أول ردّة فعل
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نلاحظ دائماً أن #الغربيين يستخدمون كلمة واحدة للتعبير عن ردّة فعلهم المبدئية، فيما يخص #الحوادث العارضة وهي كلمة:” #هوبس ‘.
فمثلاً إذا كان الرجل يتمشّى مع صديقته في شارع عام، و”التوَتْ” قدم الصديقة فجأة، فأن الرجل ينحني مع انحناء الفتاة ويقول لها بطريقة لا شعورية ”هوبس”..ثم يبتسمان ويمشيان بعد معالجة الموقف.
كذلك عندما يسقط صحن زجاجي من يد آخر العنقود وينكسر، فإن ردّة فعله الأولى ستكون بلا شكّ كلمة ”هوبس”..ثم تلمّس يد الطفل وأصابعه والسؤال ”هل أنت بخير يا صغيري”؟!.
حتى إذا سمع أحدهم صوت ”بريك” طويل في شارع مزدحم فإنه سيقول ”هوبس” بالتأكيد ثم يتابع مسيره كالمعتاد دون أن يتكبّد عناء البحث عن المتسبب بهذا الصوت.
على العكس تماماً (من عربنا) فغالباً ما يعبّرون عن ردّة فعلهم الأولى بعد الحوادث العارضة ”بشتيمة” متعدّدة الأغراض.
مثلاً: إذا ”قصعت رِجْلِ” #أم_العيال في طريق عام، يبقى الرجل يضع يديه في جيوبه وصدره في حالة شدّ و”صندحة” وهو يكيل الشتائم: ”عمى اللي يعميكِ / قومي عزّرتي علينا، الله **** اليوم اللي شفتك فيه/ مليون مرّة قلتلك تشتريش صرماية بكعب عالي ما بتردي / يا ملعون كعب اللي..” وتستمر #سمفونية السقوط الأخير حتى الوصول الى البيت..
إذا وقع صحن الزجاج من يد آخر العنقود وانكسر، فإن الأب يركض ليحصي الخسائر المادية..ثم يحمل الصبي عالياً ويطرحه أرضاَ ثم يلملم شظايا الزجاج شاتماً: (قرد ملعون الوالدين قرد/ كسرته يا مالي عزرايين يكسر رقبتك / يا ابن البقر) ثم يركله فيطيّره على متن خطوط رجله اليسرى إلى غرفة الجلوس.
أول أمس كان سائق سرفيس (العبدلي /6) منهمكاً في عد بعض القروش على الإشارة الضوئية ليعيد لي باقي الدينار، فسمع صوت ”بريك” قوي وشديد على الجانب الآخر من الشارع…لم يلتفت ولم يقل”هوبس” لكنه قال وهو بانهماك شديد لصاحب البريك: ”وجع يقصّ نيعك”.
فكرّت ملياً بعبارة (وجع يقصّ نيعك)..فوجدت أنها تحمل بلاغة فائقة، وصورة ”شتائمية” مهمّة…(فالقصّ) غاية في الإيلام..و(النيع) يعد من أكثر أماكن تجمع الشرايين الدقيقة..والشتيمة هنا صورة من صور ”الإبداع”البلدي..الذي قلما نجده في بلدان أخرى من العالم.
(وجع..يقصّ..نيعك)..يا سلام.. فعلاً عبارة تستحق الوقوف عندها طويلاً.