من هنا تعلمت أحلام دروس الفظاظة والغرور

سواليف – هافينغتون بوست عربي

حلقة واحدة كانت أقصى ما تحمله المشاهدون من برنامج “الملكة” للفنانة الإماراتية “أحلام”، فسارعوا بالمطالبة بإيقافه وسارعت الشبكة التي تبثه “تلفزيون دبي” إلى إيقافه، والمبرر كان الفظاظة والغرور.. هل تريد أن تعلم الآن من أين تعلمت أحلام تلك الفظاظة، وهل تعلم لماذا قبلت الشبكة بث برنامج يقوم على إهانة الناس؟

مبدئيا، لا يمكن تجاهل أن شخصية أحلام تتميز عموماً بغرور أصيل، كما أنها تورطت على مدى سنوات في معارك مع زميلات ومع بعض جماهيرها بسبب إحساس متزايد بالفوقية، مرة بسبب الموهبة، وثانية بسبب الثراء، أو بسبب كونها خليجية، ولكن هذه الفظاظة والغرور في حد ذاتهما ربما كان التذكرة الأساسية لدخولها عالم برامج المسابقات، فالقالب الأساسي لهذه البرامج يقوم على وجود أحد الحكام ممن يفتقد إلى اللياقة ويستطيع افتعال المشكلات أو حتى التورط في مشكلات بالسليقة ودون افتعال.. وباعتبار أن هذه موهبة أصيلة لأحلام فقد كانت الشخص المناسب لشبكة MBC في برنامج Arab Idol.

المشاكل والمواقف الساخنة داخل البرامج (ولا سيما برامج المسابقات) تثبت دائما نجاحا في زمن الشبكات الاجتماعية، يمكنك مراجعة سلوكك الشخصي لتكتشف أنك لا
تفوت مقطع فيديو يتحدث عنوانه عن مشاجرة بين نجمين، أو إهانة أحد المشاركين في مسابقة من قبل نجم، ولذلك لماذا لا تقوم برامج كاملة حول فكرة الإهانة؟

والإجابة: أنه لا مانع فالفكرة عظيمة وموجودة ومجربة بنجاح، وكل المطلوب هو استنساخها..

برنامج “الملكة” لصاحبته أحلام هو في الحقيقة نسخة هجينة من برامج غربية وإن كان في الأغلب يمكن اعتباره النسخة العربية من برنامج باريس هيلتون My New Best Friend.. باريس هيلتون، التي لم تنجح كممثلة ولا مطربة، حافظت على حضورها الدائم كواحدة من فتيات المجتمع المخملي الغربي وكوريثة لعائلة هيلتون، وفكرة برنامجها كانت تقوم على أن يدخل الناس مسابقة لتختار الفائز ليكون صديقا/صديقة لها.

في برنامجها، يمكنك أن تسمع باريس تتعامل بغرور بالغ مع المتسابقين، وتحدد مصائرهم، ويمكنك أن تسمع الإعلان الترويجي التالي للبرنامج لترى قدر الغرور الذي يمتلئ به.

الشخص الثاني الذي تقلده “أحلام” هو الملياردير الأميركي دونالد ترامب.. من المؤكد أنك تسمع كثيرا هذا الاسم في العام الأخير بعد أن قرر خوض انتخابات الرئاسة الأميركية، ولكن شهرته تمتد على مدى سنوات باعتباره رجل أعمال ثري لا يفوت أيا من الفعاليات التي يحضرها النجوم، ومنظما لمسابقات مثل “ملكة جمال أميركا”، وعلى مدى 11 عاما قدم ترامب برنامجه “المبتدئ” أو The Apprentice، وفيه يقوم 16 متسابقا بالتنافس للحصول على فرصة عمل لدى ترامب، وهو يستمتع كل حين بأن يقول لهم بكل فظاظة (أنت مفصول).

هناك كلمات ستسمعها دائما في حلقات ترامب، مثل “أنا ثري جدا”، “لكم شرف مقابلتي”، “سأمنحكم شرف مشاهدة مسكني الرائع”، “انت لا تستحق أن تكون معي”، “ليس عندي وقت لك”، “اشتروا بيت هؤلاء الناس واهدموه، لا تدعوني أسمع قصتهم، لا أبالي”، إلى آخر قائمة لا متناهية من السباب والإهانات لمن لا يعجبونه، وقائمة أخرى لا متناهية من الإعجاب بالذات والحديث عن أنه شخص فريد من نوعه.

هل سمعت أمثال ذلك من أحلام؟ وهل شاهدت مثله في برنامج الملكة؟

قد لا تتعب في رؤية عشرات المواقف بمجرد البحث عن اسمها على يوتيوب، وبمجرد مشاهدة مقاطع من الحلقة الأولى (والأخيرة) من برنامج الملكة.

أخيرا، لم تفصل قناة دبي أسباب توقيف برنامج “الملكة” رغم ما قد يمثله ذلك من غضب لفنانة مثل أحلام، كما لم يتضح ما دار في الكواليس ولا من اتخذ القرار، ولكن مجرد فكرة رفض الجمهور لبرنامج يقوم على تمجيد الذات، وتحويل الأشخاص إلى ما يشبه الآلهة، ربما تكون بصورة أو بأخرى بعض التراث الباقي من ثورات الربيع العربي التي كان ظاهرا -منذ حادثة بوعزيزي- في تونس على فكرة البحث عن الكرامة، كما أن سرعة التجاوب مع ذلك الرفض، ربما تمثل قلقا من عودة ذلك الربيع للتوهج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى