من أمن العقوبة أساء الادب ! / م . عبدالكريم ابو زنيمه

من أمن العقوبة أساء الادب !

هذه الحكمة قالها الامام علي كرّم الله وجهه قبل ما يقارب الـ 1400 عام وهي بمضمونها ركيزة أساسية في علم الإدارة غير المعمول بها في عالمنا العربي الغارق في ظلمات الترهل والفساد والجهل والخنوع، وهو الذي قال للفاروق عمر بن الخطاب عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا لدى قولِ الأخير “ما منع هؤلاء أن يأخذوا كنوز كسرى ويتيهوا في الصحراء”؛ قاصداً الفرسان الذين جلبوا الكنوز.
مع بداية كل شتاء يصمّون اذاننا بالاجتماعات والتحضيرات والاستعدادت والجاهزية ! لكن ما إن تهطل أولى دفعة أمطار أو ما إن تتساقط أولى الثلوج، حتى نفجع بكارثةٍ نعجزُ عن تحملها، وما حدث يوم الخميس الأسود وفقداننا لفلذات أكبادنا البالغ عددهم (21 شهيداً) رحمهم الله هو أكبر دليل وبرهان على الأمان والاطمئنان من المسائلة والعقوبة، فلو كان هناك مسائلة وعقوبة للكثير من الكوارث والحوادث التي فجعنا بها سابقاً والتي لا حصر لها ومنها الظلام الدامس الذي عشناها ابان العاصفة الثلجية قبل سنوات لما تكررت هذه الحادثة!
أين الجاهزية ! منطقة صنفناها وتغنينا بها على مدار سنوات بأنها سياحية بامتياز ! أين زوارق ومعدات الانقاذ التي يجب أن تتواجد وعلى مدار الساعة في هذه المنطقة ! أين طائرات الانقاذ ومعدات الرؤية الليلية وكشافات الإضاءة! لماذا لم نشاهد مروحيات لإنقاذ المصابين كما شاهدناها وهي تطير بجولة سياحية للمغنية أحلام ! من هو المقاول الذي نفذ الجسر ومن هو المقاول المسؤول عن صيانته ! من هو أو هم أصحاب المدرسة ! لماذا لم يأخذوا بتحذيرات دائرة الارصاد الجوية التي نبهت ولأكثر من مرة ابتداءً من يوم الإثنين 22/10/2018 لخطورة التواجد في الأودية وكان التحذير يشير إلى تشكل السيول فيها ! ما هو دور وزارة السياحة ووزارة الداخلية بمنع أو إرشاد الناس بالابتعاد عن مكامن الخطر ! لكن ما هو جلي وواضح أن جميع المسؤولين يسيؤون الأدب لانهم يأمنون العقوبة !!!
وهنا لا بد من تقديم الشكر لكل الجهود الفردية التي بذلها رجال الدفاع المدني وكل من تطوع وتفانى في التخفيف من حجم الكارثة والشكر موصل للملازم قيس ابو رمان من مرتب الدفاع المدني الذي أنقذ مجموعة من الاطفال وهو خارج وظيفته وخارج منطقة عمله فلمثله ننحني احتراماً وتقديراً وإلا لكانت المصيبة أكبر .
الرحمة لتلك الارواح البريئة التي انتقلت إلى جوار بارئها وكل العزاء لذويهم، ولكي لا نترحم على غيرهم بفواجع جديدة فانه لا بد من الاستجابة لصوت الشعب الاردني المنادي بتغيير النهج السائد..نهج التوريث والمحسوبية وكل أشكال الفساد ! كفانا فواجع ومصائب..كفانا تشتت وضياع .. كفى استهتار بارادة الشعب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى