من كلّ بستان زهرة -95-

من كلّ بستان زهرة -95-

#ماجد_دودين

عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَدخُلُ الجنَّةَ مَن كان في قَلبِه مِثقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبرٍ، قال رجلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يحِبُّ أن يكونَ ثوبُه حَسَنًا ونَعلُه حَسَنةً! قال: إنَّ اللهَ جميلٌ يُحِبُّ الجَمالَ)).

(قولُه: ((يحِبُّ الجَمالَ)) أي: يحِبُّ التَّجمُّلَ، يعني: أنَّه يحِبُّ أن يتجَمَّلَ الإنسانُ في ثيابِه، وفي نَعلِه، وفي بدَنِه، وفي جميعِ شُؤونِه؛ لأنَّ التَّجمُّلَ يجذِبُ القُلوبَ إلى الإنسانِ، ويحبِّبُه إلى النَّاسِ، بخلافِ التَّشوُّهِ الذي يكونُ فيه الإنسانُ قبيحًا في شَعرِه أو في ثَوبِه أو في لِباسِه)

مقالات ذات صلة

***************

قال صلى الله عليه وسلّم: “ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ.” صحيح البخاري

الغَضَبُ غَريزةٌ رَكَّبَها اللهُ في طَبيعةِ الإنسانِ، وهو: تَغيُّرٌ يَحصُلُ عِندَ فَوَرانِ دَمِ القَلبِ؛ لِيَحصُلَ عنه التَّشَفِّي في الصَّدرِ، والنَّاسُ مُتَفاوِتونَ في مَبْدَئِه وأثَرِه؛ ومِن ثَمَّ كان منه ما هو مَحمودٌ، وما هو مَذمومٌ؛ فمَن كان غَضَبُه في الحَقِّ، ولا يَجُرُّه لِمَا يُفسِدُ عليه دِينَه ودُنياه؛ فهو غَضَبٌ مَحمودٌ. ومَن كان غَضوبًا في الباطِلِ، أو لا يَستَطيعُ التَّحكُّمَ في غَضَبِه إذا غَضِبَ، ويَجُرُّه الغَضَبُ لِتَجاوُزِ الحَدِّ، وإفسادِ دِينِه ودُنياهُ؛ فهذا غَضَبٌ مَذمومٌ. وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «ليس الشَّديدُ بالصُّرَعةِ»، أي: لا تظُنُّوا أنَّ الرَّجلَ القويَّ هو ذلك الرَّجلُ الَّذي يَتمتَّعُ بقوَّةٍ بَدنيَّةٍ يَستطيعُ بها أنْ يَصرَعَ الآخَرين، وإنَّما الرَّجلُ القويُّ حقًّا الكاملُ في قوَّتِه، هو الرَّجلُ القويُّ في إرادتِه، الَّذي يَستطيعُ أنْ يَتحكَّمَ في نفْسِه عندَ الغَضبِ، ويَكظِمَ غَيْظَه ويتحَلَّمَ، ويَمنَعُ نفْسَه عن تَنْفيذِ ما تَدْعوه إليه مِن إيذاءِ النَّاسِ بالشَّتْمِ والضَّرْبِ والعُدوانِ، وغيرِ ذلك من أنواعِ الإيذاءِ. وهذا يدُلُّ على أنَّ مجاهَدةَ النَّفسِ أشَدُّ مِن مجاهدةِ العَدُوِّ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعل للذي يملِكُ نَفْسَه عند الغَضَبِ من القُوَّةِ والشِّدَّةِ ما ليس للذي يغلِبُ النَّاسَ ويَصرَعُهم.

*******************

يا فَاطِرَ الخَلْقِ البَدِيْعِ وكَافِلاً … رِزْقَ الجَمِيْعِ سَحَابُ جُوْدِكَ هَاطِلُ

يا مُسْبغَ البرِّ الجَزِيْلِ ومُسَبِلَ الـ … سِّتْرِ الجَمِيْلِ عَمِيْمُ طَوْلِكَ طَائِلُ

يا عَالِمَ السِّرِ الخَفِيّ ومُنْجِزَ الْـ … وَعْدِ الوَفِيّ قَضَاءُ حُكْمِكَ عَادِلُ

عَظُمَتْ صِفَاتُكِ يَا عَظِيْمُ فَجَلَّ أَنْ … يُحْصِي الثَّنَاءَ عَلَيْكَ فِيْهَا قَائِلُ

الذَّنْبُ أنْتَ لَهُ بِمَنِّكَ غَافِرٌ … ولِتَوْبَةِ الَعاصِي بِحِلْمِكَ قَابِلُ

رَبٌّ يُرَبِيْ العَالَمِيْنَ بِبِرِّهِ … وَنَوَالُهُ أبَدًا إِليْهمْ وَاصِــــــــلُ

**************

قال الشَّافِعيُّ: (لا يَكمُلُ الرَّجُلُ في الدُّنيا إلَّا بأربَعٍ: بالدِّيانةِ، والأمانةِ، والصِّيانةِ، والرَّزانةِ).

*******************

بِذِكْرِكَ يَا مَوْلى الْوَرَى نَتَنَعَّمُ … وقدْ خابَ قومٌ عن سَبِيْلِكَ قَدْ عَمُوا

شَهِدْنَا يَقِيْنًا أَنَّ عِلْمَكُ واسِعٌ … فَأنَتْ تَرى ما في القُلوبِ وَتَعْلَمُ …

إلَهِي تَحَمَّلْنَا ذُنُوبًا عَظِيْمَةً … أَسَأْنا وقصَّرْنا وجُودُكَ أعْظَمُ

سَتَرْنَا مَعَاصِيْنا عن الخلقِ غَفْلَةً … وأنتَ تَرانَا ثُمَّ تَعْفُو وتَرْحَمُّ

وَحَقِّك ما فِيْنَا مُسِيءٌ يَسُرُّهُ … صُدُودُكَ عَنْهُ يَلْ يَخَافُ ويَنْدَمُ

سَكَتْنَا عَنِ الشَّكْوَى حَياءً وَهَيْبَةً … وَحَاجَاتُنَا بالْمُقْتَضَى تَتَكَلَّمُ

إذَا كَانَ ذُلُّ العَبْدِ بالحال نَاطِقًا … فَهَلْ يَسْتَطِيع الصَّبْرَ عَنْهُ وَيَكْتُمُ

إلَهِي فَجُدْ واصْفحَ وأَصْلِحْ قلُوبنا … فأنْتَ الذِيْ تُولِيْ الجَمِيلَ وَتُكْرِمُ

وأَنْتَ الذِي قَرِّيْتَ قَوْمًا فَوَافَقُوْا … وَوَفَّقْتَهُم حَتَّى أَنابُوا وسَلَّمُوْا

**************

مَن أكثَرَ المُزاحَ قَلَّت هَيبَتُه

ومَن جنى الوَقارَ عَزَّت قيمَتُه

مَن سالَمَ النَّاسَ جنى السَّلامَهْ

ومَن تعَدَّى أحرَزَ النَّدامَهْ

**************

صَرَفْتُ إلى رَبِّ الأنام مَطَالِبي … وَوَجَّهْتُ وَجِهي نَحْوَهُ وَمَآربي

إلى المَلكِ الأعْلَى الذَي لَيْسَ فَوقَهُ … مَلِيْكٌ يُرَجَّى سَيْبُهٌ في الْمَتاعِبِ

إلَى الصَّمَد البَرَّ الذي فَاضَ جُوْدُهُ … وعَمَّ الوَرَى طُرًا بجَزْلِ المَوَاهِبِ

مُقِيْليْ إذَا زَلَّتْ بِيَ النَّعْلُ عَاثِرًا … وأسْمَحَ غَفَّارٍ وأكْرمَ وَاهِبِ

فَمَا زَالَ يُوْلِيْني الجَميْل تَلَطُّفًا … ويَدْفَعُ عَنِّي في صُدُورِ النَّوائِبِ

ويَرْزُقُني طِفْلاً وكَهْلاً وقَبْلَهَا … جَنْينًا ويَحْمِيْني وَبيَ المكَاسِبِ

**************

عن الحَسَنِ قال: (يا ابنُ آدَمَ، عَمَلَك عَمَلَك؛ فإنَّما هو لحمُك ودَمُك، فانظُرْ على أيِّ حالٍ تَلقى عَمَلَك. إنَّ لأهلِ التَّقوى علاماتٍ يُعرَفونَ بها: صِدقُ الحَديثِ، والوفاءُ بالعَهدِ، وصِلةُ الرَّحِمِ، ورَحمةُ الضُّعَفاءِ، وقِلَّةُ الفَخرِ والخُيلاءِ، وبَذلُ المَعروفِ، وقِلَّةُ المُباهاةِ للنَّاسِ، وحُسنُ الخُلُقِ، وسَعةُ الخُلُقِ مِمَّا يُقَرِّبُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ)

**************

يَا مَنْ إلَيْهِ جَمِيْعُ الخَلْقِ يبتهلوا … وَكُلُّ حَيّ عَلى رُحْمَاهُ يَتَّكِلُ

يَا مَنْ نَأَى فَرَأَى مَا في القُلُوبِ ومَا … تَحْتَ الثَّرَى وَحِجَابُ اللَّيْلِ مُنْسَدِلُ

يَا مَنْ دَنَا فَنَأى عَنْ أنْ يُحِيْطَ بِهَ الْ … أفْكَارُ طُرًّا أوْ الأوْهَامُ وَالعِلَلُ

أنْتَ المُنَادَى بِهِ في كُلِّ حَادِثَةٍ … وأنْتَ مَلْجأُ مَنْ ضَاقَتْ بِهِ الحِيَلُ

أَنْتَ الغِيَاثُ لِمَنْ سُدَّتْ مَذَاهِبُهُ … أنْتَ الدَّلِيْلُ لِمَنْ ضَلَّتْ بِهِ السُّبُلُ

إنَّا قَصَدْنَاكَ وَالآمالُ واقِعَةٌ … عَلَيكَ والكُلُ مَلْهُوفٌ ومُبْتَهِلُ

فإنْ غَفْرتَ فَعَنْ طَوْلٍ وَعَنْ كَرَمٍ … وَانْ سَطَوْتَ فَأَنْتَ الحَاكِمُ الْعَدِلُ

**************

قال الجاحِظُ: (الصَّبرُ صَبرانِ: فأعلاهما أن تَصبرَ على ما تَرجو فيه الغُنمَ في العاقِبةِ. والحِلمُ حِلمانِ: فأشرَفُهما حِلمُك عَمَّن هو دونَك. والصِّدقُ صِدْقانِ: أعظَمُهما صِدقُك فيما يضُرُّك. والوفاءُ وفاءانِ: أسناهما وفاؤُك لمَن لا تَرجوه ولا تَخافُه؛ فإنَّ مَن عُرِف بالصِّدقِ صارَ النَّاسُ له أتباعًا، ومَن نُسِبَ إلى الحِلمِ أُلبِسَ ثَوبَ الوقارِ والهَيبةِ وأُبَّهةَ الجَلالةِ، ومَن عُرِف بالوفاءِ استَنامَت بالثِّقةِ به الجَماعاتُ، ومَن استَعزَّ بالصَّبرِ نال جَسيماتِ الأُمورِ، ولعَمْري ما غَلِطَت الحُكماءُ حينَ سَمَّتها أركانَ الدِّينِ والدُّنيا)

**************

يا مَنْ يُغِيْثُ الوَرَى مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا … ارْحَمْ عِبادًا أكُفَّ الفَقْر قَدْ بَسَطُوا

عَوَّدْتَهُمْ بَسْطَ أرْزَاقٍ بلا سَبَبٍ … سِوِى جَميلِ رَجَاءٍ نحوَهُ انْبَسَطُوا …

وَعَدْتَ بالفَضْلِ في وِرْدٍ وفي صَدَرٍ … بالجُودِ إنْ أَقْسَطُوا والحِلْمِ إنْ قَسَطُوا

**************

كانت العَرَبُ توصي بناتِها بما يوجِبُ الأُلفةَ، فتقولُ للواحِدةِ:

(كوني له أرضًا يَكُنْ لك سماءً، وكوني مِهادًا يكُنْ عِمادًا، وأَمَةً يكُنْ عَبدًا، وفِراشًا يكُنْ مَعاشًا، ولا تَقْرَبي فيَمَلَّكِ، ولا تَبعُدي فيَنساك، ولا تعاصيه شَهوتَه، وعليك بالنَّظافةِ، ولا يرى منك إلَّا حَسَنًا، ولا يشَمَّ إلَّا طَيِّبًا، ولا يَسمَعْ إلَّا ما يَرضى، ولا تُفشي سِرَّه، فتَسقُطي من عَينِه، ولا تَفرَحي إذا غَضِب، ولا تَغضَبي إذا فَرِح)

**************

لَكَ الحَمْدُ وَالنَّعْمَاءً وَالمُلْكُ رَبَّنَا … وَلاَ شَيْءَ أَعْلاَ مِنْكَ مَجْدًا وَأَمْجَدُ

مَلِيْكٌ عَلى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ … لِعِزَّتِهِ تَعْنُوا الوُجُوْهُ وَتَسْجُدُ

فَسُبْحَان مَنْ لاَ يَقْدُرُ الخَلْقُ قَدْرَهُ … وَمَنْ هُوَ فَوْقَ العَرْشِ فَرْدٌ مُوَحَّدُ

وَمَنْ لَمْ تُنَازِعْهُ الخَلائِقُ مُلْكَهُ … وَإنْ لَمْ تُفَرِّدْهُ العِبَادُ فَمُفْرَدُ

مَلِيْكُ السَّمَوَاتِ الشِّدَادِ وَأَرْضِهَا … وَلَيْسَ بِشَيءٍ عَنْ قَضَاهُ تَأْوُّدُ

هَوَ اللهُ بَارِي الخَلْقِ، وَالخَلْقُ كُلُّهُمْ … إمَاءٌ لهُ طَوْعًا جَمِيْعًا وَأَعْبُدُ

وَأَنَّى يَكُوْنُ الخَلْقُ كَالخَالِقِ الذِيْ … يُمِيْتُ وَيُحْيِي دَائِبًا لَيْسَ يَهْمِدُ

تُسَبِّحُهُ الطَّيْرُ الجَوانِحُ في الخَفَا … وَإذْ هِيَ فِي جَوِّ السِّمَاءِ تُصَعِّدُ

وَمِنْ خَوْفِ رَبِّي سَبَّحَ الرَّعْدُ فَوْقَنَا … وَسَبَّحَهُ الأشْجارُ وَالوَحْشُ أبَّدُ

**************

إنَّ الوفاءَ على الكريمِ فريضةٌ واللُّؤمُ مقرونٌ بذي الإخلافِ

وترى الكريمَ لمن يعاشِرُ منصِفًا وترى اللَّئيمَ مجانِبَ الإنصافِ

**************

قال سُفيانُ: (عليك بالوَرَعِ يُخَفِّفِ اللهُ حِسابَك، ودَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك، وادفَعِ الشَّكَّ باليقينِ يسلَمْ لك دينُك).

******************

قال أبو الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه: (تمامُ التَّقوى أن يتقيَ اللهَ عزَّ وجَلَّ العبدُ، حتى يتقِيَه في مِثلِ مِثقالِ ذَرَّةٍ، حتى يترُكَ بعضَ ما يرى أنَّه حلالٌ خَشيةَ أن يكونَ حرامًا، يكونُ حاجِزًا بينه وبين الحرامِ)

*****************

قال الحَسنُ: (المُؤمِنُ شُعبةٌ مِن المُؤمِنِ، وهو مِرآةُ أخيه، إن رأى منه ما لا يُعجِبُه سدَّده وقوَّمه، ونصَحه في السِّرِّ والعَلانيَةِ).

******************

قال الفضيلُ بنُ عياضٍ: (الغبطةُ مِن الإيمانِ, والحسدُ مِن النِّفاقِ, والمؤمنُ يغبِطُ ولا يحسدُ, والمنافقُ يحسُدُ ولا يغبِطُ, والمؤمنُ يسترُ ويعِظُ وينصَحُ، والفاجِرُ يهتِكُ ويُعيِّرُ ويُفشي).

*******************

قال عَلقَمةُ بنُ لَبيدٍ العُطارديُّ لابنِه: (يا بُنيَّ، إذا نزعَتْك إلى صُحبةِ الرِّجالِ حاجةٌ فاصحَبْ منهم من إنْ تُحِبَّه زانك، وإن خَدَمْتَه صانك، وإن أصابَتْك خَصاصةٌ مانَكَ ، وإنْ قُلتَ صَدَّق قولَك، وإنْ صُلْتَ شَدَّ صَولَك، وإنْ مدَدْتَ يَدَك بفَضلٍ مَدَّها، وإن رأى منك حَسَنةً عَدَّها، وإن سألْتَه أعطاك، وإن سكَتَّ عنه ابتداك، وإنْ نزَلَتْ بك إحدى المُلِمَّاتِ  آساك، مَن لا يأتيك منه البَوائِقُ، ولا تختَلِفُ عليك منه الطَّرائِقُ، ولا يخذُلُك عِندَ الحقائِقِ، وإن حاول حويلًا آمَرَك، وإن تنازَعْتُما مُنفِسًا  آثَرَك).

*******************

قال العلماء: “مِن حَقِّ الأُخُوَّةِ أن يَشعُرَ المُسلِمُ بأنَّ إخوانَه ظهيرٌ له في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ، وأنَّ قُوَّتَه لا تتحَرَّكُ في الحياةِ وَحْدَها، بل إنَّ قوى المُؤمِنين تُسانِدُها وتَشُدُّ أَزْرَها، قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُؤمِنُ للمُؤمِنِ كالبُنيانِ يَشُدُّ بعضُه بعضًا)). ومِن ثَمَّ كانت الأُخُوَّةُ الخالصةُ نِعمةً مُضاعَفةً، لا نعمةُ التَّجانُسِ الرُّوحيِّ فحَسْبُ، بل نِعمةُ التَّعاوُنِ المادِّيِّ كذلك، وقد كرَّر اللَّهُ عزَّ وجَلَّ ذِكرَ هذه النِّعمةِ مَرَّةً ومَرَّةً في آيةٍ واحدةٍ: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [آل عمران: 103

وأُخُوَّةُ الدِّينِ تَفرِضُ التَّناصُرَ بَيْنَ المُسلِمين، لا تناصُرُ العَصَبيَّاتِ العَمياءِ بل تناصُرُ المُؤمِنين الصَّالحين لإحقاقِ الحَقِّ وإبطالِ الباطِلِ، ورَدعِ المعتدي، وإجارةِ المهضومِ، فلا يجوزُ تَركُ مُسلِمٍ يكافِحُ وَحْدَه في معتَرَكٍ، بل لا بُدَّ من الوُقوفِ بجانِبِه على أيِّ حالٍ لإرشادِه إن ضَلَّ، وحَجْزِه إن تطاوَلَ، والدِّفاعِ عنه إن هُوجِمَ، والقتالِ معه إذا استُبيحَ، وذلك معنى التَّناصُرِ الذي فرَضَه الإسلامُ…).

*******************

إيَّاك لا تخذُلِ الصَّديقا وارْعَ له العَهدَ والحُقوقا

نُصرَتُه ما قدَرْتَ عِزٌّ تمَهِّدُه للعُلا طريقَا

فلا تسامِحْ به عَدُوًّا وكُنْ له ناصِرًا حقيقَا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى