تكيفوا… لنتكيف!

تكيفوا… لنتكيف!
د. مفضي المومني

يحكى ان بلدا جميلا اسمه الأردن… كان وما زال وسيبقى رغم انوفهم، لنا فيه حب حد السموات وما بعدها، ولنا فيه وجع يؤرقنا من حين لحين، هو امُنا وذاتُنا، نختلف في كل شيئ إلا في حبه ، ننقد ونعنف من يعبث به، وبمستقبله، نحبه ونخاله الأحلى والأعلى دائما، له وزارة تسمى النهضة… نهضت حينا وخَبت حينا وعبثت حينا، فيها وزراء ليتهم لم يكونوا، تصريحاتهم مستفزة، وتحليلاتهم مؤرقة، وطلاتهم ركيكة، لا تبعث الأمل، كيف يصرح احد وزرائها، عند سؤاله عن دمج الهيئات كمطلب شعبي عابر للحكومات، ورواتبها العالية، بأن موظفيها كيفوا انفسهم على ذلك ومن الصعب أن يعيشوا مثل بقية خلق الله من الأردنيين أبناء الخدمة المدنية، وهو يعرف أن أبناء الذوات والهيئات، اصحاب الرواتب والهبات الفلكية، الذين ولدوا وبفمهم ملعقة من ذهب، لأن عائلاتهم من الحضوة بالمال والسلطة وبالوراثة، والأمثلة كثيرة بإمكانك التنبؤ برئيس وزراء الأردن ووزرائه بعد عشرة أجيال، ومع كل هذا الأردني ما زال على اردنيته طيب الأصل حوراني… (قالوا : تدمشق ، قولوا : ما يزال على
علاته إربدي اللون حوراني… قالوا : يحب، أجل ، إنّي أحب متى… ..كانّ الهوى سُبّةً يا أهل عمان ؟… عرار)… ويسهب معاليه ليبرر لنا ويقنعنا أن أبناء الهيئات المستقلة التي أصبحت غصة في حلق الإدارة الأردنية لأنها في غالبها هيئات تعمل عمل الوزارات، وتأخذ اكثر من ثلث ميزانية الدولة وغالبيتها فُصل بالمقاس لأبناء الذوات للهروب من نظام الخدمة المدنية ورواتبه المتواضعة، إلى جنة الهيئات ورواتبها الخيالية، واخذ هذا الوزير على عاتقه الدفاع عن موظفي هذه الهيئات وأنهم تكيفوا على رواتبهم العالية، وبرستيجهم وأنهم بهذا من كوكب آخر لا يجوز مسهم، وهذا التكيف مبرر لاستمرار الخطأ الذي اغرقنا فيه الفساد الإداري والمالي المتراكم من حكومات خَلت، ماذا عن أبناء الحراثين معاليك… أصحاب الرواتب المتواضعة والتي في غالبها تحت منتصف خط الفقر الحقيقي… هل تكيفوا أيضا على الحاجة والعوز والفقر والإقتراض وملاحقة البنوك والضرائب ومتطلبات الأبناء والحياة البائسة..! هل سألت نفسك للحظة كيف سيتكيفوا… ؟ عندما اوقفت الحكومة عنهم الزيادات واقتطعت من رواتبهم ولاحقتهم على علاوات اصبحت من مكونات الرواتب الهزيلة اصلا، هل هو تمرين للتكيف مع الطفر… ! أطمنك انهم متعودون ومتكيفون لكنهم مثل كل الأردنيين يحبون وطنهم، ويطمحوا أن يتكيفوا يوما مع السعادة مع الشبع مع الحياة، هل هو قدرهم البائس أن تكونوا انتم والزمن عليهم!
وزير ماليتنا طمئننا أن الوضع تمام وأن الرواتب موجودة لسنتين قادمتين ومحافظ البنك المركزي طمئننا أن انخفاض سعر النفط وفر قرابة المليار دينار، ألاخبار المفرحة والنجاحات تداهمنا كل مساء، ثم يأتي قرار الإقتطاع والتبرع لنهاية السنة ليطرح ألف سؤال وسؤال، فحديث الجميع الإقتطاعات والتبرع بطعم الجباية، وعدم الإقتطاع من أصحاب الثروات، ليخرج علينا معاليه بحكاية التكَيف… طيب معاليك فداك… ليتكيفوا… ونحن سنتكيف… المهم الوطن يكيف… ..حمى الله الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى