من كل بستان زهرة 37

من كل #بستان #زهرة 37- ماجد دودين


قَالَ الإمَامُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَرَّمَ وَجْهَهُ (ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا وَهِيَ مُدْبِرَةٌ وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ وَهِيَ مُقْبِلَةٌ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، الْيَوْمَ الْعَمَلُ وَلا حِسَابَ وَغَدًا الْحِسَابُ وَلا عَمَل).

وَمَعْنَى قَوْلِهِ (ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا) أَيْ سَارَتِ الدُّنْيَا، وَمَعْنَى (مُدْبِرَةٌ) أَيِ الدُّنْيَا سَائِرَةٌ إِلَى الِانْقِطَاعِ وَالآخِرَةُ سَارَتْ مُقْبِلَةً فَالدُّنْيَا دَارُ الْعَمَلِ، وَالآخِرَةُ دَارُ الْجَزَاءِ عَلَى الْعَمَلِ، دَارُ الْحِسَابِ وَلَيْسَتْ دَارَ الْعَمَلِ.


تجارة الآخرة لا تبور… والتهافت على الدنيا لا يغيّر المقدور.


وأنت تسير في هذه الدنيا.. هناك يوم سيتوقف المسير وتحط بك القافلة ولكن..
إذا أنت لم ترحلْ بزادٍ من التقى ولاقيتَ بعد الموتِ منْ قد تزوّدا
ندمتَ على ألا تكون كمثـــــــلِه وأنك لم ترصدْ كما كان أرصدا


شوقي إليك زادي في سَفري، وعتادي في حَضَري،

شوقي إليك لا يُعدى عليه صبرٌ، ولا يَستقل به صدرٌ،

شوقٌ يكادُ يكون لِزاماً، وحنين يُعدُّ غَراماً،

الشوق إليك أمامي وورائي، وحشو ثوبي وردائي،

شوقٌ لا يفيق سقيمه، ولا يرحل مقيمهُ،

شوق مقيم لا يبرح ولا يَريمُ، وحنين لا ينام ولا ينيم،

شوقٌ جَرَح جوارحي، وجَنَح جوانحي،

شوقٌ براني بَري الخِلال، ومحقني مَحقَ الهلال

شَوقٌ يفض الفؤادَ، ويقضُ المِهاد،

نارُ الشوق حَشو ضُلوعي، وماءُ الصبابةِ ملء جُفوني،

شوقي إليك شوق الرَّوْض إلى الغيثِ، والملهوف إلى الغَوثِ،

عندي شوقٌ لو قسم على أهل الأرض لما كان فيهم إلا متيمٌ، ولم يُر فيهم إلا مُغرمٌ


تفكّروا ما في الحشر والمعاد، ودعوا طول النوم والرقاد، وتفقدوا أعمالكم، فالمُناقِشُ ذو انتقام.

إنّ في القيامة لحسرات، وإن عند الميزان لزفرات. فريق في الجنة، وفريقه في السعير. ففريق يرتقون إلى الدرجات، وفريق يهبطون إلى الدركات، وما بينك وبين هذا الأمر إلا أن يقال: فلان قد مات.

يا من كان له قلب فمات.. يا من كان له وقت ففات.. أشرف الأشياء قلبك ووقتك، فإنْ أنت ضيّعت وقتك وأهملت قلبك فقد ذهب منك الفوائد، إن كنت تبكي على ما فات فابك على فرقتك، وإن كنت تبكي على ما مات فابك على قلبك.

تأهب للذي لا بد منه … فإن الموت ميقات العبــــــــاد

أترضى أن تكون رفيق قوم … لهم زاد وأنت بغير زاد


عمرُ الفتى ذِكْرُه لا طولُ مُدّته … وموتُه حزنُه لا يومُه الداني

فأحْيِ ذكركَ بالإحسانِ تزرعُه … تجمعْ به لكَ في الدُّنيا حياتان


يا أيها الغافل جد في الرحيل … وأنت في لهو وزاد قليـــــــــل

لو كنت تدري ما تلاقي غدا … لذبت من فيض البكاء والعويل

فاخلص التوبة تحظى بها … فما بقي في العمــــــــر إلا القليل

ولا تنم إن كنت ذا غبطة … فإن قدامـــــــك نوم طويـــــــــــل


إلهي لا تعذبني فإني … مقــــــــــــــــر بالذي قد كان مني

ومالي حيلة إلا رجائي … وعفوك إن عفوت وحسن ظني

وكم من زلة لي في الخطايا … وأنت علي ذو فضل ومن

إذا فكرت في جرمي عليها … قرعت أناملي غيظا بسني

يظن الناس بي خيراً وإني … أشر الناس إن لم تعف عني


يا ساهيا يا غافلاً عما يراد له … حان الرحيل فما أعددت من زاد

تضن أنك تبقى سرمدا أبداً … هيهات أنت غدا فيمن غدا غــــادي

مالي سوى أنني أرجو الإله لما … أهمني فهو أرجو يوم ميعــــاد


وحياة من ملكت يداه قيادي … لأخالفنّ على الهوى حسادي

ولأعصين عواذلي في حبه … ولأهجرن لنائذي ورقادي

ولأجعلن نزاهتي فيه البكا … ولأكحلن مدامعي بسهادي

ولأحفرن لسره بين الحشا … قبراً ولم يعلم بذاك فؤادي

ولاحلفن يمين صدق أنني … اخلصت فيه محبتـــــــــي وودادي

هو غايتي هو منيتي هو بغيتي … هو سيدي يا سادتي ومرادي

والحمد لله الذي خلق الورى … حمداً له يبقى على الآبــــــــــاد


قال بعض الحكماء: أحفظ أربع خصال تنج بها من كل سوء: عينك، ولسانك، وقلبك، وهواك.

ولسانك لا تقل به شيئاً من الشر تعلم أن الحق خلافه، وقلبك لا يكن فيه غل ولا عداوة لأحد من المسلمين، وهواك لا يكن فيه شبه، فإن كان فيك هذه الخصال، وإلا فاجعل الرماد على رأسك، واعلم بأنك قد هلك


الموت في كل حين ينشر الكفنا … ونحن في غفلة عما يؤدبنـــا

لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها … وإن توشحت في أثوابها الحسنا


إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا … وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِــــــــي مِنَ الْأَجَـــــــلِ

فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً … فإنما الربح والخسران في العمل


خليليّ كم من ميت قد حضـــرته *** ولـكنني لم أنتفـــع بحضـــــوري

وكم من ليال قد أرتني عجــــائباً *** لهن وأيام خـلت وشهــــــــور

وكم من سنـــين قد طوتني كثيرة *** وكم من أمور قد جرت وأمــــــور

ومن لم يزده الســن ما عاش عبرة *** فذاك الذي لا يســتنير بنــــــور


اللهم إنا نشهد أنك واحد فرد صمد، وأن محمداً عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم وأنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، ونهج الملة، وأن الرسل حق، وأنهم بلغوا الرسالة، وأن الموت حق، والقبر حق، والميزان حق، والصراط حق، والجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.

اللهم توفنا مسلمين تائبين، لا مغيرين ولا مبدلين آمين يا رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى