ميلانيا.. حكاية ابتسامة لا تظهر إلا بعيدا عن ترامب

بخطى واثقة، نزلت من الطائرة، وبابتسامة عريضة استقبلت نظيرتها الغانية ريبيكا أكوفو زوجة الرئيس الغاني التي حرصت على ملاقاتها بالمطار، وبوجه مشرق احتضنت طفلا غانيا وداعبته بين أحضانها، كما حرصت على توزيع هدايا بشكل شخصي لأطفال داخل مستشفى غاني.

لم تكن السيدة التي قامت بذلك سوى ميلانيا ترامب، التي دشنت هذا الأسبوع جولة أفريقية بدأتها بغانا، وستنهيها بأرض الكنانة مصر، مرورا بكينيا وملاوي.

ولم يسأل أحد عن سر وجه ميلانيا المشرق خلال هذه الزيارة، التي تتضمن الاطلاع على مرافق صحية للأطفال ودور للأيتام ومؤسسات إحسانية؛ فالكل يعرف الجواب: إنها وحدها وليست مع زوجها دونالد ترامب، الذي لم تكد تُرى معه خلال زياراته داخل وخارج الولايات المتحدة إلا عابسة الوجه.
منذ انتخاب ترامب رئيسا وتفجّر قضايا نسائية في وجهه ساءت علاقته مع ميلانيا (رويترز)

الغريب أنها تزور دولا في قارة سبق لزوجها ترامب أن وصفها في يناير/كانون الثاني الماضي “بالأوكار القذرة” خلال اجتماع حول الهجرة في البيت الأبيض، بحسب ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست وقتئذ، وهو ما أثار ضده ضجة محلية وعالمية.

وستختم ميلانيا جولتها الأفريقية بدولة يعلم ترامب أن رئيسها عبد الفتاح السيسي “قاتل”، فقد وصفه بقوله إنه “… قاتل”، كما جاء في كتاب الصحفي الأميركي الشهير بوب وودوورد “الخوف.. ترامب في البيت الأبيض”.

بريق الذهب
عارضة الأزياء سلوفينية الأصل، انتقلت للولايات المتحدة منذ تسعينيات القرن الماضي لممارسة مهنتها كعارضة، فجمعها طموحها مع رغبات الملياردير ترامب، الذي التقى بها خلال حفلة في سبتمبر/أيلول 1998، وعمرها 28 عاما، بينما تجاوز هو عقده الخامس بسنتين.

ورغم سمعة ترامب وقتها، وكثرة حديث الصحافة عن علاقاته النسائية، ورغم أن الحفلة ذاتها التي أبدى فيها إعجابه بميلانيا كان برفقة عشيقة أخرى كان على علاقة معها لفترة؛ فإن ميلانيا دافعت عن الحب الجديد، وقالت إن علاقتها الآن هي مع “رجل حقيقي”.

“رجل حقيقي” سبق أن تزوج مرتين قبل أن يلتقي ميلانيا، وسربت له عدة فيديوهات تضمنت تصريحات اعتبرت مهينة للمرأة، وأثارت ضده غضب الجمعيات النسائية والحقوقية.

لكن ذلك لم يقف حاجزا أمام أن يمضي العشيقان في علاقتهما قدما، نحو الزواج.
نتنياهو يشبك يديه مع زوجته عكس ترامب وميلانيا التي أظهرها فيديو آخر في زيارة لإسرائيل وهي ترفض مد يدها لترامب (رويترز)

فست سنوات بعد هذا اللقاء الصاخب، تخللتها فترة شقاق بسيطة عام 2000، سيتقدم ترامب لخطبة ميلانيا، مقدما لها خاتما من الماس بلغت قيمته مليونا ونصف مليون دولار.

وفي 22 يناير/كانون الثاني 2005، نظم حفل الزفاف، حيث ارتدت عارضة الأزياء فستانا من تصميم دار الأزياء “ديور” الشهيرة، وبلغ ثمنه مئة ألف دولار، في حين امتلأت يداها وجيدها بالمجوهرات.

وعاما بعدها، أثمر هذا الزواج ابنهما الوحيد الذي اختارا له من الأسماء بارون، ولحد ذلك الوقت، وحتى سنوات قليلة بعدها، حرصت ميلانيا ـ مثلما فعل ترامب ـ برغم المشاكل التي طفت على السطح بينهما على الحفاظ على الشكليات، وتبادل رسائل الغرام والمدح على مواقع التواصل الاجتماعي، وخلال التصريحات الصحفية في المناسبات المختلفة.
لحظة النزول من الطائرة تحظى بمتابعة المصورين وترفض ميلانيا غالبا النزول مع ترامب ويدها في يده (غيتي)

خفوت
لكن بريق الذهب والمجوهرات سرعان ما بدأ الخفوت، وبدت مهمة الحفاظ حتى على الشكليات مستحيلة بعد فوز ترامب برئاسيات 2016، ودخوله البيت الأبيض، وهو أمر لم تتوقعه لا ميلانيا ولا حتى ترامب نفسه، بحسب ما أوردته وسائل إعلامية أميركية وقتها، في الوقت الذي خرجت فيه ميلانيا تنفي فيه ذلك.

فقد انفجرت في وجه ترامب عدة فيديوهات وتصريحات لمسؤولين وسياسيين تتحدث عن علاقات خاصة له بعيدا عن عش الزوجية.

البداية جاءت من عند الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز، التي ألفت كتابا بعنوان “كل شيء” عن دار ماكميلان للنشر، كشفت فيه عن علاقة جنسية جمعت بينها وبين ترامب عام 2006، بعيد أشهر على ولادة ابنه الأصغر بارون من ميلانيا، مؤكدة أن تلك العلاقة ليست سوى محطة من محطات عديدة سيتوقف عندها الكتاب.

وعلى الرغم من أن ترامب نفى حصول أي علاقة جنسية بينه وبين ستورمي، فإن محاميه السابق مايكل كوهين أقر بأنه -بناء على طلب موكله- دفع للممثلة الإباحية مبلغ 130 ألف دولار لقاء التزامها الصمت بشأن هذه العلاقة.
علاقة أوباما بميشال يركز عليها الإعلام الدولي خلال الحديث عن علاقة ميلانيا وترامب (رويترز)

بينما تلقت العارضة الإباحية كارين مكدوغال مبلغ 150 ألف دولار، لشراء صمتها هي الأخرى بشأن ادعاءات مماثلة.

واعترف كوهين بذلك في أغسطس/آب الماضي، مؤكدا أن التفاهمات حدثت قبل انتخابات الرئاسة عام 2016.

ولم تقف القضية عند ستورمي وكارين، بل تحدثت تقارير إعلامية عن “ملفات بخصوص علاقات” توجد لدى ترامب في روسيا، وبرغم أن الجانبين نفيا ذلك جملة وتفصيلا، فإن ما ورد بتلك التقارير الإعلامية صار مادة دسمة للإعلام الأميركي، في ضوء تحقيقات روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2016.

قضايا وملفات وتفاصيل دفعت رودي جولياني محامي ترامب للتأكيد بأنه لا يستبعد احتمال أن تكون أموال دفعت إلى نساء أخريات غير الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز لالتزام الصمت بشأن مزاعم ضد ترامب.

واختفت الابتسامة
هذه الأحداث وغيرها أخفت الابتسامة من وجه ميلانيا، وهو ما بدا واضحا للإعلام الأميركي الذي ركز على اللحظات التي جمعت الزوجين معا، وظهرت فيها بوجه عابس.

وتجاوز الأمر عبوس الوجه، وتقطيب الجبين، واختفاء الابتسامة، لمحاولة الابتعاد حتى عن تشبيك اليدين خلال عدد من المناسبات الرسمية، مثلما حدث خلال زيارة الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون وزوجته بريجيت للولايات المتحدة في أبريل/نيسان الماضي، عندما حاول ترامب الإمساك بيد ميلانيا فتهربت منه، قبل أن يمسك بها بقوة وعلامات الغضب بادية على وجهه.

كما رفضت ميلانيا تشبيك يدها بيد زوجها خلال زيارته الرسمية الأولى إلى إسرائيل، كما شوهدت في مناسبات مختلفة وهي تكرر العملية نفسها.

ولم تُر ابتسامة ميلانيا كما الأيام الخوالي إلا مع أول زيارة خارجية لها وحدها هذا الأسبوع، والغريب أنها كانت لدول سبق لترامب أن هدد مرات عديدة بوقف المساعدات لها بحجة الاهتمام بالولايات المتحدة أولا.

وكأن كل ما يكرهه ترامب، يرسم الابتسامة على وجه ميلانيا، حالها في ذلك حال كثيرين عبر العالم، أخفت سياسات ترامب الابتسامة من وجوههم.


المصدر : الجزيرة + وكالات,مواقع إلكترونية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى