منخفض تحليلات …/ محمد خازر المجالي

منخفض تحليلات ….
في السابق كان يكفي من رجل عجوز في الثمانين من عمره أن ينظر إلى السماء لدقائق قليلة عبر خمالة وضباب ع دسات نظارته،نحو غيمة تدعي المطر،وأخذ جرعة دخان متأنية من غليونه ليقرر إذا كانت الدنيا (شتايه) أو تحمل معها منخفض ثلجي قادم،فهو لا يعرف ماذا يعني منخفض قبرصي او اطلسي المركز في سواد بحر العرب،غير قلبه الذي يخفق بالحب،فهو لم يعرف في حياته أي إتجاه حزبي ونقابي غير قبلة سجادة الصلاة وطقم أسنان يعاند مضغ قساوة الظروف،لكنه قي قرارة نفسه هنالك مواسم فرح بأن هذا العام (غلال) وابنه الأصغر “عواد” أخيراً سيتزوح ….
كانت النشرة الجوية أكثر صدقاً ووضوحاً من قرارات الحكومة الخماسينية،ومؤشر الطقس على اللوحة له كيان وهيبة تحذير،لم نكن نفقد التركيز لحظة قراءة الطوارئ على وجه “حسين المومني” وربطة عنقه التي لم يستطيع تحركيها أي تأثير إعصار،غير أننا شعب فقد الثقة بالإتجاهات،إلا التركيز المطول على (سحاب) تنورة مذيعة النشرة الجوية على قناة ال (LBC) المصحوب بإرتفاع حرارة الطلاق …
تعودنا الآن عندما يخرج علينا واحداً من باقة الراصدين الجدد على شاشة التلفاز وهو يرتدي الكوفية الأردنية على رأسه أو وزير الأشغال العامة،أن نصاب في الذعر، حتى الكوفية أصبحت شريكاً في إنتاج الخوف،لندرك فوراً بأن الوضع (خربان) وأنه بات من الضروري حشد الهمة أمام المخابز والانتقام من “القرشلة” .. لماذا يشعروننا بأننا نعيش في الربع الخالي وبأهمية “سوس” الطحين؟ لماذا يعتبرون بأن الثلج حدث كوني مدمر؟ أقلها ستغيب عنا رؤية الحفر في الشوارع لفترة،لماذا نصبح رهن سذاجة تحليل الخرائط الجوية؟لا يعقل بأننا اصبحنا جميعاً شعب إلى هذه الدرجة (فافي) … !!

ليتها تعود تلك الأيام عندما كان باكيت الشمع أهم بكثير من (البطاطا الحلوة) واحتياط الكاز في (البنانير) يعد مخزون إستراتيجي، ورائحة (السنا) المتصاعد منها يساعدنا على النوم مبكراً ،وإنقطاع الكهرباء الدائم عبارة عن أجواء خلوة رومانسية مناسبة للإنجاب،وسقوط الماء من خلال (المزراب) لحن وطني للربيع،وصوت (الكريك) على أسطح المنازل يلفت إنتباه بنات الجيران من شدة الذوبان في العمل البطولي، وتقاذف كرات الثلج المحشوة “بدمس” (حجر) لعبة تخلو من الدم … كانت نشرة واحدة تجمعنا حول (الصوبة) وصحن زيت وزعتر ورغيف خبز (مقحمش) والكثير من بطانيات الجيش … تخلو من كذب المحللين الذين كثر عددهم وقلة البركة معهم …..

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى