لا تندم اطلاقاً على أنك عاملت الآخرين بقلبٍ نقيّ ونيّة صافية، فإن الله سوف يجازيك على قدر نيتك وسوف يجازيهم على قدر نواياهم
نيّةٌ صافية…
إذا نويتَ الخيرَ، أبشرْ بما يأتيكَ من خيرٍ ومن عافيةْ
فإنما سرُّ نجاحِ الفتى -دُنيا وأُخرى- نيّـةٌ صافيةْ
لا تستحقر المعروف مهما كان صغيرًا!
حتى لو ابتسامة لمن أمامك أو نية صافية تحملها لمن حولك!
كل خير سيرده الله لك أضعافاً مضاعفة
*********************
طهّر قلبك من الشوائب
طهّر قلبك من الشوائب، فالمحبة لا تُلقى إلاّ في قلب طاهر، أما رأيت الزارع يتخير الأرض الطيبة ويسقيها ويرويها ثم يثيرها ويقلبها، وكلما رأى حجرا ألقاه، وكلما شاهد ما يؤذي نحّاه، ثم يُلقي فيها البذر ويتعاهدها من طوارق الأذى؟ وكذلك الحق عز وجل إذا أراد عبدا لوداده حصد من قلبه شوك الشرك، وطهّره من أوساخ الرياء والشك، ثم يسقيه ماء التوبة والإنابة، ويثيره بمسحأة الخوف والإخلاص، فيستوي ظاهره وباطنه في التقى، ثم يُلقي فيه بذر الهدى، فيُثمر حَبَّ المحبة، فحينئذ تُحمد المعرفة وطنا ظاهرا، وقوتا طاهرا، فيسكن لبّ القلب، ويثبت به سلطانها في رستاق البذر، فيسري من بركاتها إلى العين ما يفضها عن سوى المحبوب، وإلى الكفّ ما يكفّها عن المطلوب، وإلى اللسان ما يحبسه عن فضول الكلام، وإلى القدم ما يمنعه من سرعة الإقدام، فما زالت تلك النفس الطاهرة رائضها العلم، ونديمها الحِلم، وسجنها الخوف، وميدانها الرجاء، وبستانها الخلوة، وكنزها القناعة وبضاعتها اليقين، ومركبها الزهد، وطعامها الفكر، وحلواها الأنس، وهي مشغولة بتوطئة رحلها لرحيلها، وعين أملها ناظرة إلى سبيها، فإن صعد حافظاها، فالصحيفة نقية، وإن جاء البلاء فالنفس صابرة تقية، وإن أقبل الموت وجدها من الغش خلية، فيا طوبى لها إذا نوديت يوم القيامة:} يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية مرضية. {
**********************
) اللهُمَّ إنَّا نَسألُكَ الهُدى والتُّقى والعَفافَ والغِنى (
عَن عَبدِ الله بنِ مَسْعُودٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللّٰهُ عليهِ وسَلَّم كانَ يَدْعُو، فَيَقولُ:
«اللهُمَّ إنِّي أسْألُكَ الهُدى والتُّقى، والعَفافَ والغِنى» [رَواهُ مُسلِم (٢٧٢١)
قَالَ الإمامُ السعْدِيُّ -رَحِمَهُ الله-:
” هذا الدُّعاء «اللهُمَّ إنِّي أسْألُكَ الهُدى والتُّقى» مِن أَجْمَع الأدْعِيةِ وأنْفَعها. وهو يَتَضَمَّنُ سُؤالَ خَيرَ الدِّينِ وخَيرَ الدُّنيا..
فإنَّ “الهُدى” هو العِلْمُ النَّافِع. و”التُّقى” العَمَلُ الصَّالح، وتَرك ما نَهى اللّٰهُ ورَسُولُه عنه.
وبِذلك يَصُلُح الدِّينُ، فإنَّ الدِّينَ عُلومٌ نافِعة، ومَعارِفُ صادِقة، فهي الهُدى، وقيام بِطاعَةِ اللّٰهِ ورَسُولِهِ، فهو التُّقى.
و «العَفاف والغِنى» يَتَضَمَّنُ العفافَ عن الخَلقِ، وعَدمِ تَعْلِيقِ القَلبِ بِهِم. والغِنى بالله وبِرِزْقِه، والقَناعة بما فِيه، وحُصُول ما يَطْمَئنُّ به القَلبُ وكِفاية.
وبِذلك تَتِمُّ سَعادَة الدُّنيا، والرَّاحَة القَلبِيَّة، وهِي الحَياةُ الطَّيِّبة.
فَمَنْ رُزِقَ الهُدى والتُّقى، والعَفافَ والغِنى، نَالَ السَّعادَتَين، وحَصَلَ لهُ كُل مَطْلُوب، ونَجَى مِن كُلِّ مَرْهُوب. واللّٰهُ أعْلم “.
**************************
إلى متى تميل إلى الزخارف، وإلى كم ترغب لسماع الملاهي والمعازف؟!
أما آن لك أن تصحب سيّدا عارف، قد قطع الخوف قلبه، وهو على علمه عاكف، يقطع ليله قياما، ونهاره صياما، لا يميل ولا آنف، دائم الحزن، والبكاء متفرغ له، ومنه خائف، ومع ذلك يخشى القطيعة والانتقال إلى صعب المتالف، وأنت في غمرة هواك وعلى حب دنياك واقف، كأني بك وقد هجم عليك الحمام العاسف، وافترسك من بين خليلك وصديقك المؤالف، وتخلى عنك حبيبك وقريبك ومن كنت عليه عاطف، لا يستطيعون رد ما نزل بك، ولا تجد له كاشف، وقد نزلت بفناء من له الرحمة والإحسان واللطائف، فلو عاتبك لكان عتبه على نفسك من أخوف المخاوف، وإن ناقشك في الحساب، فأنت تألف، أين مقامك من مقام الأبطال يا بطّال، يا كثير الزلل والخطايا، يا قبيح الفعال، كيف قنعت لنفسك بخساسة الدون يا معنون، وغرتك أمانيك بحب الدنيا يا مفتون، هلا تعرضت لأوصاف الصدق فاستحليت بها القالب الحق: {التائبون العابدون الحامدون} إلى متى أنت مريض بالزكام؟ ومتى تستنشق ريح قميص يوسف عليه السلام يا غلام؟ لعله يرفع عن بصيرتك حجاب العمى، وتقف متذللا على باب إله الأرض والسماء، خرج قميص يوسف مع يهوذا من مصر إلى كنعان، فلا أهل القافلة علموا بريحه، ولا حامل القميص علم، وإنما قال صاحب الوجد: {إني لأجد ريح يوسف}.
*******************
خالف هواك
لله در نفس تطهرت من أجناس هواها، وتجلببت جلباب الصبر عند دنياها، وشغلها ما رأى قلبها عما رأت عيناها، وإن مالت إلى الدنيا نهاها نهاها، وإن مالت إلى الهوى شفاها شفاها، سهرت تطلب رضي المولى فرضى عنها وأرضاها، وقامت سوق المجاهدة على سوق هداها، فباعت حرصها بالقناعة فظفرت بغناها، وفوقت سهام العزائم إلى أهداف المحارم تبتغي علاها، ورمت نجائب الأسحار فساقها حادي الاستغفار إذ عناها، وقطعت بيداء الجد بآلة المستعد فبلغت مناها، فمن أجلها ينزل القطر وينبت الزرع من جزاها، ولولاها لم تثبت الأرض بأهل دنياها.
********************
بكيتُ على الذنوب لِعِظَم جُرمِي … وَحَقَّ لِمَن عَصَى مُرُّ البُكَاءِ
فَلَو أَنَّ البُكَاءَ يَرُدُّ هَمِّي … لأَسعَدت الدُّمُوع مَعَ الدِّمَاءِ
*******************
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) – يا إنسانُ بعد الجوع شبعٌ، وبعْدَ الظَّمأ ريٌّ، وبعْدَ السَّهرِ نوْمٌ، وبعْدَ المرض عافيةٌ، سوف يصلُ الغائبُ، ويهتدي الضالُّ، ويُفكُّ العاني، وينقشعُ الظلامُ (فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ).
بشَّر الليل بصبح صادق يطاردُهُ على رؤِوسِ الجبال، ومسارب الأوديةِ، بشِّر المهمومَ بِفرجٍ مفاجئ يصِلُ في سرعةِ الضَّوْءِ، ولمُحِ البصرِ، بشِّرِ المنكوب بلطف خفيٍّ، وكفٍ حانيةٍ وادعةٍ.
إذا رأيت الصحراء تمتدُّ وتمتدُّ، فاعلم أنَّ وراءها رياضاً خضراء وارفةّ الظِّلالِ.
*********************
(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا)، رُفعتِ الأقلام وجفّت الصحف، قضي الأمرُ، كتبت المقادير، (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا)، ما أصابك لم يكنْ لِيُخطئِك، وما أخطأكَ لم يكنْ لِيُصيِبك.
************************
ابْدأ بنفسِكَ فانهَها عن غيّها … فإذا انتهَتْ عنهُ فأنتَ حكيمُ
عليك أن تبدأ بنفسك، إذا أردت الإصلاح، وأن تكفها عن الأذى والضلال، فإذا استقامت لك كنت حكيماً، وحق لك عندئذ أن تنهى الناس عن الضلال.
**********************
إذا ضاق صدرُ المرءِ عن سرِّ نفسهِ … فصدرُ الذي يَسْتَودِعُ السّرَّ أضيقُ
من ضاق صدره عن سره كان صدر صاحبه به أضيق.
**********************
إذا ما أتيتَ الأمرَ من غيرِ بابهِ … ضلَلْتَ وإِن تقصدْ من الباب تهْتَدِ
من أتى الأمور من غير أبوابها ضل، فإنَ أتاها من أبوابها اهتدى.
**********************
تصفُو على المحسودِ نعمة ربِّهِ … ويذوبُ من كَمَدٍ فؤادُ الحاسدِ
المحسود يتمتع بنعمة الله، والحاسد يذوب كمداً.
********************
خَفْ دعوةَ المظلوم فهْي سريعةٌ … طَلعَتْ فجاءتْ بالعَذابِ النازلِ
دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب إذا طلعت إلى السماء نزلت إليك بالعذاب.
*******************
الكلام الطيب والعبارات اللطيفة لا تكلفك شيئاً
إذا لم تستطع أن تعيش التفاؤل وتمنحه لغيرك فلا تجبر من حولك أن يعيشوا إحباطاتك!
********************
الحديد بالطن والفاكهة بالكيلو
والذهب بالجرام، والألماس بالقيراط
وأعمال الآخرة بالذرة!!!
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}
*******************
من علامات حب الله للعبد أن يجعله ملجأ للناس، يرجعون إليه،
ليقضي لهم حوائجهم
فيعين الملهوفين. …
ويقضي دين المعسرين…
ويعطي منْ ماله للمحتاجين.
ويدخل السرور على قلوبهم
ولو بالشيء اليسير …
فهذا يلبسه الله عباءة لا يعطيها لأحد، إلّا لمن يحب (وخير الناس، أنفعهم للناس)
اللهم اجعلنا منهم
************************
يا هذا: لا حت عقبة المعصية لآدم وإبليس، فقال لهما لسان الحال: لا بد من سلوكها، فسلكا يتخبطان في ظلامها، فأما آدم فانكسر قلبه في طريقه، وبكى لصعوبة مضيقه، فهتف به هاتف اللطف: لا تجزع معجبا أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلى، وأما إبليس فجاء ضاحكا معجبا بنفسه، فثار الكبر من قلبه، فتكاثرت ظلمة طريقه، فلما ارتفعا إلى رأس العقبة ضرب {بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب}، فقال إبليس: يا آدم كنا رفيقين في عقبة المعصية، فكيف افترقنا؟ فنادى منادي الأزل: نحن قسمنا.
***********************
لقد خاب من آثر شهوة من حرام، فإن عقباها تجرع حميم آن، وخسر – والله – من أطلق نفسه فيما تريد، بعد أن سمع الزبانية وأغلال الحديد، وهلك كل الهلك وبار كل البوار، من اشترى لذة ساعة بعذاب النار.
***********************
حاسب نفسك في خلوتك، وتفكر في انقراض مدتك، واعمل في زمان فراغك لوقت شدتك، وتدبر قبل الفعل ما يملى في صحيفتك، وانظر: هل نفسك معك أو عليك في مجاهدتك، لقد سعد من حاسبها، وفاز والله من حاربها، وقام باستيفاء الحقوق منها وطالبها، وكلما ونت عاتبها، وكلما تواقفت جذبها، وكلما نظرت في آمال هواها غلبها.