سواليف – “ملائكة الرحمة”.. ذلك اللقب الذي لطالما افتخرت به هبة أيوب التي تعمل ممرضة في إحدى المستشفيات، وهي تقدم خدمات إنسانية كبيرة لمرضى هم بحاجة لها.
الآن تشعر هبة بـ “غصة” كبيرة، لدخولها تجربة، نتيجتها كانت الفشل. وهي التي تعمل ممرضة منذ أربع سنوات اعتقدت أنها بخطبتها من أحد الأطباء الذي كان يبادلها الاحترام طوال هذه السنين وهو السبب الرئيسي الذي دفعه لطلب يدها، سيكون في المستقبل زواجا ناجحا بكل المقاييس وقائم على الحب والاحترام.
غير أن ما حدث هو العكس تماماً، وبالرغم من وظيفتهما في نفس المكان وتفهمه لطبيعة عملها، الا أنه مع الوقت تحول من طبيب في المستشفى الى مراقب لها، ولم يعد يشعر بالراحة اتجاهها، ويلاحقها في كل مكان تذهب اليه والى أي قسم وأي غرفة تدخل لها.
ومع الوقت بات الأمر متعبا ومحرجا بالنسبة لها، فهي ما أن تجلس مع صديقتها في وقت الراحة أو تذهب للاطمئنان على أحد المرضى، تراه فجأة قد يدخل إلى المكان الذي تتواجد به. ومع الأيام لم يحتمل الفكرة وطلب منها ترك عملها، والجلوس في البيت لعدم ارتياحه. هبة رفضت طلبه بشكل قاطع واعتبرته قلة ثقة بها، وكانت النتيجة أنهما انفصلا وفسخا الخطبة.
المحامية سناء هي واحدة أخرى اضطرت إلى أن تترك عملها لعدم خسارة زوجها الذي خيرها ما بين حياتهما الزوجية ووظيفتها. تبين سناء انه في البداية لم يظهر زوجها أي اعتراض على وظيفتها، وبعد مرور فترة على زواجهما بدأ يستاء من الأشخاص الذين تتعامل معهم والقضايا التي تتابعها، والأشخاص الذين تترافع عنهم، والمكالمات التي تأتيها في أوقات متأخرة بسبب المستجدات التي تحدث على قضية ما.
إلى ذلك أصبح ينتقد ذهابها الى المحاكم والتعامل مع كافة طبقات المجتمع، الأمر الذي جعله يطلب منها تركه بحجة خوفه عليها وعدم اطمئنانه ورغبته بتفرغها الكامل لبيتها وأسرتها. وعندما رفضت الأمر خيرها ما بين حياتهما الزوجية وما بين عملها بشكل نهائي. سناء ورغم عشقها لعملها والمكانة التي وصلت اليها، ومحاولتها المستمرة لاقناعه، وفشلها في ذلك؛ اختارت أن لا تخسر بيتها وأولادها، وتخلت عن عملها.
ولعل هناك الكثير من المهن التي ما يزال الرجل الشرقي حتى الآن لا يتقبلها لزوجته ويرفضها لأسباب معينة، وهي بوجهة نظره غير مناسبة للمرأة، وقد يقبلها بداية من ثم يخيرها اما أن تترك عملها أو ينفصل عنها، رغم ابداعها بعملها، وشعورها الكبير بالانجاز.
وفي ذلك ترى المحامية ومستشارة جمعية تضامن النساء انعام العشا أن هناك تصورا وثقافة معينة مسيطرة على بعض الرجال، وهي أن الزوجة لا بد لها أن تتفرغ تماما، بطواعية تامة وأن فكرها يأتي بناء على فكر زوجها.
بالتالي، فإن هنالك تصورا مسبقا عن بعض المهن التي تعمل بها النساء، عند الرجال، وأن ستصادف الكثير من الأشياء في عملها، وبالتالي بدل التفكير في تقاسم الأدوار معها، يرفض فكرة الارتباط بها تماماً، ويختصر الأمر مسبقا لكي لا يتحمل عملا قد يسبب له المشاكل.
وتشير العشا إلى أن الرجل يقبلها صديقة وزميلة، لكنه يرفضها كزوجة، وهو نوع من التناقض الكبير جدا في الشخصية الذكورية، وتعطي مثالا على وظيفة المحامية التي يتجنبها الرجل لانه يعتبرها امرأة قوية تعرف حقوقها، ومسيطرة، والصحيح هو العكس فهي بقوتها تحمي زوجها وأولادها وتعكس ذلك كله عليهم وعلى مصلحتهم.
وتضيف أن ذلك كله جعل الكثير من السيدات يخترن وظيفة المعلمة، مبينة أنه اذا تقاسم الزوجان الأدوار ونظرا للأمور على أنها مؤازرة وشريك متفاعل، ومساندة، ستختلف النظرة تماماً ولن يكون هناك مشكلة نهائياً.
وفي ذلك يذهب الاختصاصي النفسي الاجتماعي أن هناك اسقاطات مجتمعية على المرأة أثرت على تفكيرها وثقافتها، وللأسف “قزمت” من شكل المرأة في مجتمع ذكوري.
ويتابع أن الرجل ينظر احيانا للمرأة على أنها “ملكية خاصة” فقد يقبل بوظائف معينة، ويرفض بعضها، مشيرا إلى أن كل ذلك يخلق علامات استفهام لديه حول ماهية وطبيعة الوظيفة للمرأة التي يريد أن يرتبط بها الرجل.
ويعتبر مطارنة أن الرجل الحقيقي يبحث عن امرأة قوية تدير معه الحياة، كشركاء يحميان أسرتهما، مبيناً أن قوة المرأة ليست عيبا، وبقدر ماهي بصالح الرجل الواعي.
ويعقب مطارنة على أن “ثقافتنا ومجتمعنا للاسف تقزم دور المرأة”، من هنا تولدت هذه الافكار والاتجاهات، لافتا الى أن على المرأة أن تقدر مهنتها وفكرها، واستقلاليتها، وأمانها الاجتماعي، وهو ما يصنع شخصيتها ويأتي بعدها الزواج ليكون مكملا لكل ذلك.
الغد