من كلّ بستان زهرة (6)

من كلّ #بستان #زهرة (6)

ماجد دودين

الموت راحة من التعب

الموت راحة من #التعب، وتوقف عن المعاناة والنصب، به تنتهي مرحلة الابتلاء وتبتدئ مرحلة #الثواب والجزاء، والموت عظة واعتبار، ودليل على قدرة القوي القهار، وفي الذكر الحكيم: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} وفي الحديث النبوي الشريف: (- أتاني جبريلُ عليه السَّلامُ فقال: يا محمَّدُ! عِشْ ما شئتَ فإنَّك ميِّتٌ، وأحبِبْ من شئتَ فإنَّك مفارقُه، واعمَلْ ما شئتَ فإنَّك مجزِيٌّ به، ثمَّ قال: يا محمَّدُ! شرفُ المؤمنِ قيامُه باللَّيلِ، وعِزُّه استغناؤُه عن النَّاسِ) (المستدرك للحاكم حديث رقم (7921). فمن تذكر الموت أحسن العمل، وابتعد عن الكسل، وأحب فعل الخيرات واجتناب المقبحات، ورأى في الموت راحة من التعب، ونجاة من الوصب، واستبشر لقدومه واستعد.


صدِّقِ الشرعَ ولا تركنْ إلى رجلٍ يرصدُ بالليلِ زحلْ

حارتِ الأفكارُ في قدرةِ مَنْ قدْ هدانا سبلاً عزَّ وجلْ

كتبَ الموتَ على الخلقِ فكمْ فلَّ مِنْ جَمْعٍ وأفنى منْ دُولْ

أينَ نمرودُ وكنعانُ ومَنْ ملكَ الأمرَ وولّى وعزَلْ

أينَ عادٌ أينَ فرعونُ ومَنْ رفعَ الأهرامَ مَنْ يسمعْ يخلْ

أينَ مَنْ سادوا وشادوا وبنوا هلكَ الكلُّ ولمْ تغنِ القللْ

أينَ أربابُ الحجا أهلُ النّهى أينَ أهلُ العلمِ والقومُ الأُوَلْ

سيعيدُ اللهُ كلاًّ منهمُ وسيجزي فاعلاً ما قدْ فعلْ


مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ

يتذكر المؤمن الموت فيعمل صالحا في حياته، ويسعى لتحصيل ما ينفعه عند مماته، فهو يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه، فتلقه اخي بالرضا والسرور اذا نزل حبا للقاء الله عز وجل، فقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ فَقَالَ لَيْسَ كَذَلِكِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ فَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ) (البخاري ومسلم) فالموت باب وكل الناس داخله، والموت كأس وكل الناس شاربه، والموت حق وانتقال الى القبر فإما روضة من رياض الجنة بسبب الاعمال الطبية في الحياة او حفرة من حفر النار بسبب الاعمال السيئة، قال الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه:

لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها … إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها

فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها … وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها


وَلَو أَنّا إِذا مُتنا تُرِكنا … لَكانَ المَوتُ راحَةَ كُلِّ حَيِّ

وَلَكِنّا إِذا مُتنا بُعثِنا … وَنُسأَلُ بَعدَ ذا عَن كُلِ شَيِّ


لَيْسَ مَنْ ماتَ فاِستراحَ بِمَيْتٍ … إنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأحياءِ

إنَّما المَيْتُ مَنْ يعيشُ ذليلاً … سِيّئاً بالُهُ قليلَ الرّجــــــــاءِ


يُحِبُّ الفَتى طولَ البَقاءِ وَإِنَّهُ عَلى ثِقَةٍ أَنَّ البَقاءَ فَنــــــــــــــــــــــــــــــــــاءُ

زِيادَتُهُ في الجِسمِ نَقصُ حَياتِهِ ولَيسَ عَلى نَقصِ الحَياةِ نَمــــــــــــــــاءُ

إذا ما طَوى يَوماً طَوى اليَومُ بَعضَهُ وَيَطويهِ إِن جَنَّ المَساءُ مَساءُ

جَديدانِ لا يَبقى الجَميعُ عَلَيهِما وَلا لَهُما بَعدَ الجَميعِ بَقــــــــــــــــــــــــاءُ


يا أيها الروح التي في جثتي … أغرقتها في أبحر الآثام

لو كنت ذا حزم وعقل كامل … لم تغترر يا أنوم النوام

اطرح بكف الموت أطراف الخطا … تعل لك الألواح للإسلام

واعلم بأن النفس من حزب الهوى … فاحذرهما تنج من الآثام


يا صاحِبَ الروحِ ذي الأَنفاسِ في بَدَنِ … بَينَ النَهارِ وَبَينَ اللَيلِ مُرتَهَنِ

لَقَلَّما يَتَخَطّاكَ اِختِلافُهُما … حَتّى يُفَرِّقَ بَينَ الروحِ وَالبَدَنِ

طيبُ الحَياةِ لِمَن خَفَّت مَؤونَتُهُ … وَلَم تَطِب لِذَوي الأَثقالِ وَالمُؤَنِ


يا خادِمَ الجِسم كمْ تشقى بخِدْمَتهِ … لِتطلُبَ الرَّبحَ في ما فيه خُسْرانُ

أقبِلْ على النَّفسِ فاستكمِلْ فضائلَها … فأنتَ بالنَّفسِ لا بالجِسمِ إنسانُ


قيل لأعرابي اشتد مرضه: إنك ستموت، فقال: الى اين يذهب بي بعد الموت؟ قالوا: الى الله، فقال: ويحكم وكيف اخاف الذهاب الى من لا أرى الخير الا عنده؟! وفي الذكر الحكيم: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}


وَلَم أَرَ حُكماً كَالمَقاديرِ نافِذاً … وَلا كَلِقاءِ المَوتِ مِن بَينِها حَتما

إِلى حَيثُ آباءُ الفَتى يَذهَبُ الفَتى … سَبيلٌ يَدينُ العالَمونَ بِها قِدما

وَما العَيشُ إِلّا الجِسمُ في ظِلِّ روحِهِ … وَلا المَوتُ إِلّا الروحُ فارَقَتِ الجِسما

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى