مواطنة لم تكتمل بعد / منصور ضيف الله

مواطنة لم تكتمل
في المستشفى ، يلقي جسده المنهك على أول مقعد في غرفة كاتب قسم جراحة الدماغ ، منذ الصباح يتنقل من مكتب إلى مكتب، ومن ممر إلى آخر ، والقدمان لا تقويان ، والمجهول يفتح احتمالاته على كل اتجاه . في المكتب يلتقط بعضا من أنفاسه ويبدي ملحوظة حول عقم بعض الإجراءات الإدارية ، خصوصا إذا كان المريض مدنيا ، فقيرا ، بلا واسطة ، ينهشه المرض والقلق .

كانت مجرد ملحوظة ، سريعة وبريئة ، حينها ينفعل الكاتب ، تنتفخ اوداجه ، فمثلي ليس له حق الاعتراض او حتى الكلام ، فمنة ما بعدها منة ان أكون هنا ، و مواطنتي – في عرفه – لم تكتمل بعد . كان موقفا غريبا وصادما ومفاجئا ، ليس لي فقط ، بل لمن شاءت الصدف أن يكون حاضرا . والآن ، بعد مضي ما يزيد عن عام ، أشعر بمرارتين: قراري الخاطئ في الذهاب إلى هناك ، وهذا الموقف الذي أعادني الى زمن الجاهلية .

ويا قارئي ، أيا تكن ، وحيثما تكن ، اختمر الموقف ، ونمت الفكرة ، فما جدوى أن نكتب ولا مجيب ؟ لمن نكتب أصلا ؟ وهل نقول ما يتهامس به الناس ؟ هل نمتلك شجاعة البوح ؟ وصراحة الاعتراف ؟ والخطوط الحمر كثير ، والليالي بهيم ، والدروب ماحلة ، تعج بالذئاب الضواري ، يغويها نثار الدم ، ويغريها رعب القطيع .

واستذكر ، وفدت إلى سواليف أليفا ، قلبها مفتوح ، وصدرها رحب ، لم تبخل بمساحة ، ولم تغلق أفقا ، لم تقهر رأيا ، ولا انتصرت لعصبية ، فالوطن للجميع ، والجميع شركاء ، ﻻ منة لأحد على أحد ، ولا فضل إلا بقدر العطاء والإبداع .

مقالات ذات صلة

وفدت أليفا ، وانتهيت غريبا ، تضيق حوالي الدائرة ، وتتكاثر الدعاوى ، فلا جدوى مما لا فائدة فيه ، ولا طائل منه ، فلكل زمان دولة ورجال ، ولكل مقام مقال .

غريبا أجري في براري العمر ، لعل بارقة تصدق ، أو ربيعا يروض .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى