مهاجمو أغنية “سالمونيلا ” يدافعون عنها بعد شكوى “القومي للمرأة”

سواليف _ تحوّل مهاجمو أغنية “سالمونيلا”، للفنان الساخر والمخرج تميم يونس، من الهجوم إلى الدفاع عنها رفضاً لسياسات المنع، بعدما تقدم المجلس القومي للمرأة في مصر بشكوى إلى إدارة موقع “غوغل” لوقف بث الأغنية، حيث برّر المجلس الشكوى بأن الأغنية “تحمل رسالة تهين المرأة وتنتقص من حقوقها، وتدعو للتنمر وتعد تحريضاً صارخاً على الاعتداء عليها”.

واتهم المجلس الأغنية في بيان بأنها “تحتوي على عبارات وألفاظ خارجة على الآداب العامة وتؤسس لجريمة السب والقذف عبر مواقع التواصل الإلكتروني، وفقاً لقانون العقوبات، والقانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات”.

وأصرّ المجلس على “أن الأغنية تمثل إخلالاً جسيماً بميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني لعام 2017، اللذين أصبحا ملزمين لجميع الإعلاميين، وبالتبعية الوسائل الإعلامية منذ هذا التاريخ والذي ينص على احترام الكرامة الإنسانية وعدم الإساءة لأي فئة من فئات المجتمع”.

و”سالمونيلا” من غناء وكلمات وإخراج تميم يونس، وتوزيع محمد زهير ومحمد الفرة، وشارك في أدائها محمود العسيلي. وتتحدث عن شخص رفضته فتاة فيخيّرها بين أن تقول له “نعم” فتعيش معه حياة هنيئة، أو أن تقول “لا” فيذيقها أنواع التضييق.

وتسببت فكرة الأغنية وكلماتها بانقسام في مواقع التواصل الاجتماعي، بين من رأى فيها إبداعاً وكوميديا، وبين من رآها تنمراً وإهانة للمرأة.

ودافع تميم يونس عن أغنيته بالقول إن كلمات الأغنية تنتقد الرجال المذكورين في الأغنية، وأنه كان يقصد من وراء الأغنية “السخرية من الرجل الذي يجن ويشتم ويقول كلاماً غير حقيقي أو يعاملها بذكورية تعبر عن نقصه إن هي قالت لا”.

لكن المجلس رد على يونس بأنه “على الرغم من إعلان صاحب الأغنية أنها جاءت على سبيل السخرية من أنماط العنف الموجه ضد المرأة، إلا أنها جاءت في إطار يبرر العنف المسلط ضدها، ويعتبر استخفافاً، وتسطيحاً، بواقع خطير وقضية مجتمعية”.

لكن مهاجمي الأغنية بشدة خلال الأيام القليلة الماضية منذ صدورها مع رأس السنة الميلادية، تحولوا من الهجوم عليها إلى الدفاع عنها رفضاً لسياسات المنع التي تتخذها السلطات المصرية، وعبروا عن مواقفهم تلك من خلال تدويناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت إحدى التعليقات “مفيش فايدة والله! ضد الرقابة والمنع حتى لو أنا ضد الأغنية وتبلور رأي على مؤديها بسبب اللي اتعرف عن قصص تحرشه بس دا مش مبرر لحجب ومنع الأغنية.. النقاش اللي دار بسبب الأغنية مهم جداً وهيفضل استمراره مهم وبيربي ويكبر وعي مهم عن قضايا نسوية ونسائية مهمة جدا! ارحمووووناا مايبقاش القمع مركب بقا”.

يشار إلى أن مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة مجتمع مدني مصرية) كانت قد أصدرت، منتصف العام الماضي، ورقة حقوقية بعنوان “يحيا الفن المنحط” استعرضت من خلالها المواقف الرسمية للجهات المعنية، سواء إدارة الرقابة على المصنفات الفنية أو نقابة المهن الموسيقية، من نمط أغانٍ مصرية تعرف بـ”المهرجانات”.

وأشارت المؤسسة، في ختام الورقة، إلى أنه “لا يدرك حراس الأخلاق والتقاليد أنه على الرغم من التضييقات المتزايدة، فإنهم لن يصبحوا قادرين على الوصاية الأخلاقية على الفن، ولن يستطيعوا استمرار حجبه طويلاً عن الجماهير، التي يبدو أنها راغبة في الوصول إليه”.
وتابعت “وعلى الرغم من المحاولات المستميتة للسيطرة على المساحات الرقمية بممارسات مثل حجب مواقع الويب، فإنه لا تزال التغييرات، التي أنتجتها مرحلة التحول الاجتماعي في يناير 2011، أكبر من أن تكمم، وأصبح الإنتاج الفني غير مرتبط بالضرورة بقنوات الإنتاج التقليدي المؤطر قانونياً في سبيل وصوله إلى الجمهور”.

ويأتي هذا الرفض لسياسيات المنع والرقابة، على خلفية سوابق عدة للنظام المصري في هذا الصدد.

وسبق أن قادت السلطات المصرية سلسلة كبيرة من مداهمات المراكز الثقافية والإعلامية والحقوقية في 2016، وقامت بإغلاق مسرح روابط وجاليري تاون هاوس، ودار ميريت للنشر، كما منعت السلطات الأمنية العالم عصام حجي من إلقاء محاضرة، ومنعت حفلاً غنائياً لفرقة “الأولة بلدي”، واحتجزت ورحّلت عاطف بطرس، مؤسس مبادرة ميادين التحرير، وحرمته من دخول مصر نهائياً.

والعام الماضي، وجّهت نقابة المهن الموسيقية سلسلة من الانتقادات ضد مغني المهرجانات، حمو بيكا. وبدأت النقابة حملة ضده، في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بالتعاون مع الهيئة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية، ووزارة الداخلية، ونقابة المهن التمثيلية.
وخلال شهر، منعت نقابة المهن الموسيقية ست حفلات لبيكا في محافظات مختلفة، وكذلك حررت محاضر ضده بدعوى إفساد الذوق ومخالفة القوانين، وذلك لعدم حصوله على التصاريح المختلفة، سواء تلك المتعلقة بإقامة حفل، أو تلك التي تثبت أنه “مغنٍ” وذلك بأن يقيد في نقابة الموسيقيين.

كما تمكنت نقابة المهن الموسيقية من إصدار قرار بمنع بيكا نهائياً من الغناء، ورفضت طلبه في الحصول على عضوية نقابة.

هذا ورصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، في الربع الثاني من عام 2019، ثلاثة انتهاكات حدثت ضد مُبدعين، ما بين أحكام بالحبس ومنع عرض مسرحي. فقد أصدرت محكمة جنح الجيزة حكماً بحبس الراقصة جوهرة لمدة سنة، وأصدرت محكمة جنح مستأنف الدخيلة حكماً بحبس الفنان حمو بيكا لمدة شهرين، بينما قامت جهة سيادية بمنع عرض مسرحية “حسنة إبليس” على مسرح رومانس، بعد رفض الرقابة الترخيص بالعرض.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى