من ثمارهم تعرفونهم / د. سعيد المومني

من ثمارهم تعرفونهم
د. سعيد المومني

لو مُكنت – لا سمح الله – من أن أختار مكان إنعقاد جلسات الأعيان و النواب ، لقمت بإختيار المدرج الروماني في وسط البلد بدلاً من مجلس الأمة في العبدلي ، ليس لقدرته على استيعاب جمهور ضخم ولا لجودة النظام الصوتي الذي صممه الرومان ، بل لأن خشبة هذا المسرح الذي بُني إكراماً للأمبراطور ( مادريانوس ) لا تليق سوى بالنجوم. فقد كان الأعيان و النواب على الدوام نجوماً بإمتياز ليس بسبب أدائهم المسرحي فقط ، بل أيضاً لإلتزامهم بالنص المسرحي المكتوب و إتقانهم لما كان مطلوب منهم في الفصل الأول من مسرحية التشريعات بإقرار قانون الضريبة .

المفارقة أن الجمهور الأردني اليوم كان ينتظر من النجوم بأن يتمردوا و لو قليلاً على النص المكتوب آملين ببعض المشاهد الإرتجالية ، و نسي البعض أو تناسوا أن هذا الجو المسرحي الذي تدار به الأردن لا يمكن أن يتبدل مازال المركز الأمني السياسي هو الناظم لخيوط اللعبة السياسية في الأردن ، فهو الذي ينتج الحكومة و ينتج مجلس النواب و عليه فلا يمكن لهذا المركز الأمني أن يتناقض مع نفسه ، ولا يمكن لمجلسي الأعيان أو النواب أن ينقلب على شروط اللعبة التي أنتجتهما .

قبل ٥ شهور عند تكليف الرزاز الذي صورته أجهزة الدولة للشارع على أنه النبي المُنقذ الذي سوف يسحب قانون الضريبة و مستخدماً الرزاز نفسه اللطف و التواضع في مخاطبة الشباب ، يعود اليوم بنفس القانون و في نفس السياق المسرحي المعتاد للحكومات مؤكداً مقولة عيسى عليه السلام : ” احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة “.

مقالات ذات صلة

اليوم بات على الحراك الذي عانى في محطات عديدة و خُدع بالرزاز و بوعوده لأن يُحدِث زخماً و يدفع بالأغلبية الصامتة للخروج نحو العبدلي لا للرابع ضد قانون الضريبة أو إسقاط الحكومة ، فقد أكدت الأحداث الأخيرة بدءاً بملف الدخان مروراً بالبحر الميت و أخيراً ليس آخراً قانون الضريبة في أن مصائب الشعب تتزين في العبدلي و في أن الحل سياسي بإمتياز ، فحل البرلمان و الحكومة حُكماً هو الحّل الوحيد لتشكيل لجنة من قوى المجمتع المدني و السياسي و الشعبي للخروج بقانون انتخابات واقعي يفرز مجلس نواب حقيقي لا صوري يدافع عن المواطن أمام شراهة الحكومات للجباية و فشلها في تقديم أي مكتسبات حقيقية للمواطن .

على المواطن و شباب الحراك أن يواجهوا الحقيقة في أن رأس الدولة ليس لديه مصلحة في إصلاح سياسي حقيقي يضعف من سُلطاته ، دون وجود ضغط شعبي حقيقي و سلمي و مسؤول في هذا الإتجاه ، لخلق الزخم الذي يجبر الدولة للتعامل و التفاوض و التنازل ، فثمار حكومة الرزاز واضحة و ثمار مجلس النواب واضحة أيضاً فكلها محصورة في تراكم للمديونية و تقادم لقضايا الفساد و إنحدار لقيمة المواطن في حقه للعيش بكرامة ، و أذكركم بقول عيسى عليه السلام ” من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً ” .

#DrSaeedAlMomani

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى