ميزات إسلامية: المواريث

#ميزات_إسلامية: #المواريث
مقال الإثنين: 10 / 11 / 2025

بقلم: د. #هاشم_غرايبه
من أهم ما انفرد به منهج الله هو اهتمامه بحقوق الورثة، وتحديدها بكل دقة، كونها اكثر الأمور التي تحدث خلافات ونزاعات وتفكك لأواصر القربى.
لا تختلف المجاميع البشرية في إيلائها أهمية لتوريث الأبناء أملاك أبيهم المتوفي، ولم يجادل أحد في حق من كان يعيلهم في حياته بحيازة ما يملكه بعد مماته، لأن همه الأكبر كان بتأمين حياة كريمة لهم.
قبل أن نبحث فيما شرعه الله بهذا الأمر، سنتناول لمحة خاطفة عن الأنظمة الوضعية لمختلف الشعوب والأقوام.
الشعوب الأوروبية كان وضعهم الإجتماعي هو الذي يحدد نظام التوريث، فطبقة النبلاء والإقطاعيين كان يحكمهم نظام (البكورة)، الذي يعطي الإبن البكر الحق في كل شيء بما فيها لقب النبيل، ولا يرث البقية شيئا.
أما طبقة العامة فكان هنالك اختلاف بين منطقة وأخرى، لكن كون الملكية الأهم (الأرض) غير متاحة لغالبية الشعب لأنهم كانوا يعملون في أراضي الإقطاعيين كأقنان، لذلك سادت أنظمة مختلفة في نطاق ضيق مقارنة مع نظام البكورة الواسع الإنتشار، ففي فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وبولندا كان لكل منطقة نظام يزاوج بين البكورة في إرث العقارات والتوزيع على الأولاد الذكور في الأموال المنقولة، وقليل منها كان يعطي الإناث، وكانت السويد تتبع حتى القرن التاسع عشر نظاما يعطي الذكر ضعف الأنثى، لكن الأرض للإبن البكر مقابل رعاية الأبوين في شيخوختهما.
في الشرائع السماوية السابقة للإسلام ، لم تكن هنالك تشريعات دقيقة تتناول الميراث باستثناء ما ورد في التوراة: “أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ وَليْسَ لهُ ابْنٌ تَنْقُلُونَ مُلكَهُ إِلى ابْنَتِهِ. 9وَإِنْ لمْ تَكُنْ لهُ ابْنَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِإِخْوَتِهِ. 10وَإِنْ لمْ يَكُنْ لهُ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لأَعْمَامِهِ. 11وَإِنْ لمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِنَسِيبِهِ الأَقْرَبِ إِليْهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَرِثُهُ” ، لكن في التطبيق كان اليهود يورثون النسل من الذكور فقط، والبنت لا ترث، وعندهم أيضا أن الابن البكر يتلقى ضعف مايرثه إخوته الباقين.
أما المسيحية فليس فيها أصلا تشريعات، فكل تعاليمها روحانية، لذلك كانت تطبق التشريعات اليهودية وشيئا من الرومانية، وحديثا أصبحت تطبق أحكام الشريعة الإسلامية.
وعندما نزلت الشريعة الإسلامي كان من ضمن ما أكملت به الدين، تشريعات نظام المواريث، وكانت واضحة مفصلة لم تترك للبشر دورا فيها، وجاءت تفصيلاتها دقيقة محكمة وببلاغة فائقة، بحيث أن آيات المواريث جاءت في صفحة واحدة من القرآن الكريم، فيما احتاج البشر الى مجلدات لتبيانها وتفصيلها.
بعد القرن الثامن عشر توصل فقهاء القانون الأوروبيون الى القناعة بأن نظام المواريث الإسلامي هو الأكمل من كل الإجتهادات البشرية، فأخذ القانونان الفرنسي والبلجيكي من الفقه المالكي، ومنهما اشتقت كل تشريعات الدول الحديثة.
لكن بقي كثيرون ممن يرفضون الإعتراف بأن التشريعات الإسلامية هي إلهية المصدر، يجادلون بأن عدم تساوي الذكر بالأنثى في الحصة هو تمييز ظالم، مع أن المنطق يبين أنه عند التطبيق فلن يؤثر ذلك على عدالة التوزيع بين الرجل والمرأة، لكنه سوء فهم مقصود به عدم الإقرار بحكمة النظام.
قضية “للذكر مثل حظ الأنثيين” ليست في جميع الحالات، فالذكور والإناث في الإسلام يرثون بشكل متساوٍ في ثمان حالات منها عندما تكون الأخت والزوج هما الوريثان ومنها إذا مات الرجل وترك ابنتين وأبًا وأمًا: فالأب السدس والأم السدس ولكل ابنة الثلث، وهنالك حالات ترث المرأة أقل من الرجل عندما تكون هي وأخوها وهنالك حالات ترث أكثر من الرجل مثل : إذا مات الرجل وترك ابنتين وأبًا وأمًا فالابنة هنا ترث ضعفي الأب.
مهما شرّق المبطلون وغرّبوا، لن يجدوا الحكمة والكمال إلا في تشريعات الخالق التي تحكم الميراث، فهي كاملة ومتكاملة ومفصلة، وليس هنالك من مجال لسوء التطبيق، وبالنتيجة فهي عادلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى