من كلّ بستان زهرة – 85

من كلّ #بستان_زهرة – 85

#ماجد_دودين

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “لاَ يؤمنُ عبدٌ حتَّى يؤمِنَ بالقدرِ خيرِهِ وشرِّهِ؛ حتَّى يعلمَ أنَّ ما أصابَهُ لم يَكن ليخطئَهُ، وأنَّ ما أخطأَهُ لم يَكن ليصيبَهُ”. الراوي: جابر بن عبدالله | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الترمذي.

الإيمانُ بالقدَرِ خيرِه وشرِّه مِن شُروطِ صِحَّةِ الإيمانِ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “لا يُؤمِنُ عبدٌ حتَّى يُؤمِنَ بالقدَرِ”، أي: لا يَصِحُّ إيمانُ عبدٍ، بل يَسقُطُ إيمانُه ما لم يُؤمِنْ بالقدَرِ، والقدَرُ هو ما قدَّره اللهُ على عِبادِه وقَضاه لهم، فهو ما اختاره اللهُ لكلِّ عبدٍ، وما شاءه له، “خيرِه وشرِّه”، أي: بخيرِ القدَرِ وشَرِّ القدَرِ، فالنِّعمةُ قدَرٌ، والبلاءُ قدرٌ، والفرَحُ قدَرٌ والحزنُ قدَرٌ، فكَما أنَّ القدَرَ يأتي بالخيرِ، فهو يأتي بالشَّرِّ أيضًا؛ “حتَّى يَعلَمَ أنَّ ما أصابَه لم يَكُنْ لِيُخطِئَه”، أي: ولا يصِحُّ إيمانُ عبدٍ حتَّى يَعلَمَ أنَّ ما أصابه مِن القدَرِ سواءٌ بالنِّعمِ أو البلايا لم يَكُن لِيَحيدَ عنه أبدًا ولا لِيُجاوِزَه أبدًا، وأنَّ ما كتَبه اللهُ له أو عليه مِن النِّعمةِ أو البَلايا سوف يَراه لا مَحالة، ولا مَهرَب منه أبدًا، “وأنَّ ما أخطَأَه لم يَكُنْ لِيُصيبَه”، أي: وحتَّى يعلَمَ أيضًا أنَّ القدَرَ الَّذي لم يُصِبْه وتجاوزَه وتخطَّاه لم يَكُن له أن يُصيبَه أبدًا فما لَم يُكتَبْ له أو عليه لَن يأتِيَه أبدًا لا مَحالةَ؛ فلا فِرارَ مِن القدَرِ، ولا فِرارَ ممَّا قَضى اللهُ على عبدِه، سواءٌ كان خيرًا أو شرًّا. وقد دلَّ القرآنُ الكريمُ والسُّنَّةُ الصَّحيحةُ على وُجوبِ الإيمانِ بالقدَرِ، وأنَّ الأمورَ تَجري بقدَرِ اللهِ تعالى، وعلى أنَّ اللهَ تعالى عَلِم الأشياءَ وقدَّرها في الأزَلِ، وأنَّها ستَقَعُ على وَفْقِ ما قدَّره اللهُ سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وإذا كان الإيمانُ بالأقدارِ مِن أصلِ الإيمانِ؛ فيَجِبُ الإيمانُ به.

***************

الكثير من الشيء يقلل من ثمنه إلا العقل الناضج كلما ذادت ثقافته ندر وعلا شأنه.

***************

عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «لَوْ عَلِمْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا إِلَّا الْعَافِيَةَ حَتَّى أُصْبِحَ».

***************

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:” مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ.” وَسَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّما أنا خازِنٌ، فمَن أعْطَيْتُهُ عن طِيبِ نَفْسٍ، فيُبارَكُ له فِيهِ، ومَن أعْطَيْتُهُ عن مَسْأَلَةٍ وشَرَهٍ، كانَ كالَّذِي يَأْكُلُ ولا يَشْبَع”. الراوي: معاوية بن أبي سفيان | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم

   اللهُ سُبْحانَه وتعالَى حَليمٌ، رَحيمٌ بعِبادِه، يُحِبُّ لهُم الخَيْرَ، ونَبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كان أَطْيَبَ النَّاسِ نفْسًا، وعلَّمَنا العَفافَ وسَخاءَ النَّفْسِ. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ مَنْ أراد به اللهُ خيرًا عَظيمًا ونَفْعًا كَثيرًا، فَقَّهَه في الدِّينِ، فيَمنَحُه العِلمَ الشَّرعيَّ، وبَصَّرَه بأُمورِ دِينِه حتَّى يَكونَ فَقيهًا فيه، عارِفًا بالحقِّ، عامِلًا به، داعيًا إليه على بَصيرةٍ وهُدًى، وهذا هو الخيرُ الَّذي لا يُدَانِيهِ خيرٌ في هذا الوجودِ؛ في فَضلِهِ وشرَفِهِ، وعُلُوِّ دَرَجتِهِ؛ لأنَّه مِيراثُ الأنبياءِ الَّذي لم يُورِّثُوا غيْرَه. وقدْ خُصَّتِ الخَيريَّةُ بالتَّفقُّهِ في الدِّينِ وليْس لمُجرَّدِ حمْلِ الفِقهِ وسَمْعِه؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -كما عندَ أبي داودَ وغيرِه-: «نضَّرَ اللهُ امرَأً سَمِعَ منَّا حديثًا، فحَفِظَه حتَّى يُبلِّغَه؛ فرُبَّ حاملِ فِقهٍ إلى مَن هو أفقَهُ منه، ورُبَّ حاملِ فِقهٍ ليس بفَقيهٍ»؛ فقدْ لا يكونُ الرَّاوي السَّامعُ عالِمًا ولا فَقيهًا، ولكنَّه يَحفَظُ السُّنَّةَ ويَنقُلُها إلى غيرِه ممَّن يَقدِرُ على الفَهْمِ والاستِنباطِ؛ فالفقيهُ في الدِّينِ هو الَّذي يُنَزِّلُ النُّصوصَ مَنازِلَها، ويَضَعُها في مَواضِعِها، فيَسْتبينُ له الأمرُ على جَليَّتِه، ويُبصِرُ الطَّريقَ، ومِثلُ هذا العِلمِ يَقودُ صاحِبَه إلى خَشيةِ اللهِ، والتِزامِ طاعتِه، وتَجنُّبِ مَعاصِيهِ. والفِقهُ في الدِّينِ إنَّما يَكونُ بالتَّأمُّلِ في نُصوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ، ومَعرفةِ ما اشتَملَتْ عليه مِن كُنوزٍ، وما حَوَتْهُ مِن عَقائدَ وأحكامٍ وحِكَمٍ.

ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «إنَّما أنا خازِنٌ»، أي: أمينٌ وحافِظٌ لِمَا أعْطاني اللهُ تعالَى، وإنَّ المُعْطِيَ في الحقيقةِ هو اللهُ تعالَى، ولسْتُ أنا المُعْطِيَ، وإنَّما أَقْسِمُ على حَسَبِ ما أَمَرني اللهُ به؛ فالأمورُ كُلُّها بمَشيئتِهِ سُبحانه وتَقديرِهِ، والإنسانُ مُصَرَّفٌ مَرْبوبٌ. «فمَنْ أعْطَيْتُه» دُونَ مَسألةٍ منه، وإنَّما «عن طِيبِ نَفْسٍ» منِّي، «فيُبَارَكُ له فيه»، أي: يَكْثُرُ خَيْرُ هذا المالِ المأخوذِ، ويَزِيدُ نَماؤُهُ، «ومَنْ أعْطَيتُهُ عن مَسألةٍ وَشَرَهٍ»، أي: أمَّا مَنْ طَلَبَ بلِسانِهِ العَطاءَ، وهو راغبٌ فيه، وحَريصٌ عليه، «كان كالَّذي يَأْكُلُ، ولا يَشْبَعُ»، أي: إنَّه كُلَّما نَالَ منه شيئًا ازدادتْ رَغبتُه، وطَمِعَ واستَقلَّ ما في يَدِهِ، وتَطلَّعَ إلى أَكْثَرَ منه، ونَتيجةُ ذلك أنَّ اللهَ سُبحانه لنْ يُبارِكَ له فيما أخَذَه بسُؤالِه مع كَراهةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لهذا الإلحاحِ، وهذا تَوضيحٌ لسُوءِ نَتِيجَةِ المسألةِ دونَ وجْهِ حقٍّ.

***************

صديقك الوفي مثل يدك وعينك فكلاهما للآخر سند …فبكاء العين تمسحه الأيادي… ووجع الأيدي تبكي عليها العين.

***************

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِرَجُلٍ: «مَا تَقُولُ فِي فُلَانٍ» قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: «هَلْ صَحِبْتَهُ فِي سَفَرٍ قَطُّ؟» قَالَ: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: «هَلْ جَرَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ خُصُومَةٌ قَطُّ؟» قَالَ: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: «فَهَلِ ائْتَمَنْتَهُ عَلَى دِرْهَمٍ، أَوْ دِينَارٍ قَطُّ؟» قَالَ: لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: «لَا عَلِمَ لَكَ بِالرَّجُلِ، إِنَّمَا رَأَيْتَ رَجُلًا يَضَعُ رَأْسَهُ فِي الْمَسْجِدِ، يَرْفَعُهُ».

***************

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: ” لَقِيَ رَجُلٌ رَجُلًا فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ: كَمْ آكُلُ فَقَالَ: مَا فَوْقَ الْجُوعِ، وَدُونَ الشِّبَعِ قَالَ: فَكَمْ أَضْحَكُ؟ قَالَ: حَتَّى يُسْفِرَ وَجْهُكَ، عَلَى أَنْ لَا يُسْمَعَ صَوْتُكَ قَالَ: فَكَمْ أَبْكِي؟ قَالَ: لَا تَمَلَّ أَنْ تَبْكِيَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. قَالَ: فَكَمْ أُخْفِي مِنْ عَمَلِي؟ قَالَ: حَتَّى لَا يَرَاكَ النَّاسُ أَنَّكَ تَعْمَلُ بِحَسَنَةٍ قَالَ: فَكَمْ أُظْهِرُ مِنْ عَمَلِي؟ قَالَ: حَتَّى يَأْتَمَّ بِكَ الْحَرِيصُ، وَيُؤْمَنَ عَلَيْكَ قَوْلُ النَّاسِ “.

***************

من اخترع الممحاة كان على يقين بأن الكل خطاء.

***************

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “مَن شَهِد أن لا إله إلا اللهُ دخل الجنةَ” الراوي: عبدالله بن عمر- المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 6318 | خلاصة حكم المحدث: صحيح

كَلِمةُ التَّوحيدِ هي كَلِمةُ النَّجاةِ، التي مَن قالَها مُخلِصًا نَجَا مِن النَّارِ وفازَ بالجِنانِ، وتوحيدُ اللهِ سُبحانه هو إفرادُه بالعِبادةِ، وهو لُبُّ العِبادةِ التي خلَقَ اللهُ الخلْقَ مِن أجْلِها.

وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ: “إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: مَن شَهِدَ”، أي: اعترَفَ وصدَّقَ وآمَنَ، “أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ”، أي: لا مَعبودَ بحَقٍّ إلَّا اللهُ وحْدَه لا شَريكَ له، “دخَلَ الجنَّةَ”، أي: دخَلَ الجنَّةَ في الآخرةِ برحمةِ اللهِ سُبحانه؛ جزاءً لإيمانِه بالتَّوحيدِ للهِ، قِيل: والمُرادُ أنْ يقولَ الشَّهادتَينِ، وليس كَلمةَ التَّوحيدِ فقَطْ، وكلمةُ التَّوحيدِ عَلَمٌ على الشَّهادتينِ؛ فتَشْمَلُ الشَّهادةَ للهِ بالتَّوحيدِ، والشَّهادةَ لمُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالرِّسالةِ.

ووجْهُ هذا الحديثِ: أنَّ أهلَ التَّوحيدِ سيَدْخلون الجنَّةَ وإنْ عُذِّبوا في النَّارِ بذُنوبِهم، فإنَّهم لا يُخلَّدون في النَّارِ، وقِيل: إنَّ الشَّهادةَ بهذه الكلمةِ تَقْتضي العمَلَ بحَقِّها مِن شرائعَ، وقيل: إنَّ ذلك لمَن قالها عندَ النَّدمِ والتَّوبةِ ومات على ذلك، وإنَّ مَن مات على الكفْرِ ولو عمِلَ مِن أعمالِ البِرِّ ما عمِلَ، لا يَدخُلُ الجنَّةَ. وفي الحَديثِ: فَضيلةٌ عظيمةٌ لهذه الكَلِمةِ المُقدَّسةِ (لا إلهَ إلَّا اللهُ)، وأنَّ قائِلَها يَنجو بسَببِها من الخُلودِ في النارِ، ويَخلُدُ بها في الجَنَّةِ.

***************

” كَانَ رَجُلٌ قَلَّ مَا يَنَامُ مِنَ النَّوْمِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَنَامَ عَنْ جُزْئِهِ، فَرَأَى فِيمَا يرى النَّائِمُ، كَأَنَّ جَارِيَةً وَقَفَتْ عَلَيْهِ، كَأَنَّهَا الْقَمَرُ الْمُسْتَنِيرُ، قَالَ: وَمَعَهَا رَقٌّ فِيهِ كِتَابٌ، فَقَالَتْ: أَتَقْرَأُ أَيُّهَا الشَّيْخُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَاقْرَأْ إِلَيَّ هَذَا الْكِتَابَ قَالَ: فَأَخَذْتُهُ مِنْ يَدِهَا فَفَتَحْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ

لَهَوْتَ بِلَذَّةٍ عَنْ خَيْرِ عَيْشٍ … مَعَ الْخَيْرَاتِ فِي غُرَفِ الْجِنَانِ

تَعِيشُ مُخَلَّدًا لَا مَوْتَ فِيهَا … وَتَنْعَمُ فِي الْخِيَامِ مَعَ الْحِسَانِ

تَيَقَّظْ مِنْ مَنَامِكَ إِنَّ خَيْرًا … مِنَ النَّوْمِ التَّهَجُّدُ بِالْقُرَانِ

قَالَ: فَوَاللَّهِ، مَا ذَكَرْتُهَا قَطُّ، إِلَّا ذَهَبَ عَنِّي النَّوْمُ”

***************

وصف ابن المبارك رحمه الله العبّاد فقال:

وَمَا فُرْشُهُمْ إِلَّا أَيَامِنُ أُزْرِهِمْ … وَمَا وُسْدُهُمْ إِلَّا مِلَاءٌ وَأَذْرُعُ

وَمَا لَيْلُهُمْ فِيهِنَّ إِلَّا تَحَوُّبٌ … وَمَا نَوْمُهُمْ إِلَّا عِشَاشٌ مُرَوَّعُ

وَأَلْوَانُهُمْ صُفْرٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ … عَلَيْهَا جِسَادٌ هِيَ بِالْوَرْسِ مُشْبَعُ

نَوَاحِلُ قَدْ أَزْرَى بِهَا الْجَهْدُ وَالسَّرَى … إِلَى اللَّهِ فِي الظَّلْمَاءِ وَالنَّاسُ هُجَّعُ

وَيْبُكوَنَ أَحْيَانًا كَأَنَّ عَجِيجَهُمْ … إِذَا نَوَّمَ النَّاسَ الْحَنِينُ الْمَرَجَّعُ

وَمَجْلِسِ ذِكْرٍ فِيهِمُ قَدْ شَهِدْتُهُ … وَأَعْيُنُهُمْ مِنْ رَهْبَةِ اللَّهِ تَدْمَعُ»

***************

المستقبل بيد الله تعالى فلا تكن قلقًا عليه لأنك قد لا تكون من أهله …فلم الخوف والقلق …فالرسل عليهم الصلاة والسلام قاموا برعي الغنم ولكن الله قاد بهم الأمم.

***************

قال الحسن البصري رحمه الله يصف الزهّاد: ” إِنَّ للَّهِ عِبَادًا كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ مُخَلَّدُونَ، وَكَمَنْ رَأَى أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ مُعَذَّبُونَ، قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَحَوَائِجُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَقْضِيَّةٌ، وَأَنْفُسُهُمْ عَنِ الدُّنْيَا عَفِيفَةٌ، صَبَرُوا أَيَّامًا قِصَارًا، لِعُقْبَى رَاحَةٍ طَوِيلَةٍ، أَمَّا اللَّيْلُ فَصَافَةٌ أَقْدَامُهُمْ، تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ، يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ، رَبَّنَا رَبَّنَا، وَأَمَّا النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِيَاءُ، كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ، فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى، وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ، وَيَقُولُ: قَدْ خَلَطُوا، وَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ “.

***************

افعل الخير الذي تعرفه ولا تهتم لأمر الناس فرضى الناس لا يصل إليه أحد.

***************

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ” لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، يَقْبِضُ رَوْحَ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَبَطَ إِلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: رَأَيْتَ خَلِيلًا يَقْبِضُ رُوحَ خَلِيلِهِ؟ قَالَ: فَعَرَجَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، وَرَأَيْتُ خَلِيلًا يَكْرَهُ لِقَاءَ خَلِيلِهِ؟ قَالَ: فَاقْبِضْ رُوحِي السَّاعَةَ “.

***************

قَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: «مَا تَلَذَّذَ الْمُتَلَذِّذُونَ بِمِثْلِ الْخَلْوَةِ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ – وَالْأُنْسِ بِمَحَبَّتِهِ».

***************

قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ: «لَوْلَا مَا يَأْمَلُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ، لَانْشَقَّتْ فِي الدُّنْيَا سَرَائِرُهُمْ، وَلَتَقَطَّعَتْ فِي الدُّنْيَا أَجْوَافُهُمْ».

***************

قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ عَمْرٍو الْعَنْقَزِيُّ: ” تُوُفِّيَ ابْنٌ لِأَعْرَابِيَّةٍ، فَكَانَتْ تَخْرُجُ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْجَبَّانِ، وَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى قَبْرِهِ، ثُمَّ تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، وَتَقُولُ: «

لَئِنْ كُنْتَ لَهْوًا لِلْعُيُونِ وَقُرَّةً … لَقَدْ صِرْتَ سُقْمًا لِلْقُلُوبِ الصَّحَائِحِ

وَهَوَّنَ وَجْدِي أَنَّ يَوْمَكَ مُدْرِكِي … وَأَنِّي غَدًا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الضَّرَائِحِ».

***************

أَهْلَ الْمَقَابِرِ قَدْ تَسَاوَى بَيْنَكُمْ … أَيْنَ المَضِيفُ مِنَ الْكَرِيمِ السَّيِّدِ

أَيْنَ الْمُلُوكُ بَنُو الْمُلُوكِ وَأَيْنَ مَنْ … قَدْ كَانَ فِي الدُّنْيَا نَصِيرَ مُجْهَدِ

أَيْنَ الْحِسَانُ ذَوُو النَّضَارَةِ وَالْمَهَا … أَيْنَ الْمَلِيحُ مِنَ الْقَبِيحِ الْأَسْوَدِ

أَيْنَ الَّذِينَ عَلَى الْعِبَادَةِ أَقْبَلُوا … وَحَمُوا قُلُوبَهُمُ عَنِ الْأَمْرِ الرَّدِي

أَيْنَ الَّذِينَ تَجَبَّرُوا وَتَكَبَّرُوا … وَعَلَوْا عُلُوًّا لَمْ يَكُنْ بِالْمُرْشِدِ

***************

كلنا نؤمن أنّ الموت حق… فالموت نهاية الغني والفقير والعزيز والذليل والقوي والضعيف فلما الجبن إذًا.

***************

كل دقيقة تحزن فيها تخسر دقيقة من السعادة.

***************

لو تحدث الناس فيما يعرفونه فقط.. لساد الهدوء أماكن كثيرة.

***************

لن تستطيع أن تمنع طيور الهم أن تحلق فوق رأسك ولكنك تستطيع أن تمنعها أن تعشش في رأسك.

***************

من حكم الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا تكون بما نلته من دنياك فرحاً، ولا لما فاتك منها ترحاً، ولا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل.

***************

قال ابنُ القَيِّمِ: (مِفتاحُ حُصولِ الرَّحمةِ الإحسانُ في عبادةِ الخالِقِ، والسَّعيُ في نَفعِ عَبيدِه). وقال أيضًا: (الإحسانُ يُفرِحُ القَلبَ، ويَشرَحُ الصَّدرَ، ويَجلِبُ النِّعَمَ، ويدفَعُ النِّقمَ، وتركُه يوجِبُ الضَّيمَ والضِّيقَ، ويمنعُ وُصولَ النِّعمَ إليه)

***************

صِلةُ الرَّحِمِ  من أفضَلِ الطَّاعاتِ التي يتقَرَّبُ بها العبدُ إلى رَبِّه، وقد أمر اللهُ تعالى بها، وبَيَّن أنَّ وَصْلَها موجِبٌ للمثوبةِ، وقد ورد الحثُّ على صلةِ الرَّحِمِ فيما لا يُحصى من النُّصوصِ الشَّرعيَّةِ، ولم يَرِدْ لها ضابطٌ؛ فالمعَوَّلُ على العُرفِ، وهو يختَلِفُ باختلافِ الأشخاصِ والأحوالِ والأزمنةِ، والواجِبُ منها ما يُعَدُّ به في العُرفِ واصلًا، وما زاد فهو من الإحسانِ والتَّفضُّلِ والمَكرُمةِ، وأظهَرُها معاودتُهم، وتفقُّدُ أحوالِهم، وزيارتُهم، والكلامُ الطَّيِّبُ، وإعانتُهم على الخيرِ، وبذلُ الصَّدَقاتِ في فُقَرائِهم، والهدايا لأغنيائِهم. قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1]  ففي هذه الآيةِ أخبر اللهُ سُبحانَه بأنَّه خلَق النَّاسَ من نفسٍ واحدةٍ، وأنَّه بثَّهم في أقطارِ الأرضِ، مع رجوعِهم إلى أصلٍ واحدٍ، وذلك لتَعطِفَ قلوبُ النَّاسِ بعضِهم على بعضٍ بالإحسانِ، ولترقيقِ بعضِهم على بعضٍ، وقَرَن سُبحانَه الأمرَ بتقواه بالأمرِ ببِرِّ الأرحامِ والنَّهيِ عن قطيعتِها؛ ليؤكِّدَ هذا الحَقَّ، وأنَّه كما يلزمُ القيامُ بحَقِّ اللهِ تعالى بإحسانٍ، كذلك يجِبُ القيامُ بحقوقِ الخَلقِ -والأقربينَ منهم خاصَّةً- بإحسانٍ؛ فالقيامُ بحُقوقِهم هو من حَقِّ اللهِ عزَّ وجَلَّ الذي أمَر به  ، وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ليس الواصِلُ بالمكافِئِ، ولكِنَّ الواصِلَ الذي إذا قُطِعَت رَحِمُه وصَلَها))  ، أي: إذا أساء إليه أقارِبُه أحسَنَ إليهم ووصَلَهم، وهذا من بابِ الحثِّ على مكارمِ الأخلاقِ)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى