• من نحن ؟ لا أعرف ..

• من نحن ؟ لا أعرف ..

#محمد_طمليه

  • تركت عملي في جريدة “الأهالي” ، فما الذي أشعر به الآن ؟
    ** أشعر بحزن ، أشعر في الواقع بما شعرت به حين نمت لاول مرة في حياتي بعيدا عن #امي واخوتي : أذكر أنهم جاءوا في نحو الثانية فجرا . كنت نائما ، ولكني صحوت بعد ان بالغوا في قرع الباب. كان بيتنا عبارة عن كيان من الصفيح وكان يمكنهم ان يقرعوا الجدران ايضا – فأي جلبة تلك !! وسمعتهم يصرخون : “افتحوا الباب” .
    أخذوني إلى #زنزانة فيها #مصحف ، و”كوب بلاستيكي” و ” #فرشة_اسفنج” ذات لون عسكري ، ونافذة دائرية عالية لا يزيد قطرها عن قطر جردل منزلي ، وفيها رائحة – كاني بها رائحة الحناء التي جفت في صحن الألمنيوم : يا أمي , الهدوم لم تنشف بعد – غسيل بلا ملاقط / بلا شرفة بلا “فونيك” لاضفاء رائحة زكية : كأن احتمال الكي معدوما يا أمي الطيبة كانت ابنة الجيران ترى قميصي الأزرق منشورا قي الزقاق ، فتتنهد / كانت الغيارات البيضاء لا تخلوا من لطخة نجمت عن كرة قذفها مراهق طائش .
    امي أنا أقفز ولكني لا ألمس طرف #النافذة الدائرية العالية/ انا اقفز لكني لا ألمس طرف “النملية” انام ولكني لا أجرؤ أن أنقلب على جنبي الآخر خشية أن يستيقظ شقيقي الذي ينام لصقي / أنا أذرع أرض الزنزانة فأسمع وقع خطوات أخي الأكبر الذي فاز بالحذاء الجيد الذي تبرعت به السيدة البرجوازية .
    أمي ، “الأمباشي” لن يغطيني اذا انحسر عني الغطاء . “الأمباشي” لن يواسيني حين أعود مكسور الخاطر من غرفة المحقق …
    أمي ، هل يمكنني أن أمسك بطرف البزة العسكرية التي يرتديها الأمباشي كي لا أتوه في الزحام ؟ . هل يمكن أن يبادر “الأمباشي” الى اعداد وجبة بديلة ، بيض مقلي مثلا ، اذا لم يعجبني الطعام النظامي ؟ هل يمكن أن أضع رأسي في حضن “الأمباشي” ، فيفليني .
    أمي ، ها إن جبيني قد بات محموما ، فأين راحت يدك ؟ أين الخرقة المبلولة بالماء البارد ؟ أين الوصفات الشعبية ؟ أين أنا ؟ ولماذا وجدتني أتذكر الزنزانة وما علاقة أمي بقرار ترك جريدة “الأهالي” ؟ أتراني جننت ؟ قطعاً لا فأنا ما زلت ذكياً / مازلت بكامل قيافتي الذهنية / ومازلت أرى أن ثمة علاقة – خفية ربما – بين أمي و “الأهالي” والزنزانة .
    كيف ؟ سأقول : تركت “الأهالي” بعد أن اتضح لي ، ولزملائي أيضاً أنه لا يمكن ضبطي بدوام محدد . مثلما اتضح لي زلزملائي أيضاً ، أنني لا أصلح بتاتا للانخراط في “المطبخ الصحفي” : أنا كاتب فقط ، وأنا حريص على أن أبقى كذلك حتى ولو مت جوعاً ، وهنا تكمن المفارقة : فقراء جداً ولكننا لا نطيق العمل / مناضلون ، ولكننا مرهفون بحيث لا نحتمل السجن. / نحب الحياة ، ولكنا الأكثر ضجر منها .
    • من نحن ؟ لا أعرف ..

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى