفه بعد ان استجاب لكلمة (ميل)… هناك كانت القلوب صافية.. وكانت الأحاديث لا تتعدى تناول موضوعات كحرارة الطقس او موسم اللوز أَو انتخابات المجلس المحلي اذا كانت قريبة العهد… هناك كانت كلمة( ميل) تقال دون موعد على الهاتف الارضي… هناك كانت (ميل) تجمع أهل الحي شيبها وشبابها…
اليوم تقال كلمة( ميل) بصوت خافت خشية قبول الضيف… فالعرف يقتضي مجيء الظيف بموعد مسبق.. َوالعادات باتت تشير إلى أن الضيافة يجب أن تكون جاهزة.. ونسوا أن فنجان القهوة كان هو المشروب والفاكهة والحلويات…
اليوم.. وبعد انقطاع اواصر العلاقات بحكم انتشار التكنولوجيا.. وبفعل تأثير كورونا انقرضت( ميل).. وحلت مكانها(فكنا منه)..
اليوم تسيطر الشكوى والتبرم والعبوس على وجه المعزب قبل َوجه ضيفه.. فلا الصفاء صفاء. ولا القلوب قلوبا.. وقد قال أحدهم لي قبل يومين(ليتنا نرجع لليالي السمر.. فلا نستقي اخبارنا إلا من الردايو.. ولا نعرف موعد العيد إلا ليلة العيد.. حتى أجنتنا ليتنا لم نعرف جنسهم إلا بعد الولادة…)بعد أن تبشرنا فاطمة اليوسف بجنسه..
اللي عرف فاطمة اليوسف رحمها الله وجزاها خيرا.. يرفع ايده