![](https://i0.wp.com/sawaleif.com/wp-content/uploads/2019/01/50110018_2417620231642092_3304757517845790720_n-e1547062593962.jpg?fit=333%2C332&ssl=1)
من #رمضان … إلى مجهول
شبلي حسن العجارمة
وأنا ألملم مصابيحي،هلالي، زينة الجدران، وفرحة الأطفال، أحمل أيامي الثلاثين العجاف بعرجونها القديم، بعدما كانت غرة لليلةٍ واحدة، هأنذا أذرف دموعي على تزاحم الصفوف التي ستتلاشى في أول يومٍ لشوال، سيعود الجميع لبيوتهم، لن تؤرقهم صلاة التراويح كثيراً،لن يبحثوا بعد الثلاثة أيامٍ القادمة عن إمامٍ 3D ينهي صلاة القيام باقل الركعات ،أو يقرأ قصار السور ليختصر السجود والركوع ومدود التلاوة ودعاء القنوت، سينحسر عن شطآني منظروا المساجد، الحكواتية :” يا شيخ انهج علينا روحت علينا القايلة، شغلوا المراوح،طفوا المكيفات ،هاتوا الميه، وأصحاب القهقهة والصوت العالي الذي لا يسكته إلا تكبيرة الإحرام للإمام الذي ضاق بهم ذرعاً”.
هأنذا اسمع قرع نعال المرآئين الذين زاحموا رواد #المساجد على الصفوف الأمامية،أرقب مناحل الثرثرة والمزاح العكر في صفاء فضاءاتي ، ستعود فلول الغبار تحط على أغلفة المصاحف من جديد، سيعود الفقراء لقصعة جوعهم أحد عشر شهراً أُخر، ستذوب الصدقات ، وستنام طرود الجوعى في غياهب المستودعات المظلمة لرحلتي القادمة، سيتوقف البحث من قبل العسس عن من يفطرون رمضان طيلة ثلاثين يوماً، وسيتوقف البحث عن الجوعى عامٌ بأكمله.
سوف تُقرع الكؤوس ،وتشرّع أبواب حانات الخمر ،وسوف توقد شموع الليالي الحمراء الماجنة، ستعود قطيعة الرحم إلى إوج سابقها،ستنشط كل الحياة التي نامت على حجج ظهري وفي قائمة الكسل المدقع ؛ لطلاب المدارس ،الجامعات، للموظفين، ستدور عجلات الإنتاج والإنجاز ،لأنني شهرٌ في في رزنامة الخمول .
سوف تجف الدعوات للوالدين المرتحلين في برزخ الأبدية، ستقف البنات في غربة زواجهن أحد عشر شهراً يمسكن بشق الباب ينتظرن عودة الأهل القادمة بعد عام لدعوتهن لمائدة الطعام التي تحتاج كل مرة لطاولة اجتماعات مستديرة ،لقرار ،ونقض وفيتو ،للاتفاق على زواية دعوتهن من باب رد العتب ،أو رد العين والحسد، سينتهي قلق الثرثرة عن بند العيديات المكلف على قائمة أولويات العائلة.
أنا رمضان المبارك ذاته الجريح من قوالب العادات التي طغت على روح العبادة ،أنا رمضان الذي أخرجتموه عن طور الزهد والتعبد ومراجعة الذات، أنا ذاته رمضان الذي شهد بزوغ أول انتصارات الفئة القليلة المشردة المؤمنة في بدر الكبرى وفتح الفتوح لمكة المكرمة.
أنا رمضان الذي تحول لفانوس يعلق على اسطح المنازل او هلال يضاء بعدما تجادلون البائع على أبخس الأثمان ، أنا رمضان الذي تحول في بعض صوره لولائم البرستيج للأسماء اللامعة ، أنا رمضان الذي عاد قروناً ولم تخترعوا تطبيق خارطة لبيوت الفقراء .
إلى مجهول أشيب ولا زال يمارس الصبينة والتصابي،أنا رمضان إلى مجهول سحيج يتكسب ودّ العبيد في طهر محراب رب الاسياد والعبيد، إلى مجهول منفق رياء ،إلي مجهول قائم الليل لإثبات الوجود، إلى مجهول مختص بظاهرة التعرق والمكيف والمروحة والماء ، إلى مجهول يجلب أطفاله دون أن طلقنهم درساً عن أدب المساجد،إلى مجهول يختصر صلاة القيام بسبب رسالة واتسب أو مكالمة،إلى مجهول تعذر عن صلاة القيام بوليمته ودعوته ،إلى مجهول هجر مسجد القرية لعدم رضا مزاجيته عن الإمام.
من رمضان الذي يتبرأ من كل الحماقات التي تُرتكب تحت عناوينه وبذرائع قدومه المبارك الطيب، لأن البدع أهلكت من أوغل فيها ،والاتباع أعز شأن من اعلاها.