#ماجد_دودين
أما تدري أبانا كل فرع … يجاري بالخطى مَن أدّبوه
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عــــــــــوَّده أبوه
********************
عن أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما نَحل والدٌ ولدّه من نحْل أفضل من أدب حسَن” رواه الترمذي.
أولى الناس ببرِّك، وأحقهم بمعروفك: أولادُك؛ فإنهم أمانات جعلهم الله عندك، ووصّاك بتربيتهم تربية صالحة لأبدانهم وقلوبهم، وكل ما فعلته معهم من هذه الأمور، دقيقها وجليلها، فإنه من أداء الواجب عليك، ومن أفضل ما يقربك إلى الله، فاجتهد في ذلك، واحتسبه عند الله، فكما أنك إذا أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم، فأنت قائم بالحق مأجور. فكذلك – بل أعظم من ذلك – إذا قمت بتربية قلوبهم وأرواحهم بالعلوم النافعة، والمعارف الصادقة، والتوجيه للأخلاق الحميدة، والتحذير من ضدها.
و “النحل”: هي العطايا والإحسان. فالآداب الحسنة خير للأولاد حالاً ومآلاً من إعطائهم الذهب والفضة، وأنواع المتاع الدنيوي لأن بالآداب الحسنة، والأخلاق الجميلة، يرتفعون، وبها يسعدون، وبها يؤدون ما عليهم من حقوق الله وحقوق العباد، وبها يجتنبون أنواع المضار، وبها يتم برهم لوالديهم.
أما إهمال الأولاد: فضرره كبير، وخطره خطير. أرأيت لو كان لك بستان فَنمَّيته، حتى استتمت أشجاره، وأينعت ثماره، وتزخرفت زروعه وأزهاره. ثم أهملته فلم تحفظه، ولم تَسقِه ولم تُنَقِّه من الآفات، وتعده للنموِّ في كل الأوقات، أليس هذا من أعظم الجهل والحمق؟ فكيف تهمل أولادك الذين هم فِلذة كبدك، وثمرة فؤادك، ونسخة روحك، والقائمون مقامك حياً وميتاً، الذين بسعادتهم تتم سعادتك، وبفلاحهم ونجاحهم تدرَك به خيراً كثيراً {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}.
********************
قيلَ لابن الْمبارك (رحمه الله): ما خَيْرُ ما أُعْطِيَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: ((غَرِيْزَةُ عَقْلٍ فِيْهِ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((أَدَبٌ حَسَنٌ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((أَخٌ صَالِحٌ يَسْتَشِيْرُهُ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((صَمْتٌ طَوِيْلٌ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((مَوْتٌ عَاجِلٌ)).
********************
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله:” أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلّة أدبه عنوان شقاوته وبواره. فما استُجْلِب خيرُ الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانهما بمثل قلة الأدب.” مدارج السالكين” .
********************
عن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنّ رجلاً جاءه فقال: أوصني. فقال: سألت عما سألت عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبلك، فقال:” أوصيك بتقوى الله؛ فإنه رأس كل شيء. وعليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية الإسلام. وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن؛ فإنه رَوْحك في السماء، وذكرك في الأرض”. أخرجه الإمام أحمد في “المسند”.
********************
عن أبي ذَرٍّ جُنْدبِ بنِ جُنَادَةَ رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال من الخير:
أوصاني بأن لا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أنظر إلى من هو دوني *
وأوصاني بحب المساكين، والدُنُوِّ منهم. وأوصاني أن أَصِلَ رحمي وإن أَدْبَرَتْ.
وأوصاني أنْ لا أخاف في الله لومة لائم. وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مُرًّا.
وأوصاني أن أكثر من قول:” لا حول ولا قوة إلا بالله “؛ فإنها كنز من كنوز الجنة.
حديث صحيح: أخرجه ابن حبان
*هذا في أمر الدنيا؛ فإنه أجدر أنْ لا يزدري العبدُ نعمة اللهِ عليه، أما في أمر الآخرة فلينظر الإنسان إلى مَن هو فوقه. والله أعلم.
********************
عن يحيى بن أبي كثير (رحمه الله) أن نبي الله داودَ قال لابنه سليمانَ (صلى الله عليهما وسلم): ((يا بُنيَّ! لا تستقل عدوًا واحدًا، ولا تستكثر ألف صديق، ولا تستبدل بأخ قديم أخًا مستحدثًا ما استقام لك)). {” عيون الأخبار ” للإمام ابن قتيبة، و”العِقد الفريد”.
********************
قال داود النبي صلى الله عليه وسلم: “كن لليتيم كالأب الرحيم. واعلم أنك كما تزرع تحصد.
ومَثَل المرأة الصالحة لبعلها (لزوجها) كالملك المتوج بالتاج المخوص بالذهب، كلما رآها قرت بها عيناه.
ومثل المرأة السوء لبعلها، كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير.
واعلم أن خطبة الأحمق في نادي قومه، كمثل المغني عند رأس الميت.
ولا تعدنّ أخاك شيئًا ثم لا تنجزه؛ فتورث بينك وبينه عداوة.
وتعوذ بالله من صاحب إن ذكرتَ الله لم يعنك، وإن نسيته لم يذكّرك، وهو: الشيطان.
واذكر ما تكره أن يُذكر منك في نادي قومك، فلا تفعله إذا خلوت)). {أخرجه الإمام أبو القاسم الطبراني في” المعجم الكبير ” بسندين، ورجال أحدهما رجال الصحيح. انظر ” مجمع الزوائد” للهيثمي.
********************
قال لقمان رضي الله عنه لابنه: “يا بني! اتخذ طاعة الله تجارة؛ تأتك الأرباح من غير بضاعة.”
وقال له:”يا بني! إن الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها ناس كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحشوها إيمان بالله، وشراعها التوكل على الله؛ لعلك تنجو، ولا أراك ناجيًا”. كتاب الزهد” للإمام ابن المبارك
********************
كتب عمرُ بنُ الخطابِ أميرُ المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين، وأحدُ العشرةِ المُبَشَّرين إلى ابنه عبد الله رضي الله عنهما في غَيْبَةٍ غابها:”أما بعد: فإنه مَن اتقى الله وَقَاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن شكره زاده، ومن أقرضه جَزَاه. فاجعل التقوى جِلاءَ بصرك، وعِمَادَ ظهرك، فإنه لا عمل لمن لا نِيَّة له، ولا أَجْرَ لمن لا حسنة له، ولا خير لمن لا خشية له، ولا جديد لمن لا خَلَقَ له”. الأمالي لأبي علي القالي، والعِقد الفريد لابن عبد ربه، و”مناقب عمر بن الخطاب ” لابن الجوزي.
********************
عن ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ … قال: أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر”.
********************
قال الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما لابنه:
“يا بني! إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرصَ منك على أن تقول.
وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الصمت. ولا تقطع على أحد حديثًا وإن طال حتى يمسك”.
********************
عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه قال: دخلت على أبي وهو مريض أتخايل فيه الموت، فقلت: يا أبتاه! أوصني، واجتهد لي.
فقال: أجلسوني يثم قال:” يا بني! إنك لن تطعم طعم الإيمان، ولن تبلغ حقيقة العلم بالله تبارك وتعالىحتى تؤمن بالقدر خيره وشره.”
قال: قلت: يا أبتاه! فكيف لي أن أعلم ما خير القدر، وما شره؟
قال: تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك.
يا بني! إني سمعت رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يقول: “إنّ أول ما خلق الله (تبارك وتعالى) القلم)، ثم قال: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة.
يا بني! إن مت ولست على ذلك دخلت النار”. المسند” للإمام أحمد ٥/ ٣١٧
********************
عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر رحمه اللهقال: أوصاني أبي، فقال:
“لا تصحبن خمسة، ولا تحادثهم، ولا ترافقهم في طريق.
قلت: جُعِلتُ فداك يا أبت! مَن هؤلاء الخمسة؟
قال: لا تصحبن فاسقًا؛ فإنه بائعك بأكلة فما دونها.
قلت: يا أبت! وما دونها؟!
قال: يطمع فيها ثم لا ينالها
قلت: يا أبت! ومَن الثاني؟
قال: لا تصحبن البخيل؛ فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه.
قلت: يا أبت! ومن الثالث؟
قال: لا تصحبن كذابًا؛ فإنه بمنزلة السراب، يبعد منك القريب، ويقرب منك البعيد.
قلت: يا أبت! ومَن الرابع؟
قال: لا تصحبن أحمقَ؛ فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.
قلت: يا أبت! ومَن الخامس؟
قال: لا تصحبن قاطع رحم؛ فإني وجدته ملعونًا في كتاب الله في ثلاثة مواضعَ.
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء” لأبي نعيم.
********************
قال محمد الباقر لابنه جعفر رحمهم الله: يا بني! إن الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة:
- خبأ رضاه في طاعته، فلا تَحْقِرَنَّ شيئًا من الطاعة؛ فلعل رضاه فيه.
- وخبأ سخطه في معصيته؛ فلا تحقرن شيئًا من المعاصي؛ فلعل سخطه فيه.
- وخبأ أولياءه في خلقه، فلا تحقرن أحدًا من خلقه؛ فلعله في ذلك)). “مجمع الأمثال ” لأبي الفضل الميداني”.
********************
عن عبد الله بن طاوس قال: قال لي أبي: يا بني! صاحب العقلاء تنسب إليهم وإن لم تكن منهم. ولا تصاحب الجهال فتنسب إليهم وإن لم تكن منهم واعلم أن لكل شيء غاية، وغاية المرء حسن الخلق)). {” حلية الأولياء” لأبي نعيم.
********************
عن سفيان بن عيينة رحمه الله قال: قال علقمة بن لَبِيد العُطَارِدي لابنه:” يا بني! إذا نزغتك إلى صحبة الرجال حاجة، فاصحب مَنْ إن صحبته زانك، وإن خدمته صانك، وإن أصابتك خصاصة مانك (حمل مؤنتك وقام بكفايتك) وإن قُلْتَ صَدَّقَ قولَك، وإن صُلت شد صولك، وإن مددت يدك بفضل مدها، وإن رأى منك حسنة عَدَّها، وإن رأى منك سيئة سدها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتَّ عنه ابتداك، وإن نزلت بك إحدى الملمات آساك، مَنْ لايأتيك منه البوائق (الشرور)، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن حاول حويلاً آمرك (إذا أراد شيئا شاورك) وإن تنازعتما مُنْفِسًا (شيء نفيس له قدر) آثرك)). {“عيون الأخبار” لابن قتيبة (رحمه الله.
********************
خذي العفو منى تستديمي مودتي … ولا تنطقي في سورتي حين أغضبُ
فإني رأيت الحب في الصدر والأذى … إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهبُ
********************
قال سلمة بن دينار – والد الإمام الكبير حماد بن سلمة رحمهما الله): يا بني! لا تقتدِ بمن لا يخاف الله بظهر الغيب، ولا يعفو عن العيب، ولا يصلح عند الشيب).
********************
قال أبو الأخفش الكناني لابن له:
أبُنَيَّ لا تَكُ مَا حَيِيْتَ مُمَارِيًا … وَدَعِ السَّفَاهَةَ إِنَّهَا لاَ تَنْفَعُ
لاَ تَحْمِلَنَّ ضَغِيْنَةً لِقَرَابَةٍ … إِنَّ الضَّغِيْنَةَ لِلْقَرَابَةِ تَقْطَعُ
لاَ تَحْسَبَنَّ الْحِلْمَ مِنْكَ مَذَلَّةً .. إِنَّ الْحَلِيْمَ هُوَ الأَعَزُّ الأَمْنَعُ
روضة العقلاء للإمام ابن حبان رحمه الله.
********************
عن الأصمعي قال: سمعت أعرابية توصي ابنها وقد أراد سفرًا، فقالت له:”يا بني! احفظ وصيتي، ومحض نصيحتي، وأنا أسال الله توفيقه لك؛ فإن قليل توفيقه لك أجدى عليك من كثير نصحي.
يا بني! أوصيك بتقوى الله. وإياك والنمائم؛ فإنها تزرع الضغائن، وتنبت الشحائن، وتفرق بين المحبين.
يا بني! إياك والبخل بمالك، والجود بعرضك، والبذل لدينك. بل كن بمالك جوادًا، ولعرضك صائنًا، ولدينك موقيًا. يا بني! إذا هُززت فاهتز، وإذا هَززت فاهزز كريمًا؛ فإنك تجد طيب مهزته، ولا تهزز لئيمًا؛ فإنه صخرة لا ينفجر ماؤها.
يا بني! مَثِّلْ لنفسك ما تستحسنه من غيرك مثالاً، ثم اتخذه إمامًا. وانظر إلى ما كرهته لغيرك فاجتنبه ودعه
واعلم يا بني! أن مَن جمع بين الحياء والسخاء؛ فقد استجاد الحلة إزارها ورداءها. ثم أنشأت تقول:
صاف الكرام وكن لعرضك صائنًا … واعلم بأن أخا الحفاظ أخوك
الناس ما استغنيت عنهم أنت أخوهم … فإذا افتقرت إليهم رفضوك!
“صفة الصفوة “لابن الجوزي