#مواطنة #يائسة و #نخبة #ضالة #مضللة !
بسام الياسين
( منذ الولادة،ينخرط #المواطن #العربي في #القطيع،يذوب فيه.رأسه بين قدمية بحثاً عن طعامه،ان رفعه، فالعصا تهوي عليه.طفولة شقية،مراهقة مرهقة،فتوة محكومة بالبطالة.سوء خاتمة بحلم #الهجرة.حياة مهمشة ومهشمة،فقد فيها احساسه بالذات والمعنى.خاب ظنه بمستقبله. لم يجد ركناً يأويه ولا جداراً يسنده.فالمواطنة،ان تمتلك زمام امرك،لا ان تكون حياتك رهينة الصدفة وقلق اللحظة وتحت وطأة الخوف من بكرة.فجاءت وصيته،ان مات بين اهله:ـ دفنه واقفاً،رداً لاعتباره واسترداداً لكرامته المفقودة فوق ارضه ).
بكي بكل اللغات،ساعة رأت عيناه النور، لعل احداً يسمعه.عاش ذابلاً من قهر وفقرٍ،كشتلة غضة لم تبلَّ جذرها قطرة ماء ولا عرف جذعها قطرة ندى.ترعرع ككل المعذبين،يعاني من احتراق داخلي .ورث الطفرعن جده الرابع عشر.تراه يمشي متثاقلاً كمحكوم بالاشغال الشاقة،كأن قيداً يقيد رجليه.في هذا الطقس الكئيب،لم يجد ما يُنفس به عن كُربه الا التدخين.فاخذ ينفث، دخان سجائره،كقطار عثماني هرم. تراه على الدوام،يُشعل سيجارة من اخرى.لذلك لا يستعمل الولاعة الا للسيجارة الاولى.
السيجاره توأمه.لذلك تجده دائم السعال،وحينما تداهمه نوبة حادة،تكاد تخلع عظام صدره،ينفلت لسانه بشتم الانجليز،الذين جلبوا التبغ من مستعمراتهم،و نشروا عادة التدخين السامة،تماماً كما نشروا الافيون لقتل الصينيين.الانجليز لم يكتفوا، بتمزيق الوطن العربي، بل زرعوا اليهود في فلسطين،اهل الفساد والافساد، واصحاب فكرة الكمبيالة التي ادمنها كما التدخين.
الكمبيالة،صارت ديدنه،فمنذ لفظته امه من رحمها حتى بلغ اشده.مؤمن انه خلق للشقاء،فلا وطنه يتقبله ولا الناس تتقبله. دخل في كآبة ممضة.الفصول عنده متشابهة،فلا يستمتع بخضرة ربيع،ولا يستطعم بفاكهة صيف،وفي الشتاء ينتابه ضيق،مرده كيفية تأمين اسطوانة غاز للتدفئة.
تراكمات شرخت شخصيته.فكلما طرق بابه طارق، ظن انه دائن،وفي الشارع يُخيل اليه ان من يسير خلفه شرطي التنفيذ القضائي.الاكثر بشاعة،” حالة الوحام ” التي تصيبه،عندما يمرَّ بالاسواق،كاشتهاء الحلويات المعروضة في واجهات المحلات،سيلان لعابه حين رؤية الفاكهة المنضدة على البسطات،الدجاج المشوي، وهو يدورعلى الاسياخ امامه،فيصيبه ما يصيب “مريض التفول”،من اغماء حين يشم رائحة الفول.
عود على بدء،حياته مأساة، كما اخبرته امه.فالقابلة رفضت سحبه عند ولادته العسيرة،الا بعد ان ضمنت اجرتها بتوقيع والده كمبيالة،مستحقة الدفع تاريخ قبض الراتب.وما يذكره نفسه،توقيعه كمبيالة لشراء بدلة جديدة،عند بداية عمله،وثانية يوم عرسه.هكذا امضى عمره على الاستدانة كالحكومات المفلسة.
عوامل، شكلت بداخله فكره قهرية،تعرف بالوسواس القهري،تطارده كدائنية وتُلح عليه :ـ لماذا لا يدفنه ذووه واقفاً يومَ موته،بدلاً من بطحه ؟!. فالدفن بطحاً، تكريس لحالة الانكسار التي عاشها طيلة حياته.فتكريم الميت برأيه،ليست كلمات عزاء للمجاملة بل دفنه واقفاً،لرد اعتباره تحت الارض الذي فقده فوقها.المشكلة في هذا الحل،ان زوار المقبرة،سيطؤون على رأسه دون قصد.عندئذٍ نظر للسماء قائلاٍ :ـ ربِ ما سر هذا الشقاء.في الدنيا متعوس وبعد الموت مدعوس،أهي لعنة مكان الولادة ام فساد النخبة وسوء الادارة ؟!.سؤال ليس للاجابة لانها قصتنا كلنا، باستثناء الطبقة الطفيلية وذيولها.