موسم الهجرة إلى تركيا
نكأ الزميل ماهر ابوطير في مقالته بجريدة الغد «هروب عائلي من الاردن الى تركيا» جرحا نتجاهله ولا نتوقف عنده مليا ولا تعترف به الدولة ولا تجده مؤشرا على ازمة اجتماعية مقبلين عليها.
نعم هناك هجرة لا يستهان بتناميها، وتعدد اوجهها، لعائلات اردنية تنتمي للشريحة الوسطى، اصابها الارهاق، وفقدت الامل، فقررت النجاة بما تبقى لها من ممتلكات.
نسمع دندنة الحديث عن ترك البلد في كثير من مجالسنا، والغريب انه قرار يرتكز الى معطيات خطيرة، عنوانها بيع الشقة السكنية، ولملمة مدخرات تتناقص، والنجاة بها نحو تركيا البعيدة القريبة.
قصص متعددة ومتنوعة، لعائلات رحلت واستقرت، واخرى تتعلق بأمنيات ومخططات قيد التفكير والانشاء، نعم هناك ظاهرة تتبلور، وهناك ازمة تتعاظم.
من سيقرؤها، لا احد، تلك الاجابة التي أراها حتمية، فهناك حالة انكار وتصغير للظاهرة، وبتقديري ان الحكومة لن تنزعج ولن تبحث عن الارقام الحقيقية لتلك الخسائر.
نعم هناك هجرة وخروج يزداد شجاعة، وهنا تكمن الخطورة، وبمجرد ان تثبت الظاهرة اقدامها، وتصبح من الشيوع بمكان، ستكون اجراءاتنا قد فاتها القطار وخسرت الاردني وامواله معا.
في الاردن عوامل طرد كثيرة ووازنة، اهمها ان الناس لم تعد تستطيع الاستمرار في حياتها كما في السابق، فالدخول تتآكل، والمدخرات تتبخر، والاسوأ ان كثيرين فقدوا اعمالهم نتيجة اجراءات الحكومة.
طبعا الاخطر ان الحكومة لا تقدم اي امل بضوء في آخر النفق، فالرزاز لم يعد عند الاردنيين محل ثقة اقتصادية، ووعوده تكذبها الانهيارات اليومية للاحوال المعيشية للناس.
على الجانب الآخر تبدو تركيا مكانا جاذبا للكثيرين، ولعل ما قاله لي صديق صيدلاني قرر بيع صيدليته التي بدأت تضعف، وقرر كذلك بيع شقته: «في تركيا الاجراءات سهلة، هناك امل ان اعيش وعائلتي بدخل معقول، هناك امل بمشروع ناجح، تعليم ابنائي مؤمن وكذلك العلاج».
ما يجري حقيقة ليس خيالا او افتراء، وهذا الزحف المتنامي ستكون تداعياته كبيرة، اهمها ان اموالا وكفاءات تغادر، وعلى ما يبدو ان البلد ستستقر على معدمين وحيتان فقط لا غير.
المحصلة، اننا امام ظاهرة تتشكل، تتنامى، وللاسف انها مرتبطة بشروطها المستمرة، فعوامل الطرد تترسخ اردنيا، والحكومة تقف متفرجة، والانكى انها تتجاهل تلك الممارسة الغاضبة للاردنيين.