سواليف
يركز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة في دائرة صغيرة حوله، تتمثل في 10 أشخاص تقريباً، أغلبهم من الأسرة والمقربين، ما يعتبره البعض تحركات وقائية من الرئيس لدرء الانقلاب من الداخل، وتفادي تكرار ما فعله هو بالرئيس السابق محمد مرسي.
«أنا الحقيقة عمرى ما كلمتكم عن نفسى بس انتو محتاجين تعرفوا شوية عنى، اسمحولى أكلمكم عن نفسى كويس. أنا بكلم كل المصريين، الناس اللى فى الجيش عرفنى كويس وعارفة اخلاقياتى، وعارفة أنا بمشى إزاى، ولكن المصريين كلهم ما يعرفوش كل حاجة عنى ودة طبيعى». إنه الكلام الذي وجهه الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم 13 أبريل الماضي، خلال لقائه مع ممثلى فئات المجتمع. الحكومة كانت حينها تواجه أزمة جزيرتي تيران وصنافير و مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني. فالرئيس قرر التحدث عن نفسه لكي يطمئن الشعب المصري. وكشف السيسي ما دار بينه وبين الرئيس المعزول محمد مرسي بعد اختياره وزيرا للدفاع قائلاً: «قدمت نفسي له بأنني لست إخوانيا ولن أكون ولست سلفيا ولن أكون أنا مسلم فقط، وقلت أنا مصري شريف لا أباع ولا أشترى». وأضاف تحت تصفيقات القاعة: «لم نتأمر على أحد ولم نعرقل أحد ولم نؤذى أحد، ولم نخون أحد، ولم نقم بعمل مؤامرة محبوكة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لا والله لم يحدث قط إلا كل إخلاص وأمانة واحترام».
إنه الرئيس السيسي، أولا وقبل كل شيء قائد عسكري. الرجل الذي كرس حياته للجيش. انطلاقا من الأكاديمية العسكرية و وصولا الى تعيينه في منصب أصغر عضو في المجلس الأعلى للقوات المسلحة. لقد مر السيسي على مر السنين من إدارة الاستخبارات العسكرية الى ترأس وزارة الدفاع. و تحت قيادته تمت إطاحة الرئيس محمد مرسي. انه ضابط محاط بضباط، حتى في المنزل. تحدث قليلا عن أبنائه، على شاشة التلفزيون مرة واحدة فقط خلال حملة الترشيح الرئاسي: «لدي ثلاثة أبناء وابنة. محمود، وهو الأكبر، يشتغل في المخابرات العامة. مصطفى يشتغل في الرقابة الإدارية. ولكن من فضلك، أنا أقول لكم أني لا أحب الواسطة والمحسوبية. قدم حسن، الابن الثالث، طلب مرتين لوزارة الشؤون الخارجية و تم رفضه. أول مرة عندما كنت مديرا للمخابرات العسكرية، وفي المرة الثانية كنت وزير الدفاع. لم أتدخل أبدا».
الواقع أكثر تعقيدا. أسرة الرئيس نتاج تحالفات شخصية، صداقات طويلة الأمد وتعيينات خاصة. القضية الأكثر لفتا تتعلق بنجله محمود. مورث سلطة الأب. والطريق الذي سلكه حتى الآن لا يدع مجالا للشك. و هو الآن مسؤول في المخابرات العامة، أقوى قسم في المخابرات المصرية. يهتم بالأمن الداخلي ومكافحة التجسس، مع إمكانية إجراء عمليات استخباراتية في الخارج. في غضون زمان وجيز تصاعدت مسيرته. انها فقط مسألة وقت قبل وصله إلى أعلى منصب في سلسلة القيادة. كان الأب في الماضي مدير المخابرات العسكرية. ليس من الصعب أن نعتقد أن نجل السيسي كان على علم بتحركات ريجينيحتى قبل اختفائه. ولكن حتى الآن لم يذكر في أي تقرير. وجاءت بعض التقارير مجهولة المصدر من خلال ريجينيليكس، المنصة الإلكترونية التي أنشأتها ايسبريسو لتسليط الضوء على وفاة الباحث إيطالي والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في مصر، تشير الى تفاصيل مثيرة للقلق. لحساسية المسألة أنها لا تزال قيد الدراسة من قبل هيئة التحرير.
الابن الثاني للسيسي، مصطفى، لا يقل عن أخيه. خريج الأكاديمية العسكرية، يعمل بهيئة الرقابة الإدارية. وتكشف المصادر أن كلاهما يحضران اجتماعات الرئيس. ولديهما وزن في القرارات التي يتم اتخاذها. محمود فيما يتعلق بالأمن القومي، في كثير من الأحيان يهتم بالقضايا أكثر حساسية، ومصطفى عندما يتعلق الأمر بالإدارة المالية. الابن الثالث، حسن، الذي لم يتمكن من الإلتحاق بالهيئة الدبلوماسية الأجنبية، هو الان مهندس في شركة نفط. وقد تزوج داليا حجازي، ابنة الفريق محمود حجازي، رئيس الأركان الحالي ونائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وكان سابقا مدير الاستخبارات العسكرية. أما داليا فقد تم تعينها في مكتب النيابة الإدارية بالقاهرة.
آية، الأنثى الوحيدة، خريجة الأكاديمية البحرية تزوجت من نجل اللواء خالد فودة، الرئيس السابق للدفاع المدني والمحافظالحالي لجنوب سيناء.
بناء على ما سبق يبدو أن الرئيس السيسي ركز السلطة في دائرة صغيرة تتكون أساسا من الأسرة و المقربين. العلاقات العائلية تمكنه السيطرة المطلقة على أجهزة الاستخبارات العامة والعسكرية. يبدو أن الرئيس الحالي يتحرك لدرء الإنقلاب من الداخل، لتفادي تكرار ما جرى لمرسي عن يد السيسي.
رجال الرئيس
لا يعرف عنهم إلا القليل أو لا شيء. ولكن ليس هناك قرار بشأن مصر لا يمر من مكاتبهم. انهم رجال الرئيس. الأصدقاء المقربين والجنرالات الأكثر ثقة. كلهم أفراد القوات المسلحة. العديد منهم من المخابرات او الأمن الوطني. هم الآن في أعلى قيادة الدولة. السيسي لا يضع خطوة دون التحقق معهم. وقد تم تسريب بعض الأسماء في الماضي، في كثير من الأحيان كانت متعلقة بالجرائم المرتكبة من قبل الدولة، منها مقتل ريجيني. العقيد السابق عمر عفيفي، الآن منفى في الولايات المتحدة،في مقابلة له مع ايسبريسو إتهم ثلاثة من القادة الحاليين في قضية تعذيب وقتل الباحث الإيطالي فقال: «المسؤلية لرئيس مكتب السيسي، عباس كامل؛ اللواء محمد فرج شحات، مدير الاستخبارات العسكرية. وبطبيعة الحال، وزير الداخلية مجدي عبد الغفار والرئيس السيسي».
اللواء عباس كامل، يطلق عليه لقب “خازن أسرار السيسي”. حتى عام 2013كان وجوده مجهولا. والمعلومات المتوفرة عنه هي في الغالب من التسريبات من مكتبه. وقد برز دوره خصوصا بعد إحاطة الجيش بمرسي. انه الساعد الأيمن للسيسي منذ ان كان هذا الأخير مديرا للمخابرات العسكرية. وهو يعتبر الأن الرجل الثاني في الدولة. و هو الصديق والمستشار المقرب من الرئيس. وقد رافقه في عدة زيارات رسمية الى الخارج. وكان في الصف الأمامي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي. كان الظهور الأول لاسم اللواء عباس كامل في أقدم تسريبات السيسي أثناء حديثه مع الصحفي اسر رزق، أجاب سؤالا عن عدد قتلى فض رابعة فأجاب السيسى «اسألوا عباس». و ظهر اسم عباس كامل ايضا في تبليغات وصلت عبر ريجينيليكس تتهمه بانه قد لعب دورا مهما في تعذيب و قتل الشاب الإيطالي.
الجناح المسلح الآخر للرئيس هو اللواء محمد فرج شحات، المدير الحالي للمخابرات العسكرية. نفس الدور الذي عقده السيسي قبل أن يعين وزيرا للدفاع. سيرته العسكرية تطابق سيرة رئيس الدولة، بما في ذلك الدراسات في الولايات المتحدة وبريطانيا والبعثات الى المملكة العربية السعودية. ظهر اسم اللواء شحات في الرسالة التي بعثت من طرف مجهول الى السفارة الايطالية في برن السويسرية.
يمثل الأمن القومي في هذه الصورة وزير الداخلية الحالي، مجدي عبد الغفار. مهامه تحكي كل شيء عن شخصيته. اشتغل في الاستخبارات حول ما يقارب الأربعين عاما. كان له في عهد مبارك منصب في جهاز أمن الدولة. بعد ثورة 25 يناير وحل جهاز أمن الدولة السابق، عين اللواء عبد الغفار رئيسا لجهاز الأمن الوطني الجديد.الى جانب ذلك، كان قد اعترف بالجرائم التي ارتكبت في ظل قيادة مبارك: «مارس تجاوزات بحق الشعب المصري كانت مؤسسية وتبتعد لحد كبير عن الأخطاء الفردية».
اسم آخر في قائمة الذين يدينون التعذيب وسوء المعاملة من قبل الدولة هو محمود شعراوي، عين المدير العام للأمن الوطني في ديسمبر الماضي، عندما كان على الأرجح قد فتح ملف تحقيق ضد جوليو ريجيني بتهمة التجسس. العديد من النشطاء يزعمون أن حالات الاختفاء القسري والتعذيب قد زادت بشكل كبير بعد تعيين اللواء شعراوي. قبل سنوات كان شقيقه عبد الحميد، رئيسا لأمن الدولة. شعراوي استبدل صلاح حجازي الذي اخذ بدوره محل عبد الغفار، وزير الداخلية. والتناوب مستمر. قائمة رجال الرئيس فيها حجازي آخر. انهمحمود إبراهيم، رئيس الأركان ونائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. المدير السابق للمخابرات العسكرية.
في فريق الرئيس يجد أيضا اللواء محمد فريد التهامي. مدير سابق للمخابرات العامة و رئيس سابق للرقابة الإدارية.
في القائمة يحتل مكانة هامة الفريق أول صدقي صبحي. القائد العام للقوات المسلحة المصرية، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي ونائب رئيس مجلس الوزراء.