سواليف
تواصل جهات غير رسمية في #الكيان #الصهيوني بتعيين لجنة تحقيق محايدة في #قضية #موت #ضابط #استخبارات في ظروف مريبة وغامضة قبل نحو أسبوع، وسط توجيه انتقادات للصحافة العبرية التي تتكتم عليها وتتبنى رواية المؤسسة الأمنية بالكامل دون مساءلتها على الأقل من ناحية كيف ولماذا يموت ضابط في سجن عسكري وهو تحت الرقابة؟
وكان الجيش الصهيوني قد كشف تفاصيل أولية عن قضية الضابط، بعدما كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” قبل أسبوع أن الجيش يمارس تعتيما كاملا على تفاصيل القضية، وقد اعتُقل ضابط المخابرات العسكرية في سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد توجيه تهم خطيرة له حظر الجيش نشرها، موضحا أن الحديث لا يدور عن خيانة.
وفي ذروة العدوان الصهيوني على قطاع غزة (10-21 من مايو/ أيار الماضي)، تدهورت صحة الضابط في سجنه بشكل مفاجئ وتم نقله إلى المستشفى فجر 17 من الشهر ذاته، حيث أعلنت وفاته في نفس اليوم.
وسمحت محكمة الاستئناف العسكرية في منطقة تل أبيب بنشر تفاصيل جديدة تتعلق بالقضية، وعلى إثر ذلك، قال بيان للمتحدث العسكري الصهيوني، إن الضابط المتوفى أضر بشكل خطير بأمن الدولة، إلا أنه لم يكشف ظروف اعتقاله وبنود التهم التي وجهت إليه.
الضابط تعاون خلال استجوابه واعترف بالعديد من الأفعال المنسوبة إليه، وعمل بشكل مستقل لدوافع شخصية وليس لدوافع أيديولوجية أو قومية أو اقتصادية، ولم يتم تشغيله من قبل جهة أجنبية أو كان على اتصال بعناصر معادية
وأوضح بيان الجيش أن الضابط تعاون خلال استجوابه واعترف بالعديد من الأفعال المنسوبة إليه، وكشف التحقيق أن الضابط “عمل بشكل مستقل لدوافع شخصية وليس لدوافع أيديولوجية أو قومية أو اقتصادية”، بحسب البيان.
وأكد أيضا أن الضابط لم يتم تشغيله من قبل جهة أجنبية أو كان على اتصال بـ”عناصر معادية”. منوها أن الضابط كان محبوسا في قاعدة احتجاز عسكرية، وكان معه سجناء آخرون، ولم يكن في زنزانة انفرادية.
وحول دفن الضابط في مقابر مدنية وليست عسكرية، ذكر بيان الجيش أنه خلال فترة الاعتقال تم تسريحه من الخدمة بناء على طلبه، وبموجب قانون المقابر العسكرية، لا يجوز في هذه الحالة دفنه بمقبرة عسكرية كونه لم يكن جنديا يوم وفاته. وتابع الناطق العسكري: “يجري حاليا التحقيق في الوفاة المأساوية للضابط المتوفى من خلال تحقيق خاص من قبل وحدة التحقيقات الداخلية التابعة لقسم الأفراد”.
العائلة تكذّب الرواية الرسمية
في المقابل، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر عسكرية قولها إن الضابط ربما انتحر، لكن عائلته نفت ذلك، في الوقت الذي ينتظر فيه المحققون نتائج التشريح النهائية لجثمانه. ونفى والد الضابط مزاعم انتحاره الأسبوع الماضي ووصفها بأنها “كاذبة”. ونقلت صحيفة “هآرتس” الصهيونية عن أحد أقرباء الضابط، الذي لم يتم ذكر اسمه، قوله: “نحن مرتبكون، خائفون، ونريد إجابات حقيقية” وأشارت إلى أن “ضابط المخابرات العسكرية، توفي في ظروف غامضة ومأساوية، في سجن عسكري قبل حوالي ثلاثة أسابيع”.
وقالت مصادر عسكرية إن الضابط الذي تم نقله من السجن العسكري إلى المستشفى بعد تدهور صحته بشكل خطير فجر 17 مايو/ أيار الماضي حيث أعلنت وفاته لاحقا، انتحر، فيما نفت أسرته تلك الرواية جملة وتفصيلا، ملمحة إلى وجود شبهة جنائية في الوفاة.
وقالت الصحيفة أيضا إن وزارة الأمن التي حققت، ولا تزال تحقق في الأمر، و(شعبة أمن المعلومات) في الجيش، التابعة للمخابرات العسكرية، ووحدة التحقيق بالشرطة العسكرية، تعرف كيف تستغل مثل هذه المواقف من أجل تقديم تلميحات بدعم من القضاء، لغرس الخوف ومحاولة حرمان الأسرة من أي ذرة من المعلومات”.
واستنادا إلى الصحيفة، فإن الضابط تم اعتقاله في أغسطس/ آب الماضي، في منتصف الليل، واقتيد للاستجواب، وفور إلقاء القبض عليه سارع النظام القضائي إلى إصدار أمر حظر نشر شامل، بشأن كل تفاصيل القضية.
حكم بالسجن الطويل
أضافت هآرتس: “في ظل هذا الوضع، لم يكن أمام عائلة الضابط خيار سوى التعاون مع الجيش الصهيوني والموافقة على شروطه، بما في ذلك عدم التحدث إلى أحد، وبقدر ما هو معروف، تعاون الضابط مع المحققين، وفي مرحلة معينة، وُجهت إليه لائحة اتهام وأمر بالاحتجاز في السجن حتى انتهاء الإجراءات القانونية”. وتابعت الصحيفة: “عرضت النيابة العسكرية تعيين محامٍ من قائمة مختصرة لتمثيل الضابط وعائلته، لم يلتق هو أي شخص من عائلته في أي وقت”.
ونقلت الصحيفة عن أحد أقارب الضابط قوله: “تكوّن لدي انطباع بأن النيابة العسكرية طلبت أن ينال الضابط حكماً بالسجن لا يقل عن 10 سنوات”.
وفي حين لم يتم نشر اسم الضابط، فإن الصحيفة قالت “كان الضابط يعتبر عبقري حاسوب، وتخرج في سن مبكرة بدرجة البكالوريوس في هذا المجال”.
قراءة داخل الزنزانة
قالت الصحيفة: “أثناء احتجازه، طلب إحضار مئات الكتب إلى زنزانته، حتى يتمكن من قضاء وقته في القراءة” منوهة أنه متهم بقضايا أمنية خطيرة.
وقال كاتب التقرير في هآرتس، يوسي ميلمان، وهو خبير في الشؤون الأمنية الصهيونية: “أخبرني مصدر مطلع على الحادثة أن أحد أفراد عائلته تحدث إليه (الضابط المتوفى) قبل ذلك بوقت قصير، وأنه لم تكن هناك علامات على محنة محتملة في صوته”.
وأضاف ميلمان: “خلال فترة الاعتقال، انتهى عقد الخدمة العسكرية للضابط ولم يمدده الجيش الصهيوني ، مما يعني أنه لجزء من الوقت، كان في الواقع مدنياً يقضي عقوبة في سجن عسكري، استغل الجيش الصهيوني هذه الثغرة القانونية وأمر بدفنه في مقبرة مدنية”. وتابع: “بعد إلقاء القبض عليه، تجاهله قادته ولم يقم أي ممثل حكومي بزيارة الأسرة، كما تم إخفاء لائحة الاتهام عن الأسرة”.
وأشار ميلمان إلى أن الأسرة تخطط “للقتال من أجل الاعتراف بالضابط كجندي صهيوني قتيل، لكن هذا ليس الشيء الوحيد الذي يثير غضبها، فقد طالبت بإجراء تحقيق مستقل في ملابسات وفاته، لكن النائب العام العسكري أصر على أن تُعهد المسؤولية إلى وحدة التحقيق العسكرية الداخلية”.
ولم تتلق هآرتس، ردًا من المتحدث باسم الجيش الصهيوني على طلبها للتعليق، كما تنتظر الأسرة منذ نحو الشهر نتائج الفحوصات المخبرية التي قد تحدد سبب وفاة الضابط، بحسب “هآرتس”.
كوخافي: السلطات وضعت الضابط في السجن لحماية سر كبير كاد أن يتسبب في كشفه، وهو ما منعنا حدوثه في اللحظة الأخيرة
عبقري حاسوب
وكانت صحيفة “هآرتس” قد كشفت في وقت سابق أن الضابط الصهيوني كان يعتبر عبقري حاسوب، وتخرج في سن مبكرة بدرجة البكالوريوس في هذا المجال.
يشار أن وزير الأمن بيني غانتس تعهد في أول تعليق على القضية التي أثارت ضجة متواصلة داخل الكيان بالكشف عن مزيد من المعلومات. وقال في تصريحات نقلتها صحيفة معاريف الصهيونية ، إنه “يتفهم الشعور السائد حول القضايا التي تفتقر للوضوح، لكننا سنعمل على تحسينها قدر الإمكان في حدود قيود الأمن”.
من جهته قال قائد جيش الاحتلال أفيف كوخافي إن الضابط كان يخدم في وحدة تكنولوجية، ووجهت إليه اتهامات في مخالفات أمنية لا تشمل التجسس لصالح قوى أجنبية. وتابع أن “السلطات وضعت الضابط في السجن لحماية سر كبير كاد أن يتسبب في كشفه، وهو ما منعنا حدوثه في اللحظة الأخيرة”. وذكر كوخافي، وهو رئيس سابق للمخابرات العسكرية، أن الضابط كان قد عمل تحت قيادته ووصفه بأنه كان “ممتازا” آنذاك.
السجين إكس
يشار في هذا الصدد، إلى أن أحد أفراد جهاز الموساد كان قد انتحر عام 2010 أثناء حبسه انفراديا للاشتباه بأنه سرّب أسرارا، ولم تسجله السلطات في السجن باسمه الحقيقي، مما دفع وسائل الإعلام المحلية إلى وصفه “بالسجين إكس” وهو اسم يمنح اليوم لضابط الاستخبارات الذي مات بظروف غامضة ومريبة برأي منتديات التواصل الاجتماعي المنشغلة جدا بالموضوع.
فضاء السايبر
وأشار الصحافي اليهودي الأمريكي ريتشارد غولديشتاين في مدونته التي ينشر فيها عادة معلومات تحجبها الرقابة العسكرية إلى “عدة تساؤلات حول مأساة الضابط” ونقل عن صديق سبق وأدى خدمته العسكرية، قوله إن الضابط المذكور كان خبيرا بالتشفير ونجح في تطوير منظومة معلوماتية خاصة بذلك، قادرة على القيام بمهام ثمينة جدا وبسرية عالية جدا.
موضحا أن الضابط المتوفى اعتبر هذه المنظومة خاصته، وأنه بمقدوره استخدامها في حياته المدنية، مرجحا أنه كان يعتقد أن المنظومة المذكورة ليست سرية أو ينبغي ألا تكون سرية.
وحسب المدونة هذه، فقد نشر الضابط الراحل شيفرة تشمل نقاط ضعف حساسة في منظومة تشغيل معروفة للجيش الصهيوني ، وتتيح التنصت على هواتف دون معرفة أصحابها. ويتساءل: “لماذا نشر الضابط الراحل هذه المعلومات؟ هل من باب الكشف عن قدراته وإيصال رسائل لجهات تجارية مستقلة ربما يعمل معها بعد خدمته العسكرية، أم من باب السذاجة؟”.
ويوضح أن وحدة الاستخبارات العسكرية “8200” واحدة من عناصر نجاح الكيان الصهيوني في مجال الفضاء السيبراني، مرجحا أن الضابط المذكور لم يكن يعلم أنه يمس بأمن الدولة.
ويزعم غولديشتاين أن الحدود ليست واضحة تماما بين المسموح والممنوع من هذه الناحية، متسائلا: “لماذا تمت ملاحقة تومر بالذات بينما قام زملاء آخرون له في هذه الوحدة بأمور مشابهة في الماضي ولم يحاكموا؟ هل أغاظ الضابط المسؤولين عنه؟ وهل هناك دافع انتقام عندهم؟”.
وتابع: “لا نعلم، ولكن من حق الإسرائيليين معرفة ذلك. لا يجوز محاكمة أحد إلا إذا كانت أفعاله كيدية وتمت عمدا. المقلق هنا أن الجيش يفترض أنه علينا التسليم براويته بأن تسريبات الضابط عن عمله ألحقت ضررا فادحا بأمن الدولة”.
الضابط المتوفى كان خبيرا بالتشفير ونجح في تطوير منظومة معلوماتية خاصة بذلك، قادرة على القيام بمهام ثمينة جدا وبسرية عالية جدا
ودعت أوساط غير رسمية لتشكيل لجنة تحقيق محايدة في هذه المسألة، منها المدعي العسكري السابق الجنرال إيلان شيف، الذي قال للإذاعة العبرية إنه من أجل صيانة استقامة الجيش، عليه تعيين محقق كبير في الاحتياط من أجل التحقيق بنزاهة في هذه المسألة والتثبت من الاتهام هل فعلا تسبب الضابط بـ” ضرر أمني بالغ” وهل تم ذلك عن سبق الإصرار؟
ويخلص غولديشتاين للقول إنه “عندما يرسل الأهل ابنهم للجيش، فلهم الحق بالاعتقاد بأن تُحترم وتُرعى مواهبه بدلا من تلقي جثمانه داخل كيس”.
انتقادات للصحافة العبرية
وتساءل عدد من الناشطين الصهاينة في منتديات التواصل الاجتماعي عما إذا كان الحديث يدور اغتيال سياسي لأسير سياسي، فيما ذهب آخرون للمفاضلة بين ما حدث في السجن العسكري الصهيوني، وبين سجن غوانتنامو، وفي سجون الرئيس الروسي فلايدمير بوتين.
كما تساءل بعضهم عن ضرورة السجن داخل زنزنانة وعن هذا التعتيم طالما إن الضابط المذكور لم يتحرك لدواع أيديولوجية أو خيانة ولم يلتق وكيلا أجنبيا.
ووجهت الصحفية عنات سارغوستي الناشطة في منظمة الصحافيين الصهاينة انتقادات لزملائها في وسائل الإعلام المركزية لتسليمهم بالرواية الرسمية للمؤسسة الأمنية خاصة بما يتعلق بظروف وفاته وهو تحت الرقابة داخل السجن العسكري.
وتساءلت: “لماذا لا تحقق الصحافة الصهيونية في الموضوع وتبحث عن مصادر معلومات بديلة؟” و”لماذا لا يعترف الصحافيون والمعلقون الصهاينة بأن ما يقولونه هو نص الرواية الرسمية وإنه من الممكن أن تكون هذه صادقة وممكن أن تكون جزئية أو كاذبة؟”.