منظومة اخلاقية مُنهارة………… مُجتمع يُعاني طفح جلدي اخلاقي
دكتورة مجد القبالين
دكتوراه علم اجتماع / علم الجريمة
مع الاحداث التي حصلت مؤخراً في الاردن من حوادث النوادي الليلية وعُنف مُجتمعي وحيازة واستخدام السلاح في الشوارع وعكس صورة التفاخُر بمن يمتلك السلاح ويستخدمه ، وحالات العُنف والضرب بأماكن عامة وعلى الملأ والتلفظ بألفاظ لا تليق بالقيم والاخلاق ، كل ذلك انعكاس ومؤشرات خطيرة لانهيار منظومة القيم الاخلاقية داخل المُجتمع الاردني وانعكاس لحالة الصراع التي يعيشها المُجتمع ، وهذا الصراع يأخذ اوجه عديدة الصراع بين القيم والمبادئ التي تربينا عليها وبين ما يحدث على ارض الواقع ، والصراع بين اصحاب النوادي الليلة والمُتنفذين داخل المُجتمع ، فعندما يكون هنالك 150 نادي ليلي في العاصمة عمان 23 نادي ليلي منها فقط مُرخصات بحسب تصريحات مُحافظة العاصمة عمان الا يضع هذا العدد الكبير من النوادي الليلة والتي اغلبها غير مُرخص تساؤلات عديدة تتمثل بمن يمتلك تلك النوادي الليلة ومن المُستفيد منها ؟ والنوادي التي تعمل دون تصريح كيف تعمل من الاساس وهل عملها قانوني ؟ وهل هُنالك رقابة على تلك النوادي الليلة ام لا …..
البعض يؤمن بالحُريات الفردية ويؤمن بالثقافات الفرعية ويقول من حق اي فرد ان يختار مكان اللهو والمرح وقضاء اوقات فراغه طالما انه لا يؤذي من حوله ، ولكن اذا كانت بعض تلك الثقافات الفرعية لا تحترم العُرف العام والعادات والتقاليد وتأخذ تصرُفاتها المنحى العنيف والمُتنمِر الذي يُهدِد استقرار المُجتمع بشكل قوي ويُهدد السلم المُجتمعي اليس جديراً بالجهات المعنية بأن تقوم بإغلاق تلك النوادي الليلة او على الاقل اغلاق كُل نادي ليلي لا يمتلك تصريحاً ووجود رقابة على تلك النوادي الليلة اليست الحُريات تنتهي عندما تبدأ حُرية الاخرين !
الحُريات الفردية لا يجب ان تكون على حساب العُرف العام والعادات والتقاليد واختراقها وترويع الافراد وتهديد امن واستقرار المُجتمع وسلمه فليس من المعقول احترام حُرية فرد او مجموعة افراد يضربون احد في الشارع ويتلفظون بألفاظ بذيئة دون احترام لملايين البشر الذين يعيشون في نفس المُجتمع ، فنحن بحاجة لإعادة توضيح مفهوم الحُريات الفردية وضبطها فحتى مُصطلح الحُريات الفردية اصبح معولماً ، فهُنالك فرق بين الحُرية الفردية والتمرُد والتمادي والتنمُر على المُجتمع واستقراره ، ولا يجب اختزال موضوع الحُريات الفردية الغير مضبوطة بالطبقة المُتنفذِة في المُجتمع التي تشتري حُريتها بالمال والجاه والمنصب .
واذا كان رواد تلك النوادي الليلة شباب وفتيات من الطبقة البرجوازية الذين يفتقر بعضهم بل الكثير منهم للقيم والمبادئ وتربوا على نمط الحياة الغربي المُنحرف منه خصوصاً فهل هذا يُمثل تصريح لهم استخدام السلاح وترويع افراد المُجتمع لامتلاكهم السُلطة والجاه ! وهل يعتبرون الوطن ملكاً لهم وباقي الافراد عبيداً ولهُم حُرية التصرُف بشكل كامل.
فاين دور القانون وسيادته في ضبط تلك السلوكيات التي لا تتوافق مع القيم والمبادئ ! والمُجتمع الاردني كمُجتمع عشائري مُحافِظ بالرغم من تأثره بشكل كبير بالعولمة بكافة جوانبها …… العولمة الاقتصادية ، والاجتماعية الا انه لا يزال مصبوغ بالصبغة العشائرية ، فلقد كان السلاح قديماً يُستخدم للشعور بالأمان اما الان فاصبح يُستخدم للتنمُر على المُجتمع والترهيب لهم ، فحتى الصورة النمطية لحيازة السلاح تغيرت للأسوأ واصبح السلاح يُستخدم للتباهي والتفاخُر والترويع ولفت الانظار .
وفي الختام…………………
ان كل ما حصل ويحصل مؤخراً في مُجتمعا يتطلب وقفة جادة من الجهات الامنية والعاملين بتطبيق القانون بضرورة تطبيق سيادة القانون وفرض هيبته على الجميع مهما كانت مكانته ومنزلته وضرورة اعادة النظر بالمادة الاعلامية المُقدمة للجمهور المُتلقي والتي تُشجِع على العُنف واستخدام السلاح لأهداف غير مشروعة.
“فمن امن العقاب اساء الادب”.