من كل بستان زهرة (1) – حكم وأشعار
ماجد دودين
الطاعة مخزونة في خزائن الله تعالى، ومفتاحها #الدعاء، وأسنانها أكل الحلال، فإذا لم يكن في المفتاح أسنان، فلا يفتح #الباب، وإذا لم تفتح الخزانة كيف يتوصل إلى ما فيها من الطاعة. فصن لقمتك، وأطب طعمتك حتى يتبين لك مبيض صالح العمل من مسود خيط الأمل من فجر الأجل، ثم أتم صيام الجوارح عن حرام طعام الآثام إلى ليل القيام فتفطر على فوائد موائد {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}
ومن لم يجتنب الحرام من الطعام، أفطر بعد طول الصيام على مرارة حرارة ثمرة الزقوم، فيا له من طعام، ما أعظم ضرره، يفتت الفؤاد، ويقطع الأكباد، ويمزق الأجساد، ويورث الأنكاد في الميعاد
الحرام من القوت نار تذيب شحمة الفكر، وتذهب لذة حلاوة الذكر، وتحرّق ثياب إخلاص النيّات، ومن الحرام يتولد عمى البصيرة وظلام السريرة
فاكتسب مالا حلالا، وأنفقه في قصد، واجتنب الحرام وأهله، ولا تجالسهم، ولا تأكل طعامهم، ولا تصحب من كسبه من الحرام، إن كنت صادقا في ورعك، ولا تدلّن أحدا على الحرام فيأكله هو وتحاسب أنت عليه، ولا تعنه أيضا على طلبه، فان المعين شريك
لو كانت الفصاحة محمودة في المقال دون الفعال، لكان هارون أولى بالرسالة من موسى عليهما السلام، قال الله تعالى إخبارا عن قول موسى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً} القصص 34. فجعلت الرسالة لموسى لفصاحة أفعاله، والله أعلم حيث يجعل رسالته.
قال أبو الدرادء رضي الله عنه: إن ناقدت الناس ناقدوك، وإن تركتهم لم يتركوك، وإن هربت منهم أدركوك، فالعاقل من وهب نفسه وعرضه ليوم فقره، وما تجرّع مؤمن أحب إلى الله عز وجل من غيظ كظمه، فاعفوا يعزكم الله، وإياكم ودمعة اليتيم، ودعوة المظلوم، فانها تسري بالليل والناس نيام
أيها المقيم على الخطايا والعصيان، التارك لما أمرك الرحمن، المطيع للغويّ الفتان، إلى متى أنت على جرمك مصرّ، ومما يقرّبك إلى مولاك تفرّ؟ تطلب من الدنيا ما لا تدركه، وتتقي من الآخرة ما لا تملكه، لا أنت بما قسم الله من الرزق واثق، ولا أنت بما أمرك به لاحق.
يا أخي، الموعظة، والله لا تنفعك، والحوادث لا تردعك. لا الدهر يدعك، ولا داعي الموت يسمعك، كأنك يا مسكين لم تزل حيا موجودا، كأنك لا تعود نسيا مفقودا.
فاز، والله، المخفون من الأوزار، وسلم المتقون من عذاب النار، وأنت مقيم على كسب الجرائم والأوزار.
عيل صبري وحق لي أن أنوحا … لم تدع لي الذنوب قلبا صحيحا
أخلقت مهجتي أكف المعاصي … ونعاني المشيب نعيا صريحـــــا
كلما قلت قد بري جرح قلبي … عاد قلبي من الذنوب جريحـــــــا
إنما الفوز والنعيم لعبد … جاء في الحشر آمنا مستريحـــــــــــــــا
إخواني، ارفضوا هذه الدنيا كما رفضها الصالحون، وأعدّوا الزاد لنقلة لا بدّ لها أن تكون، واعتبروا بما تدور به عليكم الأيام والسنون.
يا من غدا في الغيّ والتيه … وغرّه طول تماديه
أملى لك الله فبارزته … ولم تخف غبّ معاصيه
وقفت وأجفاني تفيض دموعها … وقلبي من خوف القطيعة هائم
وكل مسيء أوبقته ذنوبه … ذليل حزين مطرق الطرف نـــــادم
فيا رب ذنبي تعاظم قدره … وأنت بما أشكو يا رب عالــــــــــم
وأنت رؤوف بالعباد مهيمن … حليم كريم واسع العفو راحــــــم
دعوني أناجي مولى جليلا … إذا الليل أرخى على السدولا
نظرت إليك بقلب ذليل … لأرجو به يا إلهي القبولا
لك الحمد والمجد والكبرياء … وأنت الإله الذي لن يزولا
وأنت الإله الذي لم يزل … حميدا كريما عظيما جليلا
تميت الأنام وتحيي العظام … وتنشى الخلائق جيلا فجيلا
عظيم الجلال كريم الفعال … جزيل النوال تنيل السؤولا
حبيب القلوب غفور الذنوب … تواري العيوب تقيل الجهولا
وتعطي الجزيل وتولي الجميل … وتأخذ من ذا وذاك القليلا
خزائن جودك لا تنقضي … تعمّ الجواد بها والبخيلا
أيا الذي قلبه ميّت … بأكل الربا ازدجر وانتبــــــــــــــه
فكم نائم نام في غبطة … أتته المنيّة في نومتــــــــــــــه
وكم من مقيم على لذة … دهته الحوادث في لذتـــــــــــه
وكم من جديد على ظهرها … سيأتي الزمان على جدته
مالي أراك على الذنوب مواظبا … أأخذت من سوء الحساب أمانــا
لا تغفلن كأن يومك قد أتى … ولعل عمرك قد دنا أو حانـــــــــــــــا
ومضى الحبيب لحفر قبره مسرعا … وأتى الصديق فأنذر الجيرانا
وأتو بغسّال وجاؤوا نحوه … وبدا بغسلك ميتا عريانــــــــــــــــــا
فغسلت ثم كسيت ثوبا للبلى … ودعوا لحمل سريرك الإخوانــــــا
وأتاك أهلك للوداع فودّعوا … وجرت عليك دموعهم غدرانــــــــا
فخف الإله فانه من خافه … سكن الجنان مجاورا رضوانـــــــــــا
جنات عدن لا يبيد نعيمها … أبدا يخالط روحه ريحانـــــــــــــــــــا
ولمن عصى نار يقال لها لظى … تشوى الوجوه وتحرق الأبدانـــا
نبكي وحق لنا البكاء يا قومنا … كي لا يؤاخذنا بما قد كانـــــــــــا#