#منظومة_التحديث_السياسي وسؤال، ماذا لو ؟
الدكتور #أحمد_الشناق
يمر الأردن بمرحلة جديدة في تاريخ المجتمعات، وإنتقالية لمستقبل الدولة ودورها . والعالم امام مرحلة ما بعد الحداثة والمفهوم التقليدي للدولة المدنية الذي ساد لقرون مضت. ونحن امام حالة حضارية لنظام عالمي جديد يُطلق عليها ( التململ الحضاري ) وهذا ما نشهده من تغيرات في الحضارة الغربية وانعكاسه على تيارات جديدة تسعى للتغير في اليات الحكم ودور الدولة نحو المجتمع والنظرة العالمية للقضايا .
العالم يعيش مرحلة تاريخية بتحولاتها العميقة على بنيوية الدولة ودورها نحو مفهوم الدولة الحديثة، ليصبح تعريفها الجديد ” الدولة الحديثة ” وهي دولة في طور التشكّل الدائم من ناحية آليات الحُكم، ويجب أن لا يُحركها التاريخ كقدر خارجي، بل تُحركها فعالية المجتمع الذي يؤثر في حركتها وتطوّرها، ولا يعني ذلك ان تكون الدولة بمعزل عن الحركة العامة للتاريخ، وبهذا المفهوم الجديد للدولة الحديثة تكون الدولة عنصر حي تتنفس بصيرورة مجتمعية ذاتية وليس مؤسسة جامدة أو مفهوم أجوف .
فالدولة الحديثة أصبحت بحاجة إلى مشروعية وتوجهات محددة، وإلى تصورات الناس التي ينشأ عنها الخضوع الحر . وهي بحاجة الى رابطة جامعة للمجتمع، هذه الرابطة تُستقى من مصادر متعددة، اجتماعية واقتصادية وثقافية وفكرية ودينية، وهذه مجتمعة شرط لتماسك المجتمع وصلابته في بُنية الدولة .
فالدولة في عالم اليوم تشهد تحولات عميقة وأمام تحدي الكسوف أو التحوّل في آليات إدارة السلطة والموارد بتشاركية مع المجتمع .
ولتحقيق ذلك لا بد من تبني ( النظرية النقاشية ) وديمقراطية المداولة وصولاً لبناء الدولة الحديثة القابلة للبقاء والإستمرار .
وعلى مستوى الأردن، جاءت مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، لإحداث نقلة نوعية في الحياة السياسية والبرلمانية، وصولاً لدولة وطنية ديمقراطية حديثة، وإعتماد الحزبية كنمط في إدارة شؤون الدولة، وتم إقرار تشريعات على قانون الأحزاب والإنتخاب وتعديلات دستورية، لتحقيق هدف وطني كبير لمستقبل الأردن السياسي، نحو دولة وطنية ديمقراطية حديثة، أخذاً بالتدريج الذي لا يطول لتحقيق الأهداف المرجوة. وللأسف لم تؤطر هذه المخرجات بتشريعاتها النافذة في حوار نقاشي مجتمعي اردني على مستوى الدولة والمجتمع او على مستوى المكونات المجتمعية والمناطق، لتأخذ مساراً نحو التحوّل في أليات إدارة السلطة لمفهوم الدولة الأردنية الحديثة. فلا زال الإصرار قائماً على معادلات التقليد القديمة ونادي النخب المستهلكة شعبياً، ولا زالت ( النحن الخاصة ) غالبة على ( النحن الجامعة ) وكل ذلك على حساب الجامع الكبير { الوطن }
ونطرح تساؤل بعمق التحولات المنشودة، والتي جاءت من إرادة سياسية وطنية للملك لتلتقي مع إرادة الأردنيين، كنمودج ديمقراطي اردني متجدد نابع من الذات الوطنية الأردنية. هل هذه المخرجات للمنظومه السياسية ستقف عند حاجز التدوير للأشخاص تحت مسمى أحزاب، أم ستذهب لإعادة إنتاج الدولة بقيادات جديدة لجيل حاضر وأجيال مستقبلية ؟ وهل المجتمع دخل مرحلة التحول الثقافي الإنتخابي، من التمثيل الضيق وعلى أساس الوجاهة والفردية والمصالح الشخصية، للإنتقال إلى مرحلة الإنتخاب على أساس برامجي ووطني. ومن التمثيل الجغرافي إلى التمثيل الوطني السياسي ؟ وما هي مؤثرات هذا الانتقال على الاستقرار الإجتماعي والسياسي في البلاد ؟ وما هي آليات التمكين الحزبي والتوطين الحزبي على المستوى الجغرافي وبما يحقق ويخدم الاستقرار الإجتماعي وحضوره ومشاركته في برلمانات وحكومات حزبية برلمانية ؟ تلك جدلية قائمة ومطروحة لهوية الدولة السياسية التي يمثلها قانون الانتخابات النيابية ! وهذا يتطلب من الدولة الإجابة على سؤال جوهري، ما هي آليات توطين الحزبية على مستوى المناطق والمحافظات؟ وسؤال جوهري آخر، يُطرح على الخطة الاستراتيجية للدولة إن وجدت، ما هي نسبة التصويت المراد الوصول إليها في الانتخابات القادمة، وهي بمثابة استفتاء شعبي على منظومة التحديث السياسي ومستقبل الأردن السياسي، بركني الحكم البرلمانات والحكومات القادمة !
إنه تحدي كبير ما بين الكسوف للمشروع الوطني الملكي الإصلاحي، والتحول المجتمعي بالإستحابة للمشروع الملكي وفق آليات حديثة في إدارة شؤون الدولة بإعتماد نمط الحزبية البرامجية لمجتمع ينتمي إلى دولته الوطنية الديمقراطية الحديثة، وبما يحقق الرفاه ويصون الكرامة وهي غاية أي نظام حكم في التحولات العالمية على أشكال الدول وواجباتها وحقوق مواطينها.
ويبقى السؤال المطروح أمام اي خطة استراتيجية، ماذا لو ؟
وبحالة منظومة التحديث السياسي، السؤال الإستراتيجي، ماذا لو كانت نسبة التصويت دون ال ٥٠٪ ؟
القراءة التحليلية الأولية حتى الآن، تؤشر على غياب عقل الدولة بمستويات القرار الذي يدير مخرجات منظومة التحديث، بأن هناك غياباً واضحاً للإعتبار الأول بنجاح المنظومة وهي هيئة الناخبين “الشعب بمجموع افراده ومناطق تواجده ” وكأنه المخطط، إجراء الإنتخابات بمن حضر، دون إعتبار للمجتمع صاحب المصلحة الحقيقية بالتغير، والأصل أن يكون المستفيد الأول من التحول الديمقراطي بمنظومة التحديث السياسي، وليس نادي المناصب بالتدوير، والإبقاء على المرواحة عند فقدان الثقة ببرلمان وحكومات وإن تغير شكلها تحت مسمى أحزاب بديمقراطية هشه، وذلك على حساب التغير نحو ديمقراطية صلبة، يكون الشعب صاحب القرار في إدارة شؤون الدولة، وليتحمل مسؤولياته من خلال صناديق الإنتخاب بشرعية الدولة الدستورية ومؤسساتها .