ميقاتي وأسهم الملكية من جديد / سلامة الدرعاوي

ميقاتي وأسهم الملكية من جديد

إحالةُ مَجلس النوّاب لملف بيع أسهم ميقاتي في الملكية الأردنية إلى هيئةِ مُكافحة الفساد تُعيد هذه القضية الى دائرة الجدل العام الذي كان صاحب هذه الزاوية اثارها في نفس هذا المكان قبل أربعةِ سنوات تقريباً.
حذرتُ قبل سنوات من أن مجلس النوّاب سَيفتح هذا الملف عاجلاً أم آجلا، وأن الحكومة التي وقعت اتفاقية الشراء لن تفلت من السؤال، لِسببٍ بسيط وهو غياب الشفافيّة في عملية الشراء التي تركت كثيراً من الأسئلة في الشّارع حول كيفية إتمامها.
السؤال الأهم كان من قبلِ المراقبين، هو لماذا يتم شراء أسهم الملياردير مجيب ميقاتي بـ 1.84 دينارا للسهم، وهو يتداول في بورصة عمان بـ 40 قرشا؟
السؤال من حق الجميع أن يعرف أساس الصفقة ولماذا تمت بهذا الشكل الغريب.
ميقاتي دَخَلَ كشريك استراتيجيّ في الملكية سنة 2009 بشراء 20 بالمئة من أسهمها بقسمة 3.2 قرشا للسهم، وبقيمة اجمالية بلغت في ذلك للوقت 48 مليون دينار، وحصل بموجب هذه الصفقة على حق الفيتو في مجلس الإدارة، بمعنى انه يستطيع الاعتراض على أيّ قرار في مجلس الإدارة ويعطله.
ميقاتي عندما اشترى أسهم الملكية كان هُناك تفاهمات مع الحكومة في ذلك الوقت بإدارة الملكية وفق أسس تجاريّة بحتة بعيدا عن أيّ تَدخلات حكوميّة في الإدارة.
لكن ما حدث بعد أن تدخلت الحكومة في كُلّ صغيرة وكبيرة في إدارة شركة الملكية، ونتيجة الأوضاع الإقليميّة والمحليّة دخلت الملكية في منحنى الخسائر إلى أن وصلت الخسائر إلى حدّ التصفية الإجباريّة بعد أن تجاوزت رأسمالها.
هُنا كان أمام الملكية خياران لا ثالث لهما، إما التصفيّة الإجباريّة، وأما زيادة رأسمالها وهو ما رغبت به الحكومة التي طلبت زيادة راس المال.
هذا الأمر لن يتم الا بموافقة ميقاتي الذي يملك الفيتو، وفعلا هدد باستخدامه، طالباً من الحكومة أن تشتري أسهمه وتعويضه عن جزء من خسائره، وإلا لن يتم الموافقة على زيادة رأس المال.
الحُكومة لم يكن لديها أيّة خيارات تفاوضيّة مع ميقاتي، والأمر الوحيد الذي فعلته هو الخضوع لرغباته في البيع بسعر 1.84 دينارا للسهم على أن تُنفذ الصفقة بعد عام من التوقيع، وهو ما حصل فعلا انها نفذت في بداية عهد حُكومة الملقي التي نفذت الاتفاقية والتي للأسف أيضا كانت خياراتها صعبة في هذا الأمر لوجود بنود صعبة أشبه بالشرط الجزائي واللجوء إلى المحاكم الدولية لتنفيذ الاتفاقية بين الحكومة وميقاتي.
فعليّاً الحكومة اشترت الفيتو من ميقاتي اضافة للأسهم، وحاولت أن تُعمم الفكرة على كُلّ حملةِ الاسهم خاصة كبار الحاملين لسهم الملكية بصفقة اجمالية وصلت الى ما يقارب 27 مليون دينار، لكن لم تستطع أن تكمل الأمر للضائقة الماليّة التي تعاني منها الخزينة.
صفقةُ ميقاتي مثال للإدارة الحكوميّة السيئة في التعاطي مع الملفات التي تثير اهتمام وتساؤلات الشّارع، فالأمر كان بإمكانه أن يتم بأسلوب أكثر حصافة ورشدا لو اتبعت حكومة النسور في ذلك الوقت الشفافيّة في معالجتها وإدارتها بدلا من التعاطي السريّ مع هذا الملف، الذي فتح باب الأسئلة على مصراعيه لدرجة الشكوك في نزاهة العمليّة برمتها، ومن ابرز التساؤلات: لماذا التخصيص بالتعويض لميقاتي؟، ولماذا بسعر اعلى من سعر السوق؟، ولماذا لا يشمل التعويض باقي المساهمين وعلى رأسهم الضمان الذي يملك 10 بالمئة من أسهم الملكية؟، واذا كانت الحكومة اتبعت مبدأ التعويض في الملكية مع كبار المستثمرين والشركاء، فهل سيتم تعميمه على باقي المستثمرين الأجانب في الشركات الأخرى؟، وما هو السند القانوني لإبرام اتفاقيةً شراء أسهم ميقاتي؟.
والسؤال الأهم، ما هي حقيقة الجدوى الاقتصاديّة لزيادة رأسمال الملكية التي قامت بها لغاية اليوم والتي كلفت الخزينة لغاية الآن ما يقارب 124 مليون دينار من أصل 200 مليون دينار خصصت لذلك؟، هل انقذت الملكية من خسائرها ووضعتها على المسار السليم المُربح؟، ألا تُشكّل هذه الأموال الحكوميّة المدفوعة للملكية دعماً مالياً مُباشراً لشركة مُساهمة عامة مُتعثرة ؟، أليس من واجب الحكومة أن تدعم باقي الشركات أسوة بالملكية؟ ، كيف تُقدم الحكومة دعما للملكية بهذا الشكل في الوقت الذي انسحبت فيه من دعم الخبز والمحروقات، مَن أولى بالدعم الخبز أم الشركة؟.
كُلها تساؤلات لا تلقى اجوبة رسميّة واضحة رغم الضجة التي أُثيرت حولها وقت توقيعها، وهو ما جعل القضية تتدحرج مثل كرة الثلج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى