” مواقع حساسة !!”
عدل أبو محمد جلسته كونه عاطل عن العمل فلا تغيير يذكر …. و صاح بصوت عال: ” وين الشاي ؟! ” مع انه لربنا الابريق الرابع اليوم و لا مبرر لانفعاله و غضبه. كان يكبس ازرار الريموت بشدة و كأنه يبحث عن زيت يتدفق من بين أصابعه
و لكن التلفزيون لا يستجيب ولا يعمل !! …. لم تكترث أم محمد و هي تضع الصينية و عليها الابريق و عديد من الكاسات مع انه لا يوجد احد في الغرفة سواهما.
نظرت إليه بوجه خالي من المعالم …. و بدأت بالكلام الذي بدا و كأنه لا يسمعه و هو في حالة إنشغال متقطع ما بين الريموت و إبريق الشاي . لم يقطع حالته الاعتيادية هذه إلا عندما سمع: ” من الآخر …بدي مصاري … دبر حالك !!!”…. إنتفض من جلسته القرفصاء و هم بالوقوف لولا أن يدها باغتته و أبقته جالسا دون حراك ….نظرت إليه بحزم …” ليش ما تطلع من الدار و تروح تدور عشغل زي خلق الله !!” … نظر إليها و لسان حاله يقول : ” و من وين يا حسرة !!”…
أراد أن يتهرب من الموضوع فقال لها: ” سمعت شوه بيقولوا بالاخبار ؟! ” …. لم تبدو مكترثة كثيرا و تكلمت باستهتار : ” خير إن شاء الله ؟!!!” … تحمس قليلا و هو يشعل سيجارته ليبدو أنه فاهم و مطلع ….و قال: “هناك ركود في كل العالم و ربما تقوم الحرب و يصير فيها تفجيرات نووية …و اللي قال هالحكي يشغل منصب اقتصادي حساس !!” …. همهمت بصوت غير مسموع: “سقا الله !” و تابع : “بتصدقي انه في سكرتيرة بتشتغل في هيئة حكومية بوظيفة حساسة و بتنبط راتب قريب العشر الاف ليرة ” …. كادت ان تختنق من كاسة الشاي و هي تصيح ” بل !!!” … فقال لها : ” هاي عذمة واحد من النواب … و لويش بده يكذب !!” … و راح يحدث نفسه : ” أبيييه … هاي النسوان !!!” … نظرت إليه و كأنها فهمت ما يرمي إليه … فاستطرد قائلا: ” و واحدة ثانية كانت تشتغل سكرتيرة عند الكيان الغاصب و انتقلت و صارت موظفة في مؤسسة حساسة … كمان عذمة نائب ثاني … ” … قالت له بترقق و ابتسامة تعلو محياها : ” أبو محمد … شوه يعني حساسه ؟!!” … أدرك أنه تورط و الامور تتجه بالاتجاه الخطأ تماما: ” شايفة الضوء اللي بالريموت … اذا طفا ما بيشتغل التلفزيون … هاي معنى حساسة !!”… نظرت إليه بخيبة أمل: ” و الله اني شاعرة بحالتك …بس والله حالتنا بالويل … دبرها يا ابو محمد يا سبعي ويا سندي… خلليك حساس !!!”
قال لها:”بتصدقي انه في موظفة بجامعة بتوخذ رشاوي من الناس و بتمشيلهم امورهم و الدنيا قايمة قاعدة … وبيحكوا انه وظيفتها حساسة كمان !!!”
نظرت إليه في حالة ذهول: ” بدك تقنعني إنه كل مصايبكو من النسوان …يا حساس انته “…قال لها: ” أكيد لا …. الريموت ما فيه مشكلة … انا متإكد إنه العطل بالتلفزيون !!”””
” دبوس عالحساسية ”
