من كلّ بستان زهرة 35

من كلّ# بستان #زهرة 35 – ماجد دودين

كان الحسن البصري رحمه الله يقول:

ابن آدم إنك تموت وحدك، وتُبعث وحدك، وتُحاسب وحدك.

ابن آدم: لو أنّ الناس كلهم أطاعوا الله وعصيت أنت، لم تنفعك طاعتهم، ولو عصوا الله وأطعت أنت، لم تضُرك معصيتهم.

مقالات ذات صلة

ابن آدم: عملك عملك، فإنما هو لحمك ودمك وإن تكن الأخرى فإنما هي نار لا تُطفأ وجسمٌ لا يبلى ونفسٌ لا تموت.


قال صلى الله عليه وسلّم: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لو أقْسَمَ علَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، ألَا أُخْبِرُكُمْ بأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ.)) صحيح البخاري

التَّواضعُ مِن صِفاتِ أهلِ الجنَّةِ، والكبْرُ مِن صِفاتِ أهْلِ النَّارِ؛ ولذلكَ كان أهلُ الجنَّةِ -كما يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هَذا الحديثِ- كُلَّ ضَعيفٍ مُتَضعِّفٍ، أي: مُتواضعٍ خاضعٍ للهِ تعالَى، مُذِلٍّ نفْسَه له، حتَّى إنَّ بعضَ النَّاسِ يَسْتضعِفونه ويَحتقِرونَه، وهذا المتذَلِّلُ للهِ تعالَى لو أقْسَمَ باللهِ يَمينًا طَمعًا في كرَمِ اللهِ تعالَى، لَأبرَّه اللهُ، وحقَّقَ له ما أقسَمَ عليه وأجابَ طلَبَه ودُعاءَه.

وأمَّا أهلُ النَّارِ فهمْ كلُّ «عُتُلٍّ» وهو الفَظُّ الغليظُ شَديدُ الخُصومةِ، أو الفاحشُ الذي لا ينقادُ لخيرٍ، «جَوَّاظٍ» وهو المتكبِّرُ صاحبُ الجَسدِ الضَّخمِ، المختالُ في مِشْيتِه، وقيلَ: سَيِّئُ الخُلُقِ، «مُستَكبِر» على النَّاسِ بغيرِ حَقٍّ؛ فاستحَقَّ النَّارَ.

قيل: إنَّ أغلَبَ أهلِ الجنَّةِ هؤلاء، كما أنَّ أغلَبَ أهلِ النَّارِ القِسمُ الآخَرُ، وليس المرادُ الاستيعابَ في الطَّرَفينِ. وفي الحديثِ: الحثُّ على التواضُعِ للهِ عزَّ وجَلَّ. وفيه: أنَّ اللهَ سُبحانَه مع أوليائِه ينصُرُهم ويُعينُهم ويَبَرُّ قَسَمَهم. وفيه: التحذيرُ من الصِّفاتِ السَّيِّئةِ التي تؤدِّي بصاحِبِها إلى النَّارِ، كالكِبْرِ ونَحْوِه.


لا تخدعن فللمحب دلائل … ولديه من تحف الحبيب وسائــــــــل

منها تنعمه بمر بلائه … وسروره في كل ما هو فاعــــــــــــــل

فالمنع منه عطية مقبولة … والفقر إكرام وبــــــــر عاجــــــــــل

ومن الدلائل أن يرى من عزمه … طوع الحبيب وإن ألح العاذل

ومن الدلائل أن يرى متبسماً … والقلب فيه من الحبيب بلابــــــل

ومن الدلائل أن يرى متفهماً … لكلام من يحظى لديه السائــــــل

ومن الدلائل أن يرى متقشفاً … متحفظاً في كل ما هو قائـــــــــل


الحياة التي وهبنا الله إيّاها جميلة فلنجمّلها بما يعود علينا نفعه، ولا نضيّعها فأعمارنا محدودة وأنفاسنا محسوبة معدودة، فلنعمرها بالإيمان، ونزينها بالتقوى، ونزرع الخير فيها، يثمر زرعنا ويطيب دهرنا، فإذا ضيّعنا حياتنا ندمنا وإذا استثمرناها في عمل البر غنمنا، قال الشاعر:

إذا كان رأس المال عمرك فاحترز … عليه من الإنفاق في غير واجب

فبين اختلاف الليل والصبح معرك … يكر علينا جيشه بالعجائــــــــب


يا من يذكّرني بعهد أحبّتي … طاب الحديث بذكرهم ويطيب

أعد الحديث عليّ من جنباته … إنّ الحديث عن الحبيب حبيب

ملأ الضلوع وفاض عن أحنائها … قلبٌ إذا ذكر الحبيب يذوب

ما زال يضرب خافقاً بجناحه … يا ليت شعري هل تطير قلوب


وَجَدتُ الحَياةَ طَريقَ الزُمَر … إِلى بَعثَةٍ وَشُؤونٍ أُخَـــــــــــــر

وَما باطِلاً يَنزِلُ النازِلون … وَلا عَبَثاً يُزمِعونَ السَفَـــــــــــــر

فَلا تَحقِرن عالَماً أَنتَ فيهِ … وَلا تَجحَدِ الآخَرَ المُنتَظَـــــــــــر

وَخُذ لَكَ زادَينِ مِن سيرَةٍ … وَمِن عَمَلٍ صالِحٍ يُدَّخَـــــــــــــــر

وَكُن في الطَريقِ عَفيفَ الخُطا … شَريفَ السَماعِ كَريمَ النَظَر

وَلا تَخلُ مِن عَمَلٍ فَوقَهُ … تَعِش غَيرَ عَبدٍ وَلا مُحتَقَـــــــــــر

وَكُن رَجُلاً إِن أَتَوا بَعدَهُ … يَقولونَ مَرَّ وَهَذا الأَثَــــــــــــــــر


التفاؤل هو الصخرة الصلبة التي يتحطم على سطحها الإحباط واليأس والقنوط، فالمتفائل لا يعاني من الشلل الفكري والقنوط الروحي أو الانهيار الجسدي عندما تتكالب عليه الأزمات، وتكثر الامتحانات، وتضيق السبل، ويكثر الأعداء، فهو مبتسم متهلل الأسارير، لا يتوقف عن الإبداع ولا يحقر آراء الآخرين ولا يقلل من شأن ما يراه أو يعرض عليه من أفكار بل يختار أفضلها، والمتفائل مؤمن بالله واثق به يعلم أن القنوط واليأس من عمل الشيطان، وفي الامثال السائرة”لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة” وفي الذكر الحكيم يخبرنا العزيز الحكيم فيما حكاه على لسان نبيه يعقوب الكريم: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} فالتفاؤل يصبغ على صاحبه البهجة والانتعاش والحيوية والنورانية، وذلك ما يبعث على محبته في قلوب الآخرين.

كل إِلى الغايَةِ مَحثوث … وَالمَرءُ موروث فَمَبعوث

فَكُن حَديثاً حسناً سائِراً … بَعدَك فَالدُنيا اِحاديــــــثُ


إِنّي لَأَعلَمُ وَاللَبيبُ خَبيرُ … أَنَّ الحَياةَ وَإِن حَرَصتَ غُرورُ

وَرَأَيتُ كُلّاً ما يُعَلِّلُ نَفسَهُ … بِتَعِلَّةٍ وَإِلى الفَناءِ يَصيـــــــرُ


الصحة في هذه الحياة يعقبها السقم، والقوة يتبعها الضعف، والسرور يخلفه الحزن، والحياة يتبعها الموت، وكل ذلك مما يدعوك الى التزود للحياة الباقية، فإن هذه الحياة فانية، ولن يبقى منها إلّا العمل الصالح، فهو لك متجر رابح، وفي الذكر الحكيم: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}


كن يا أُخَي رحيم القلب طاهره … يرحمك مولاك بل يؤنسك إيناسا

ففي الصحيحين ما معناه متصلاً … لا يرحم الله من لا يرحم الناسا


إن كنت لا ترحم المسكين إن عدما … ولا الفقير إذا يشكو لك العدما

فكيف ترجو من الرحمن رحمته … وإنما يرحم الرحمن من رحمــا


وَلَمّا قَسا قَلبي وَضاقَت مَذاهِبي … جَعَلتُ الرَجا مِنّي لِعَفوِكَ سُلَّمـــــــــا

تَعاظَمَني ذَنبي فَلَمّا قَرَنتُهُ … بِعَفوِكَ رَبّي كانَ عَفــــوُكَ أَعظَمــــــــــــا

فَما زِلتَ ذا عَفوٍ عَنِ الذَنبِ لَم تَزَل … تَجودُ وَتَعفو مِنَّةً وَتَكَرُّمـــــــــــا

فَلَولاكَ لَم يَصمُد لِإِبليسَ عابِدٌ … فَكَيفَ وَقَد أَغوى صَفِيَّكَ آدَمــــــــــــا

فَلِلَّهِ دَرُّ العارِفِ النَدبِ إِنَّهُ … تَفيضُ لِفَرطِ الوَجدِ أَجفانُهُ دَمـــــــــــــــــا

يُقيمُ إِذا ما اللَيلُ مَدَّ ظَلامَهُ … عَلى نَفسِهِ مَن شِدَّةِ الخَوفِ مَأتَمـــــــــــــا

فَصيحاً إِذا ما كانَ في ذِكرِ رَبِّهِ … وَفي ما سِواهُ في الوَرى كانَ أَعجَما

وَيَذكُرُ أَيّاماً مَضَت مِن شَبابِهِ … وَما كانَ فيها بِالجَهالَةِ أَجرَمـــــــــــــا

فَصارَ قَرينَ الهَمِّ طولَ نَهارِهِ … أَخا السهدِ وَالنَجوى إِذا اللَيلُ أَظلَمــــــا

يَقولُ حَبيبي أَنتَ سُؤلي وَبُغيَتي … كَفى بِكَ لِلراجينَ سُؤلاً وَمَغنَمــــــــا

أَلَستَ الَّذي غَذَّيتَني وَهَدَيتَني … وَلا زِلتَ مَنّاناً عَلَيَّ وَمُنعِمــــــــــــــــا

عَسى مَن لَهُ الإِحسانُ يَغفِرُ زَلَّتي … وَيَستُرُ أَوزاري وَما قَد تَقَدَّمـــــــــا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى